قهرمانات العرب.. بقلم: نبيه البرجي

قهرمانات العرب.. بقلم: نبيه البرجي

تحليل وآراء

الاثنين، ٣٠ أبريل ٢٠١٨

أن يظهر كيم جونغ ـ أون بسروال الجينز، وهو يرقص الروك اند رول، أو وهو يتناول طبق الهوت دوغ، وبنظرة غرامية الى زجاجة الكوكا كولا.
لا غرابة هنا. الجنرال جياب كان يفاخر كيف كانت قاذفات «بي ـ 52» العملاقة تتساقط كما الذباب على ضفاف الميكونغ. الفيتناميون الآن يعلقون صور الليدي غاغا بدل صور هو شي منه في غرف نومهم، ويستقبلون السياح الأميركيين على أنهم هبطوا للتو من الفردوس.
الزعيم الألباني أنور خوجة كان يقول بقطع آذان الأميركيين والقائها في صناديق القمامة اذا لم يعتنقوا الشيوعية بالصيغة الماوية. منذ أيام، ألبانيا دعت الولايات المتحدة لاقامة قاعدة عسكرية على أراضيها.
هذا حمل نجم وول ستريت جورج سوروس على الحديث عن «الغواية الأميركية». قال ضاحكاً «هل تعلمون بما تحلم به الملائكة ؟ أن تحل ضيفة على مطاعم ماكدونالدز». سوروس اليهودي أضاف «ليس صحيحاً أننا انتزعنا عنوة  بعض صلاحيات الله. كل ما في الأمر أننا خففنا الأعباء التي كانت على كاهله». أكثر من ذلك « ربما أقتعنا الله بأن يكون أكثر براغماتية في نظرته الى العالم».
البراغماتية الأميركية، وقد باتت ايديولوجيا القرن، جعلت دونالد ترامب يبعث بمدير وكالة الاستخبارات المركزية، المرشح لمنصب وزير الخارجية، مايك بومبيو الى كيم جونغ ـ أون عشية القمة «الهائلة» بين الرجلين.
في واشنطن يرددون «انه الباسيفيك... أيها الغبي». باراك أوباما اعتبر أن هذه المنطقة بالذات ستكون حلبة الصراعات الكبرى في العقود المقبلة. هناك الصين واليابان وكوريا. الجغرافيا مثل التاريخ غالباً ما تمشي على حافة الجحيم.
روبرت ساتلوف، الباحث الأميركي البارز، قال «كما لو أنك تنتزع القنبلة من أشداق التنين». في نظره أن الصين تستخدم كوريا الشمالية كذراع خشبية لاثارة الهلع لدى الكاوبوي». ماذا سيحدث اذا «وقع» العناق السحري بين دونالد ترامب وكيم جونغ ـ أون ؟
لا بد من التساؤل عن كيم جونغ ـ أون العربي. لا، لا، عن قهرمانات العرب. أرصدتنا التي فاقت الخيال لم تتمكن من بناء دولة واحدة يمكن أن تحصل حتى على الخبز دون الحاجة الى الأساطيل.
لا أحد يشكك في ديكتاتورية الزعيم الكوري. الناس هناك كانوا يضطرون لتناول الطين ممزوجاً بالفلفل طعاماً للعشاء. شد الأحزمة على نحو يتعدى قدرة اي كائن بشري. الأدمغة لم تتوقف عن العمل. الكوريون الشماليون صنعوا القنبلة في ظروف حملت حتى السيناتور ليندسي غراهام على الاقرار بـ «الأعجوبة النووية».
لم يتوقفوا هنا. وزعوا تقنيات صناعة الصواريخ الباليستية على الدول التي ترفض الامتثال للهيستيريا الأميركية.
السؤال المحوري يبقى: لماذا يظهر البيت الأبيض كل تلك البراغماتية في التعاطي مع بيونغ يانغ، وقد هددت بالضربة النووية، في حين يتجه الى الغاء الاتفاق النووي مع ايران؟
الدول العربية دول هجينة. المملكة الأكثر ثراء بعثرت مئات مليارات الدولارات على تسويق الوهابية في أنحاء ما يسمى بالعالم الاسلامي. أخيراً لاحظ البلاط أن هذه الظاهرة الفقهية لا تليق حتى بالعصر الحجري.
انظروا الى العراق الذي قال فيه امبراطور الصين للرحالة القرشي بعد ثورة الزنج «الملوك خمسة. أوسعهم ملكاً الذي يملك العراق لأنه في وسط الدنيا، والملوك محدقة به».
بلاد ما بين النهرين التي عرفت التمثيل البرلماني قبل ثلاثة قرون من الميلاد، اذا ما أغفلنا شريعة حمورابي، تقر في القرن الحادي والعشرين «قانون العشائر». اللوياجيرغا الأفغانية دائماً أمامنا...
ثمن الصوت في انتخابات العراق الذي يفترض أن يكون يابان الشرق الأوسط عشرون دولاراً. قال لنا زميل عراقي «ما لا يكفي لشراء عنزة». في زمننا ثمن الكائن البشري في العراق لا يساوي ثمن... عنزة.
قهرمانات العرب. في وضح النهار، وأمام الكاميرات، يستنزف دونالد ترامب حتى عظام يعرب بن قحطان من خلال الفزاعة الايرانية بعدما انتهت صلاحية الفزاعة الاسرائيلية.
لا، ليست الشيزوفرانيا الأميركية في لقاء كيم جونغ ـ أون وملاحقة حسن روحاني بالعقوبات. الكوريون شيء. العرب شيء آخر ...!