تهاوت حجارة الدومينو جنوباً فهل تكون استراتيجية للشمال؟.. بقلم:محمد ح. الحاج

تهاوت حجارة الدومينو جنوباً فهل تكون استراتيجية للشمال؟.. بقلم:محمد ح. الحاج

تحليل وآراء

الخميس، ٥ يوليو ٢٠١٨

مساران متلازمان شكلاً استراتيجية عمل الجيش السوري في الجنوب عملية تحرير درعا وريفها وريف القنيطرة. الأول عمليات التطويق والقضاء على البؤر المسلحة الرافضة الاستسلام، والثاني عمليات المصالحة وتسليم الأسلحة وتجنيب البلدات الخراب وويلات الحرب. ومع ذلك تجمّع الصحف الخليجية الأعرابية على التهويل والنحيب على درعا وسكانها ونزوح العائلات وتشردها ولوم الحكومة الأردنية لإغلاقها الحدود.
 
تجمع الصحف الخليجية على الاعتراف بالشقاق والخلاف بين الفصائل العميلة. وهو خلاف ليس بجديد طالما الخلاف الأساس هو بين الدول المشغلة ولكل منها أهدافها. وأما الحركة الانزياحية المؤقتة للسكان من مكامن الخطورة إلى مناطق آمنة، فهي أمر عادي يسهل عمليات الجيش ويوفر له حرية الحركة ليتساقط العملاء بعد حرمانهم من الدروع البشرية، وعند تحرير المنطقة يعود السكان دون تأخير بمساعدة الجيش وتحت إشرافه.
 
الذين رفضوا التسوية من العملاء أيديهم ملوّثة، وليسوا أبرياء من دماء أهالي المنطقة وليس دماء الجيش فقط، لهذا لا يجرؤون على البقاء، لأن السكان لن يكونوا متسامحين وسيطالبون بتطبيق القانون بحقهم وهو حق شخصي لا يسقط بالتسوية إن لم يتنازل أصحاب الحقوق عن حقهم إفرادياً أو جماعياً.
 
استراتيجية التهويل الصهيو أميركي أسقطها الجيش السوري بعدم أخذها بالاعتبار وتجاهلها، واستعداده لمجابهتها في حال تنفيذ العدو وعيده. وهو ما لم يفعله. الأفضل كان انسحابه وإبلاغه الأدوات بسحب الغطاء عنهم وتركهم لمصيرهم كما يفعل الأميركي دائماً، العملاء أدوات للاستخدام مرة واحدة فقط، هم أشبه بالمناديل الورقية أو المحاقن الطبية البلاستيكية، مصيرها إلى حاويات القمامة. وهو الأمر الطبيعي، والمعهود في التعامل مع أي كان ضد مصلحة الوطن.
 
إطلاق التهديدات والتخوف الصادر عن حكومتي العدو الصهيوني والأردن لم ولن تشكلا عائقاً أمام تحرك الجيش السوري في تنفيذ قرار قيادته بتحرير آخر حبة تراب خطا عليها الإرهاب وسلبها حريتها. الجيش يستعيد مواقعه الثابتة والمعروفة قبلاً، ولم تعلن الحكومة السورية قبولها طلب حكومة العدو بالعودة إلى اتفاقية الفصل لعام 1974، حيث قام العدو منذ سنوات بالخروج عليها بعد أن قامت أدواته بخطف المراقبين في عملية إبعادهم عن خط وقف إطلاق النار، ثم ليقوم العدو بعمليات المساندة والتدخل وإمداد العصابات بما تحتاجه في عملية مشابهة لما كان في جنوب لبنان زمن سعد حداد وبعده لحد. واعتقاد العدو بقدرة هذه العصابات على إقامة جدار طيب وحزام أمني لقواته. رغم تجربته الفاشلة هناك.
 
لا شك في أن العدو الصهيوني لا يقف متفرجاً، وسيعمل بكل إمكاناته سراً على دفع أغلب العملاء والأدوات المرتبطين به للاستمرار في القتال، ورفض المصالحات وخداع هؤلاء بالقول إنه لم يتخلَّ عنهم وإن المشغل الأميركي سيفعل المثل بالتعاون مع الاردني والآخرين في غرفة العمليات!
 
اليوم يعترف العدو ومعه الولايات المتحدة بعدم القدرة على حماية أدواتهم وسقوط «الجدار الطيب» قبل استكماله. ويأتي الاعلان من الجانبين، العدو الصهيوني والجار الاردني، عن إغلاق الحدود بوجه الفارين من مواجهة الجيش السوري ليشكل درساً بالغ القسوة للمتعاملين الذين كانوا يجدون ملاذاً آمناً في أحضان العدو الصهيوني أو المتواطئ الأردني، وتبدو غير مضمونة مسامحة الحكومة لمن دخل المناطق المحتلة وتلقى الدعم والعلاج لقاء قتاله جيش الوطن خدمة للعدو.
 
العدو التركي يسابق الزمن، يعلن أنه لن يوافق على الخروج على اتفاقية خفض التوتر في إدلب والشمال السوري!.. فهل يلجأ الجيش التركي لمنع الجيش السوري من استعادة الأرض السورية بغرض فرض حمايته عليها وإقامة إدارة تابعة شبيهة بإدارة لواء الاسكندرون 1938 تمهيداً لضمها رغم إعلان أغلب القادة الأتراك حرصهم وضمانتهم مع الشركاء الإيراني والروسي لسلامة الجغرافيا والحدود الدولية للجمهورية السورية.
 
الماكينة التحريرية للجيش انطلقت بأقصى قوة ولن تتوقف حتى إنجاز المهمة كاملة واستعادة آخر نقطة ومخفر حدودي بكافة الاتجاهات والقضاء على العصابات الإرهابية في أي مكان تتحصّن فيه ورغماً عن أية قوة داعمة لهم. هذا الجيش يستند إلى موقف شعبي موحّد، وحيث يلتحق أبناء المناطق المحرّرة بصفوفه وكلهم إيمان بالتحرير تدفعهم عزيمة وطنية وثقة غير محدودة بقيادته وقراراتها. وهؤلاء سيكونون الرافد الأكبر لتحقيق النصر الموعود.
 
عصابات الشمال المتناحرة هي بعض من عشرات العصابات التي كانت في الجنوب، تحمل في أعماق عناصرها الهزيمة، وتتفاقم هذه المشاعر مع أخبار انتصارات الجيش المذهلة وسرعة سقوط قيادات الوحدات التي كانوا ينتمون لها. أما الذين بايعوا داعش فهم الموقنون بأن استسلامهم أو بقاءهم ضمن خطوط القتال سيان، مصيرهم محتوم ونهايتهم لا ريب فيها غير مأسوف عليهم.
 
البلدات والمدن حيث سيطر المسلحون لأعوام، كانت مخطوفة، وأغلب مَن كان فيها صمت على ضيمه مبرراً ومعذوراً، قلة كانت البيئة الحاضنة وهم أهل وذوو الإرهابيين وهؤلاء لن يأمنوا على أنفسهم لهذا يخرجون طلباً للسلامة ليجدوا أبواب الحدود قد أغلقها بوجههم من خدع أبناءهم فأخرجهم على أمتهم وأرضهم وإخوتهم من أبناء الوطن.