الكلام الروسي الكبير.. بقلم: نبيه البرجي

الكلام الروسي الكبير.. بقلم: نبيه البرجي

تحليل وآراء

السبت، ٢ يونيو ٢٠١٨

كلام لديبلوماسي روسي «أنتم تستسيغون المصطلحات الميتولوجية، ربما لتداخل شواطئكم مع شواطئ الاغريق. يا صاحبي كل همنا الآن أن ننقذ سوريا من… أحصنة النار».
«ما حصل حتى الآن الخراب الصغير. نحن نسعى بكل ما أوتينا من قوة، وطول أناة، لكي لا تنتقل سوريا الى الخراب الكبير. أنت عدت أكثر من مرة الى النص التوراتي في سفر اشعيا، وحيث رؤية دمشق وهي تزول من بين المدن وتغدو ركاماً من الأنقاض».
في رأيه أن حلم بنيامين نتنياهو ازالة دمشق من الوجود. أنت تعلم مدى التقاطع بين الايديولوجي والاستراتيجي في العقل الاسرائيلي الذي تجاوز بكثير العقل الاسبارطي. ما يعنينا الآن أن يتفهمنا الأصدقاء الايرانيون. نحن لا نلعب من وراء ظهورهم. ما نقوم به لمصلحة السوريين ولمصلحتهم أيضاً».
السفارة الروسية في الرياض بعثت بتقرير الى الخارجية في موسكو «يحتوي على معلومات تتطابق مع المعلومات التي حصلت عليها الأجهزة المختصة في بلادنا. السعوديون يؤكدون أن جون بولتون أبلغ السفير في واشنطن خالد بن سلمان بأن دونالد ترامب يزمع توجيه ضربة وقائية الى ايران».
في هذه الحال «حين ننتزع بعض الأوراق من ترامب لكأننا ننتزع بعض أسنانه. حسن روحاني يستوعب ذلك، أيضاً محمد جواد ظريف. المطلوب من أصحاب الرؤوس الحامية في طهران أن ينكبوا على تعزيز دفاعاتهم الجوية والبحرية، دون أن ينزلقوا الى جاذبية البروباغندا».
الديبلوماسي الروسي يؤكد «أن الأوروبيين صادقون في مواقفهم حيال الاتفاق النووي. المسألة لا تتعلق بالسوق الايرانية اذا ما قورنت بالسوق الأميركية. هذا ما يفترض بالايرانيين أن يدركوه. المسألة في أن الأوروبيين يشعرون بأن الرئيس الأميركي لا يقيم لهم أي وزن. زميل ألماني قال لي «قد نتحمل هدير دباباتكم، لكننا لا نتحمل هدير الأحذية الأميركية». انهم خائفون جداً من التداعيات الاستراتيجية للانفجار الكبير في الشرق الأوسط».
ما يصدر عن ايمانويل ماكرون، وعن انغيلا ميركل، وحتى عن تيريزا ماي، يشي بأن الدول الأوروبية الثلاث انما تقوم بما يمكن أن يسمى بالانتفاضة ضد غطرسة دونالد ترامب. الثلاثة لا يثقون به. ميركل تعلم أنه يكره ألمانيا التي جاء آباؤه منها (لعلها عقدة أوديب). ماكرون شديد الانزعاج لأنه عامله في زيارته الأخيرة كالصبي المدلل قبل أن يرمي بآرائه في صندوق القمامة».
تشديد روسي على استمرار الايرانيين في ديبلوماسية حياكة السجاد «مثلما يعرفون أين هي نقاط الضعف الأميركية في المنطقة، البيت الأبيض يعرف أين هي نقاط ضعفهم. أنا لا أكشف سراً حين أقول أن البنتاغون لا يعارض، من حيث المبدأ، ضربة وقائية تكتيكية لايران. لكنه يرى أن حرباً كبيرة ضدها تعني توحيد الساحتين الايرانية والأفغانية مع ما لذلك من مفاعيل ميدانية في منتهى الخطورة».
هذا لايعني أنه «ليس باستطاعة الأميركيين تدمير المنشآت النووية بـ«أم القنابل» (جي بي يو ـ 43 / بي)، والمصافي، وحقول النفط، والمصانع، لتعود ايران مائة عام الى الوراء. الحكمة الآن تفادي الحرب بأي ثمن».
يقول «منذ البداية أبلغنا الايرانيين بأن الاسرائيليين، ومعهم الأميركيون، لن يسمحوا بأن يفعلوا على الأرض السورية ما فعلوه على الأرض اللبنانية. لبنان حالة مختلفة. وقلنا للايرانيين ان «حزب الله يمثل قوة ضاربة ومؤثرة، لا تجازفوا بها في تلك المناطق التي أشبه ما تكون بالرمال المتحركة ان لم تكن بالنيران المتحركة. لمسنا ذلك، وما زلنا نلمس ذلك حتى الآن».
الأولوية لدى موسكو، حالياً، «ضبط الأرض السورية». المهم «أن تلتقط الدولة السورية أنفاسها. أيّ محاولة لاشعال جبهة الجولان هي هدية الى بنيامين نتنياهو. اذا نجحنا في تنظيف منطقة درعا بالقفازات لا بالقاذفات، نكون قد حققنا الهدف الذهبي».
هكذا سيكون الطريق من دمشق الى الداخل العربي مفتوحاً. «لبنان الذي يختنق اقتصادياً سينتعش، لا سيما وأن ترتيب الوضع في تلك المنطقة سيعيد تأهيل الطريق بين دمشق وبغداد. تالياً، بين بيروت وبغداد».
اضافة الى ذلك، «الجيش السوري سيعود الى المرابطة على خطوط فض الاشتباك. ها أن الايرانيين يظهرون براغماتية لافتة في وعدهم الاوروبيين باقناع الحوثيين في الذهاب الى ردهة المفاوضات».
يختم «دعونا نراقص الفيل الذي في البيت الأبيض. اللقاء بينه وبين فلاديمير بوتين هذا الصيف مؤكد. الايرانيون يصغون جيداً. لا أزمة ثقة بيننا».