إدلب والانعكاسات الدولية.. ماذا في الافق؟

إدلب والانعكاسات الدولية.. ماذا في الافق؟

تحليل وآراء

السبت، ١٥ سبتمبر ٢٠١٨

تمر منطقة الشرق الاوسط اليوم في اسوأ مراحل الصراع الذي بدأ منذ 7 عقود مع زرع الغدة السرطانية "اسرائيل" فيها، ثم تأجيج الحروب الطائفية لمصلحة الكيان الاسرائيلي ودخول قطبي السياسة العالمية في سوريا، اللذين وصلت علاقاتهما الى ادنى نقطة انكفاء يمكن الوصول اليها، ما ينذر الوضع بانفجار حرب لا تحمد عقباها ربما تصل شظايها جميع بلدان العالم.
شهدت العلاقات بين روسيا و(اميركا وكندا و16 دولة من الاتحاد الأوروبي) في نيسان/أبريل الماضي، ازمة دبلوماسية اسفر عنها طرد عدد من الدبلوماسيين الروس من اراضي الولايات المتحدة واغلاق القنصلية العامة الروسية في سياتل اثر تسمم عقيد سابق في الاستخبارات العسكرية الروسية "سيرغي سكريبال" في بريطانيا.
في المقابل، استدعت الخارجية الروسية، في وقت سابق، السفير الأميركي جون هانتسمان، وتم إبلاغه بأنه بناء على مبدأ المعاملة بالمثل، هناك 58 موظفا في السفارة الأميركية في موسكو و2 من موظفي القنصلية العامة للولايات المتحدة في يكاترينبورغ"، هم أشخاص غير مرغوب بهم "لأنشطة تتعارض مع الوضع الدبلوماسي" ويجب عليهم مغادرة البلاد قبل 5 نيسان/أبريل 2018"، ذلك، بالإضافة إلى إغلاق القنصلية العامة للولايات المتحدة في سان بطرسبورغ وإخلائها قبل 31 آذار/مارس 2018.
الاسباب والنتائج..
يقول سفير روسيا في الولايات المتحدة "أناتولي أنطونوف"، أن سوء العلاقة بين روسيا والولايات المتحدة الاميركية لا يضر بهما فحسب، بل وبالعالم بأسره، مشيرا الى ان العلاقات الروسية الأميركية تمر بأدنى نقطة في تاريخها، وان ذلك "أمر غير طبيعي، ويتناقض مع المصالح القومية للبلدين، ومصالح العالم بأسره"، معربا عن "أمل بلاده في استئناف الحوار مع واشنطن حول قضايا الاستقرار الاستراتيجي".
 علل أنطونيوف التعنت الاميركي في عدم الاصغاء لما اسماها بـ"المقترحات الروسية الملموسة لتصحيح العلاقات الثنائية والانخراط في التعاون العملي"، بان موقف الرئيس الاميركي دونالد ترامب يبقى رهينة للصراعات السياسية الداخلية في الولايات المتحدة، لاسيما في ظل حملة الانتخابات النصفية في الكونغرس، حيث تتبادل الأطراف المعنية الاتهامات المعادية لروسيا.
ملفات مؤجلة..
في افق العلاقات الروسية الاميركية ملفات استراتيجية باتت مؤجلة اليوم لما بعد الانتخابات النصفية في الكونغرس الاميركي منها الاستقرار الاستراتيجي ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل وما يتعلق منها بأهم معاهدات نزع السلاح  وهي معاهدة ستارت الجديدة ومعاهدة إزالة الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى، إضافة إلى مسألة نشر منظومة الدفاع الصاروخي العالمية وتجنب نشر السلاح في الفضاء.
غير ان الصراعات الداخلية في الولايات المتحدة دفعت الرئيس الاميركي للتصعيد في مكان اخر خارج بلاده من اجل حماية الغدة السرطانية "اسرائيل" وكسب ود وأصوات وثقل اللوبي الصهيوني في بلاده، لكن طيشه هذا سيودي بحياته السياسية في آخر المطاف كما يؤدي حتما الى خروجه من البيت الابيض قبل ان تطأ قدمه دورة ثانية للحكم.
لماذا؟
لا يشك احد في ان التواجد الاميركي في سوريا وعموم المنطقة هو للدفاع عن المصالح الاميركية وبالدرجة الاولى عن أمن وبقاء الكيان الاسرائيلي لانه جزء لا يتجزأ عن كونه الضامن لبقاء المصالح الاميركية، وان ما سيشكله تحرير ادلب من ورقة الارهاب الخاسرة المتهرئة المدعومة عربيا (خليجيا واردنيا) واقليميا من قبل (تركيا والكيان الاسرائيلي) هو قلب لموازين القوى الاقليمية راسا على عقب، ما يربك بدوره موازين القوى الدولية.
ولا شك ايضا ان المواجهة في سوريا بين الجيش السوري والمسلحين المدعومين اميركيا وتركيا، تعني اشعال فتيل حرب بين روسيا التي تحرص على تفريغ اداب من كل اشكال الارهاب وبين الولايات المتحدة التي عززت تواجد جنودها وجنود حلفائها في الناتو.. مواجهة قد تتسع الى ان تكون مفتوحة بين روسيا وحلفائها ضد الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو ومنهم بريطانيا وفرنسا والمانيا.
هذا في القراءة الاولية لتطورات المنطقة، غير ان هناك منغصات داخلية للولايات المتحدة قد تدفعها لارجاء اي مواجهة عسكرية في سوريا قد تتطور لمواجهة عالمية مع روسيا وحلفائها، اذ ان الوضع الداخلي في الولايات المتحدة بات اليوم حرجا جدا بعد حربي أفغانستان والعراق ولا يتحمل ولن يطيق حربا جديدة تُزهق فيها ارواح الاميركيين دفاعا عن الغدة السرطانية "اسرائيل".
تحرير ادلب.. قرار لا رجعة عنه.. 
اعتبر الباحث السياسي مخايل عوض، ان معركة ادلب مهمة لانها مفصلية وتنهي تواجد الجماعات الارهابية وتضع اللمسات الاخيرة على انتصار سوريا وحلفائها وان كلمة الفصل لتحرير ادلب هي للجيش السوري وحلفائه، وان قرار تحرير ادلب قد اتخذ وليس هناك اي احتمال لتعطيل العملية العسكرية ايا كانت الاثمان، وان محور المقاومة (سوريا وحلفاؤها) مع روسيا خاضوا معارك اعقد من معارك ادلب وان معركة ادلب اسهل بكثير من معارك جبهة درعا والقنيطرة، حيث المنطقة الخطرة واحتمالية الاشتباك، وتواجد كيان الاحتلال الاسرائيلي وقاعدة التنف الاميركية ودول الخليج (الفارسي) والاردن ودوره من خلال غرف الموك والخ..
الى ذلك، يرى خبير الشرق الأوسط في جامعة "ليون الثانية" فابريس بالانش، أن "احتجاجات الدول الغربية والأمم المتحدة ليس لها أي تأثير لأن دمشق وروسيا وإيران تريد الانتهاء من جيب إدلب"، مضيفا أن "ثمة الكثير من الضجيج من جانب الغربيين للتعبير عن استيائهم حيال انتصار النظام والروس المتوقع… لكنهم لن يفعلوا شيئا".
كما نقلت وكالة "فرانس برس" عن أحد الدبلوماسيين الأوروبيين المطلعين على الملف السوري، قوله في هذا الشأن: "لا يمكن أن نشكل ثقلا عسكريا عبر أسلحة كلاشينكوف أو طائرات. لن نخوض غمار الحرب (في إدلب)! وسائلنا هي أولا الضغط السياسي".
تحليل منطقي يُمَكِنُنا من القول ان الحرب التي ابدعت في ادارتها سوريا وحلفاؤها عسكريا وواصلت دمشق باقتدار تام تنظيف مدنها الواحدة تلو الاخرى من ايدي الارهابيين ومشغليهم من حكام الدول الخليجية العربية وتركيا والكيان الاسرائيلي والولايات المتحدة وعموم الدول الغربية، لن تعصى عليها ادلب وريفها، وما الزعيق الذي يطلقه مشغلو العناصر الارهابية الا هواء في شبك لن يثمر عن تاجيل التحرير الذي بات قاب قوسين او ادنى بعد ان اتخذت سوريا قرار التحرير الوشيك مع حذف اي احتمال لتعطيل العملية العسكرية ايا كانت الاثمان، وذلك ما أكده الرئيس السوري بشار الاسد ووزير خارجيته وكررها الاعلام السوري.
ش