داعش يتداعى.. بقلم:مصطفى محمود النعسان

داعش يتداعى.. بقلم:مصطفى محمود النعسان

تحليل وآراء

الاثنين، ١٥ أكتوبر ٢٠١٨

لا نتحدث هنا عن الهزائم التي مني بها تنظيم داعش في سورية ولا في العراق حيث لم يبق له سوى جيوب صغيرة هنا وهناك في البوادي والصحراء ولكن نتحدث عن الشرخ الكبير في صفوف هذا التنظيم الإرهابي وما يعتريه من خلافات فكرية عميقة بين جناحيه «الحازميون » والـ«بن عليون» نسبة إلى اثنين من قيادييه الكبار اللذين لقيا مصرعهما في المعارك.
ورغم الخلافات الكبيرة بين هذين التيارين إلا أنهما وجهان لعملة واحدة حيث سياسة قطع الرؤوس وسبي النساء وممارسات ما يسمى القضاة لديهم فيما يتصل بتزويج مقاتليهم من نساء تابعات للتنظيم قبل انقضاء عدتهن ما يمثل مخالفة كبرى للعقيدة الإسلامية الذين يدعون الانتماء إليها والحرص على تطبيق تعاليمها.
إن داعش يأكل نفسه من الداخل ودليل ذلك الأوامر التي أصدرها قائده أبو بكر البغدادي القاضية بتصفية ثلاثمئة وعشرين من أتباعه بينهم مفاصل قيادية مهمة وذلك بتهمة الخيانة، والحق أن التنظيم مخترق من استخبارات أميركية وغربية وما سوى ذاك وما يؤكد هذا ما نقلته وكالة «سانا» مرات ومرات عن شهود عيان في مناطق دير الزور والحسكة وغيرهما حيث قامت الطائرات الأميركية بنقل عناصر هذا التنظيم من أماكن هزائمهم إلى أماكن مجهولة وذلك في وضح النهار.
الحق أيضاً أن هذه الأوامر التي أصدرها البغدادي ألقت بظلالها على بنية التنظيم الداخلية وبثت الذعر في صفوف مقاتليه، قيادات وأفراداً، لذلك آثر بعضهم الهزيمة والفرار قبل أن تطوله أوامر أخرى آتية لا محالة بل أشارت إليها قيادة التنظيم صراحة وهذا شكل ولون من ألوان «الحطبنة» والحمق والغباء الذي يتحكم في عقول مقاتليه وقياداته، وإذا كان هذا سلوك من ينتمون إلى التنظيم وقاتلوا في صفوفه سنين طوالاً فبالتأكيد سيقطع هذا الخلاف الكبير الذي دب في جنباته، الطريق على الكثيرين الذين استهواهم هذا الفكر المتطرف وأعجبوا به ليغيروا رأيهم ويمتنعوا عن التورط بالانخراط فيه والنأي بأنفسهم عن مخاطره وغدره، ما يؤكد أن التنظيم يتداعى وأصبح غير قادر على استقطاب دماء جديدة تضمن له الاستمرار والبقاء بل أصبح غير قادر على تنظيم حياته الداخلية، وهذا في الواقع أخطر بكثير من الهزائم التي مني ويمنى بها في جبهات القتال، ذلك أن الجسد الذي يفقد مناعته الداخلية يكون الأمر أخطر عليه بكثير مما ينتابه من ضربات ولكمات من هذا الطرف أو ذاك.
الهزيمة من الداخل أخطر بكثير من هزيمة الخارج، وأن يأكل داعش نفسه نتيجة طبيعية ومنطقية وصحيحة لتنظيم يحمل فكراً مريضاً غير صحي يرفضه الدين الحنيف الذي يدعي أنه حامي حماه والمدافع عنه والناطق باسمه والدين من سلوكه براء.