غياب العلاقات العامة.. مأساة مؤسساتية!؟ .. بقلم: سامر يحيى

غياب العلاقات العامة.. مأساة مؤسساتية!؟ .. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأحد، ١٦ سبتمبر ٢٠١٨

 التخطيط أولى وأهم خطوات الإدارة الصحيّة، ومنهج إنساني للعمل يهدف لاتخاذ القرار في الحاضر بما ينعكس على المستقبل، مستفيداً من الماضي، بإيجابياته وسلبياته، منطلقاً من الموارد المتاحة والإمكانيات المتوفرة والظروف المحيطة.  
 والتخطيط أيضاً أساس الحياة الاجتماعية، فالغالبية العظمى عندما تنهض من نومها تبدأ بالتفكير كيف ستقضي يومها، والقيام بأداء المهام المطلوبة منها، ضمن نظام الحياة الروتيني. إذاً التخطيط السليم سرّ نجاح الحياة، فكيف بالمؤسسة الملقاة على كاهلها مسؤولية كبرى، وتستند لقواعد وهيكلية ونظامٌ داخلي، وأهداف آنية ومستقبلية، وأقسام تتولى المسؤوليات الجزئية لتلك المهام والأهداف، مما يجعل من التخطيط السليم والمنطقي نجاحاً مضاعفاً للعمل المؤسساتي، لا سيما إذا استفدنا من الماضي منطلقين من الحاضر، لإنجاح المهام المستقبلية، واضعين نصب أعيننا ما سيعترضنا من تحديّات وتسهيلات وصعوبات وحجم النجاح الذي نحتاجه ... إلى ما هنالك. وهنا تأتي أهمية تفعيل دائرة العلاقات العامة، بما يساهم بجسر الهوة بين المؤسسة والمهام المنوطة بها والمجتمع الموجّهة إليه، ما يؤدي لسد الذرائع والثغرات، ويعفي المسؤول من تقديم الأعذار والتبرير والاعتذار، ويساهم بتفعيل الأداء المؤسساتي والتشاركي مع المؤسسات الأخرى وأبناء المجتمع، إنّه النقاش والحوار وإشراك كل المتخصصين بالموضوع والعاملين بالمؤسسة مهما كانت مرتبتهم، والتواصل والنقاش والحوار مع المؤسسات المتداخلة والمتشاركة والمتقاطعة وحتى المتضررة، للخروج بالصيغة الأمثل والنجاح الأكبر والقضاء على الهدر ومضاعفة الإنتاج. 
 إن الأخطاء والعثرات التي نتعرّض لها لدى كلّ فعالية، واضطرار المسؤول للاعتذار أو التبرير أو التجاهل، وفي كلا الحالين نوسّع الفجوة بين المؤسسة والجمهور ونقضي على النجاح الذي يمكن حصاده، يمكن معالجتها عبر المتابعة الجدية والدراسة المنطقية، لا الرمزية الشكلية، فنحن دولة مؤسسات، ولدينا خبرات، ولا تكاد مؤسسة إلا وقد أوفد أحد موظّفيها لمؤتمرٍ أو اجتماعٍ أو ندوة أو دورة علمية، أو كان موفداً للدراسة، أو اطلع وقرأ ويدّعي الخبرة والمعرفة، فلم لا يتم الاستفادة من الجهود جميعها بعيداً عن الأنانية والمصلحية الضيقة المتناقضة مع مصلحة الوطن، بل المدمّرة للمؤسسة والوطن. 
  جميعنا ننتقد ولكن النادر من يقوم بالدراسة الجدية والتحضير البنّاء، نعترف بالخطأ ولا نبدأ بالعلاج لكسب الوقت والبدء الجدي، نؤجّل كل الموضوعات ضمن برنامج زمني يمتدّ سنوات طويلة، رغم أنّه لا يحتاج أياماً قليلة، متذرّعين بالنجاح المستقبلي والآني الطبيعي متجاهلين سيرورة الحياة، والفرق بينها وبين النجاح الحقيقي الذي يأتي من خلال العمل، فهل أنا عندما أقوم بالمهام المنوطة بي والدور الملقى على كاهلي، سأحتاج لوساطة من أحد لتسيير أموره، أو ستقدّم ضدي شكوى لعدم قدرتي على تقديم الخدمة في الوقت المناسب، أو عدم تفعيل دور المؤسسة، إذاً مجرّد وجود شكوى مهما كانت الظروف هو فشل المسؤول، ولا يجدي الاعتذار ولا المبررات، وكما نقول دائماً رغم كل المؤامرة وحجمها ومشاركة الفساد والإرهاب فيها، استطاع الجيش السوري إثبات قدرته على تطهير التراب من رجس الإرهاب، فماذا استطاع من وراء المكاتب العمل عليه.. 
 أي عمل مفترضٌ أن تقوم به المؤسسة مجدولاً ومعروفاً قبل فترة زمنية كافية، لا سيّما المعارض والمهرجانات والمؤتمرات الدورية، مما يسهّل دراسة كل أبعاد الفعالية، حضور المشاركين فيها، توقّع المشكلات التي قد تعترضها، ما تتطلّبه من خدمات لإثبات النجاح والخروج بالحد الأعلى من النتائج بالبناء، والحد الأدنى أو القضاء على مبررات الفشل أو النقد، والمتابعة الجدية للجوهر والمضمون، كما الأخذ بعين الاعتبار الشكل الخارجي والمظهر، لأن نجاح المظهر جزءاً هاماً وأساسياً من نقاء الجوهر، وبالتالي نتمكّن من استقطاب الشريحة الأوسع إن لم نقل كل الشرائح، إلا من أراد إقصاء نفسه، أو لديه نواياً مسبقة وسلبية ضد الوطن وأبنائه بذرائع خلّبية تنفيذاً لأوامر مشغّليه. 
  قدسية الوقت أساس نجاح أي فكرة، ودور دائرة العلاقات العامة القيام بالبحث فيها بكل تفاصيلها لتكون في الوقت والوضع والزمان المناسبين، فعلى سبيل المثال، فكرة تسيير رحلات مجانية بين معرض دمشق الدولي ومدينة دمشق، مع أنّ الهدف الأساس لمعرض دمشق الدولي هو التعريف بالمنتجات السورية وعكس الوجه السوري الحضاري للخارج، وعقد الصفقات وتشجيع تصدير المنتج السوري، وتفعيل اللقاء بين كبار رجال الأعمال والمصدّرين مع نظرائهم في الدول الأخرى، والاستفادة من خبرات الآخرين. تم تخصيص نقلٍ مجاني للمواطن العادي، هنا التساؤل المطروح، أليس الأجدر أن تبحث هذا الموضوع وزارة السياحة بالتعاون مع الشركات السياحية والمطاعم والفنادق المنتشرة في أصقاع سوريتنا، من أجل تشجيع السياحة الداخلية، بتخصيص نقلٍ مجاني أو شبه مجاني إلى المقاصد السياحية، مما يساهم بتفعيل السياحة الداخلية، وتحقيق الترابط والتعاون والمحبة والتعارف بين أبناء البلد، ويتعرّف المواطن على تراث وآثار وطبيعة بلده، بما يعزّز الانتماء الوطني والتفاعل الشامل لنسيج المجتمع، مستفيدين من كل ما يمكن الاستفادة منه للوصول لهذه المناطق. 
  عملية إعادة الإعمار تحتاج من كلٍ منا التفكير كيف ستكون هذه العملية، كيفية البدء، لتكون المؤسسات خلية عمل، عندها لا حاجة لأحد باستثناء، ولا التواكل، بل سينهض المجتمع بجهود كلّ أبنائه، نقضي على التقوقع ونحقق التشاركية بين كافّة المؤسسات الحكومية، فجميع تلك المؤسسات هدفها الأساس استكمال النهوض وبناء الوطن، والعائد المادّي لها يصب لمصلحة كل مواطنٍ ضد استثناء، ورفع الدخل القومي، بعيداً عن الشخصنة والمصلحية الشخصية، والتنافس السلبي، أو التجاهل، بل التعاون والتشارك يسهّل عملية البناء وتوفير الكثير من الجهد والوقت والمال وتقديم الخدمات بالشكل الأمثل والأكبر، لكي نرقى لجزءٍ مما منحنا إياه الوطن من منحنا من شرف حمل لقب "مواطن عربي سوري".