نتنياهو وترامب السعودية والحرب.. بقلم:تحسين الحلبي

نتنياهو وترامب السعودية والحرب.. بقلم:تحسين الحلبي

تحليل وآراء

الأحد، ٢٩ يوليو ٢٠١٨

لم تستطع قيادة كيان الاحتلال منذ الإعلان عن إسرائيل حتى الآن أن تجر أي دولة عربية أو إسلامية إلى حرب مشتركة معها ضد بلد عربي أو إسلامي في منطقة الشرق الأوسط حتى بعد أن وقعت مع بعض الدول على اتفاقات سلام أو تمثيل سياسي، وكان أكثر ما تستطيع تحقيقه هو توتير النزاع بين هذه الدولة أو تلك من خلال أجهزتها الأمنية وصب زيتها على نار أي نزاع داخلي أو خارجي يطرأ في بعض الدول وهذا ما وضعته على أولويات جدول عملها حين بدأت أحداث ما يسمى الربيع العربي والحرب على سورية.
في هذه الأوقات بدأت إسرائيل تعتقد أنه أصبح في مقدورها جر بعض الدول العربية إلى مشاركتها بحرب على إيران بشكل خاص وغيرها إذا تطلبت المصالح الإسرائيلية بشكل عام ولذلك بدأت تكثف بموافقة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب جهودها السياسية التحريضية لجر السعودية بشكل خاص إلى مثل هذا السيناريو غير المسبوق في المنطقة.
جاء في دراسة أعدها الباحث في مركز «بيغين السادات للدراسات الإستراتيجية» أيدي كوهين ونشرها في 20 تموز الجاري: إن «العلاقات بين إسرائيل والسعودية شهدت منذ عام 2015 صلات متزايدة بدأت تصل إلى مستويات عليا جديدة في السنتين الماضيتين على خلفية تحديد إيران عدواً مشتركاً لهما».
ويضيف كوهين: إن الرياض لم تستطع ضم دول عربية كثيرة إلى إطار هذه العلاقات وبرنامجها ضد إيران فقد تمكنت دولة صغيرة مثل قطر من التمرد على السياسة السعودية ضد إيران بتشجيع تركي، وأصبح معسكر نادي الدول الصديقة للولايات المتحدة منقسماً بين معسكرين أحدهما يضم السعودية والإمارات بشكل وثيق والآخر يضم تركيا وقطر.
ويشكك كوهين في قدرة العائلة المالكة على تحمل نتائج سياسة التقارب التي تتبعها تجاه إسرائيل وخصوصاً في هذه المرحلة التي بدأ فيها ولي العهد سياسة انفتاح متدرج وداخلي، قسم الجمهور السعودي إلى معسكرين أيضاً أحدهما يريد التمسك بالسياسة المحافظة على الوهابية التقليدية السلفية وآخر يريد إجراء تعديلات على القوانين المتشددة التي استمدت منها في تحديد العلاقات الاجتماعية ودور مؤسساتها الوهابية.
يبدو أن المجتمع السعودي سيدفع ثمن هذا الانقسام على المستوى السياسي أيضاً فإسرائيل كما يقول كوهين تخشى من تزايد المواقف المعادية لها عند المعارضين الجدد لابن سلمان وسياسته، وفي واقع الأمر تسببت سياسة ابن سلمان بأضرار لمصالح نسبة كبيرة من رجال الدين السعودي التقليديين الذين خدموا آل ـسعود تاريخيا وربما يلجؤون الآن إلى توجيه انتقاداتهم نحو سياسة التقارب التي تتبناها العائلة المالكة اتجاه إسرائيل وليس باتجاه انتقاد الإصلاحات التي تمس المذهب الوهابي رغم غضبهم منها.
من الجانب الآخر بدأت إسرائيل تعد نفسها لاستغلال الظروف السعودية لجر العائلة المالكة نحو تصعيد حملتها التحريضية على إيران تمهيداً لجرها نحو اشتباك عسكري سعودي إيراني لا تشارك فيه إسرائيل إلا في الوقت الذي تختار ومن خلال هذا السيناريو تكون إسرائيل قد شكلت جبهة حرب مشتركة سعودية إسرائيلية لأول مرة في تاريخ المنطقة.
«مركز هيرتسيليا الإسرائيلي للدراسات حول الشرق الأوسط» يرى بعد عرض نتائج حوار حول طاولة مستديرة في بداية عام 2018 أداره العقيد السابق في قسم التخطيط في الأركان الإسرائيلية شاؤول شاي أن القيادة الإسرائيلية أدركت أن أي تحالف مع السعودية لن يطول وأن إسرائيل يجب أن تستغل السعودية لدفع دول عربية نحو التطبيع ولإنهاء القضية الفلسطينية بموجب الحل الإسرائيلي، وهذه هي المصلحة الإستراتيجية من التقارب مع السعودية، أما موضوع إيران فإسرائيل تدرك أن من مصلحتها أن تنأى بنفسها عن حرب مباشرة مع إيران ولتترك السعودية تقوم بهذه المهمة وعند ذلك تتحقق المصلحة الإسرائيلية على غرار الحرب العراقية الإيرانية التي دمرت قدرات الجانبين منذ عام 1980 حتى عام 1988.
يبدو أن هذا ما اتفق عليه ترامب مع رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، ووضع له مهمة زيادة تحريض ابن سلمان على إيران وإعطائه وعداً بمشاركة إسرائيل فيها لكي يشعر ابن سلمان أن حرباً كهذه على إيران قابلة لتحقيق النتائج التي يريدها.
هذا التفكير والسيناريو الذي يرسمه نتنياهو وترامب لابن سلمان لن يحمل معه في النهاية سوى الهزيمة الحاسمة للعائلة المالكة، لأن واشنطن لا يمكن أن تشارك بقواتها في حرب كهذه لا تثق بالانتصار فيها، ولأن إسرائيل تعرف النتيجة نفسها وتريد فقط استغلال السعودية لتصفية قضية فلسطين وتسخير أموالها لمصالحها.