هل حقق "اتفاق سوتشي" الأمن والسلام في سورية؟!.. بقلم: أبو رضا صالح

هل حقق "اتفاق سوتشي" الأمن والسلام في سورية؟!.. بقلم: أبو رضا صالح

تحليل وآراء

الأحد، ٢٣ سبتمبر ٢٠١٨

بالرغم من انعقاد قمة سوتشي الاخيرة، إلا أن الشواهد والقرائن الموجودة تؤكد أن الأحداث التي تلت تلك القمة، تحبط أي أمل في عودة الأمن والهدوء لسوريا.
فالقمة التي عقدت بين سوريا ممثلة بالرئيس الروسي، وما تبقى من الجماعات المسلحة والمعارضة السورية في ادلب ممثلة بالرئيس التركي، وفي وقتها تم الإعلان عن الترحيب بها، أبقت ملف الجماعات الأرهابية مفتوحا في ادلب، ليتمكن اللاعبين الدوليين من الاستمرار بدورهم ومؤامراتهم المحتملة، على ادلب، وسوريا بأسرها، ما يستوجب على سورية وحلفائها البقاء على اهبة الاستعداد والحذر التام. واليكم بعض الشواهد المؤيدة لهذا التحليل:
اولا:- بالرغم من ان قمة سوتشي أفشلت المزاعم الغربية - الأمريكية في إحتمال استخدام الحكومة السورية الاسلحة الكيمياوية لإستعادة ادلب، إلا أن ذلك لم يكن نهاية المطاف. فقبل يومين صرح "كاترين مارشي" احد القضاة الفرنسيين أنه سيعلن نتائج التحقيقين الدوليين بشأن استخدام الحكومة السورية اسلحة كيماوية ضد المعارضة والجماعات المسلحة، قبل نهاية العام(الميلادي) الجاري. هذا الإعلان يؤكد ان الاوساط الغربية لم تكف عن التحضير للمؤامرات، و طرح المزاعم ضد الحكومة السورية. ومن الطبيعي ان استمرار حضور الجماعات المسلحة في ادلب(بشقيها الإرهابي والمعارض) يبقي الباب مفتوحا امام زعزعة امن واستقرار البلاد من قبل الدول الغربية والطامعة في سوريا وثرواتها. كما أن التصريح العام الذي ادلى به القاضي الفرنسي، وإمتناعه عن تقديم التفاصيل، وإبقاء الملفات مفتوحة، يأتي في إطار أهداف منشودة وغير معلنة.
ثانيا:- بعيد إنتهاء قمة سوتشي نفذ كيان الاحتلال الاسرائيلي هجمات على سوريا، واستهدف طائرة استخبارات عسكرية روسية واسقطها وقتل كل طاقمها اضافة الى خمسة عشر ضابطا عسكريا كانوا على متنها، ناهيك عن اعترافه بتنفيذ أكثر من 200 إعتداء جوي وصاروخي، زاعما انها كانت على اهداف سورية وايرانية على الارض السورية. والأكثر من ذلك ان الكيان صرح وبكل وقاحة ان اسقاط الطائرة الروسية جاء نتيجة إهمال روسيا للتواجد الايراني على الارض السورية، وانه لن يألو جهدا في مواصلة الهجمات العسكرية مازال لإيران حضورا على الساحة السورية.
وبعيدا عن نجاح كيان الإحتلال الاسرائيلي في تنفيذ تهديداته، إلا ان واقع الأمر يؤكد ان مثل هذه المواقف والهجمات الاسرائيلية لن تنتهي حتى مع إغلاق ملف ادلب. لكن ما يجب التأكيد عليه ان حضور المستشارين الايرانيين جاء بطلب من الحكومة الشرعية لسوريا، وسيبقون على ارضها حتى استتباب الامن والسلام فيها. ومما لاشك فيه ان مشكلة الكيان الاسرائيلي المحتل مع بقاء المستشارين الايرانيين في سوريا لايقتصر على حضورهم والقوات الحليفة لهم على الارض السورية، بل ان هذا الحضور هو في الحقيقة يجسد ترسيخ الامن والإستقرار فيها، ما يمكن إعتباره تهديدا لأمن الكيان المحتل.
ثالثا:- ان الحضور الامريكي في شمال شرق سوريا وتدعيم قواعدها العسكرية في هذه المنطقة المفعمة بالثروات الطبيعية، وابقاء الجماعات المسلحة في ادلب حتى لوكانت ارهابية، في الحقيقة يؤكد سيكون لهذه الجماعات التي ستنوب كل جماعة منها، عن بلد بعينه على الارض السورية، ليبقى أعداء الأمس بصورة اصدقاء اليوم، على الارض السورية ويكون لهم موطئ قدم في إعادة بناء سوريا، وهذا ما سيجعل أمن الجمهورية العربية السورية امام مأزق حقيقي. وحتى لو لم تكن كل هذه القضايا ولم تجر على الارض السورية، يكفي لسوريا أن الغرب وحليفاته الرجعيات في المنطقة، كانوا بالأمس ينظرون اليها بعين الاستحقار والاستصغار، وقد فرضوا عليها حربا مدمرة إستمرت لسبع سنوات، وإن حقدهم لن ينتهي إزاء سوريا بعد. وفي الحقيقة ان الهزيمة المريرة التي لحقت بهم هي الدليل الاول على إستمرار عدائهم لسوريا هذه الايام، الامر الذي سيستمر في الاسابيع والأشهر وحتى الأعوام القادمة على نفس الوتيرة.