سورية لن تقسم.. بقلم: غسان يوسف

سورية لن تقسم.. بقلم: غسان يوسف

تحليل وآراء

الأحد، ٢٩ أبريل ٢٠١٨

هل تنجح دول العدوان الثلاثي: الولايات المتحدة بريطانيا فرنسا، ومن خلفهم إسرائيل وتركيا وبعض الدول العربية في تقسيم سورية إلى مناطق نفوذ؟ وهل كان الاجتماع السري الذي عُقد يوم الحادي عشر من كانون الثاني الماضي في واشنطن وشاركت فيه خمس دول هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسعودية والأردن بداية التنفيذ العملي لمخطط التقسيم؟
المخططات الغربية كشفها نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف بقوله: «إن موسكو لا تعلم كيف سيتطور الوضع في سورية فيما يتعلق بالحفاظ على وحدة أراضيها، وهل من الممكن أن تبقى سورية دولة واحدة»؟!
كلام ريابكوف أكده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحفي مع نظيرته النمساوية كارين كنايسل بقوله: إن ما تحدث عنه ريابكوف كان تحذيرا من محاولات تهدف إلى تدمير سورية وتقسيمها وإبقاء قوات أجنبية على أراضيها إلى الأبد موضحا أن هذه المحاولات تأتي في إطار «الهندسة الجيوسياسية» التي يسعى البعض لفرضها والتي تخالف الاتفاقات الدولية بخصوص تسوية الأزمة السورية، مؤكدا ضرورة أن يكون الحل في سورية على أساس قرارات مجلس الأمن الدولي وضمن إطار العملية السياسية التي يقودها السوريون.
يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي تحتل بلاده أراضي سورية بحجة محاربة حزب العمال الكردستاني ومنع قيام دولة كردية في شمال سورية، أراد بدوره أن يستغل الوضع في سورية لدعم حملته الانتخابية ولو بشكل واضح ومكشوف بقوله: «يبدو أنه ثمة مساع لتنفيذ مشروع لإعادة تنظيم المنطقة انطلاقا من العراق وسورية، وهذا بدوره سيشكل عبئا كبير جدا على عاتق تركيا، ويفرض عليها الانتقال إلى النظام الرئاسي»!
شهية دول العدوان لتقسيم سورية عبر عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أيضا خلال مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الأميركية قبل زيارته إلى الولايات المتحدة بقوله: «بعد تحقيق هزيمة تنظيم داعش ينبغي علينا بعد ذلك بناء «سورية جديدة»! ولهذا السبب أعتقد أنه من المهم جدا أن تلعب الولايات المتحدة وفرنسا وحلفاؤنا وجميع الدول الموجودة في المنطقة، حتى روسيا وتركيا، دورا مهما لإنشاء سوريا جديدة»، وكلام ماكرون اتسم بأسلوب غير معهود في العلاقات الدولية وصفه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بالأسلوب الاستعماري.
حسب ما يخطط الغرب والدول اللاهثة لنهش سورية، فإن المناطق التي سيشملها التقسيم هي:
الأولى: كيان كردي في شمال سورية يشمل الحسكة والقامشلي، ويمتد حتى منبج وعفرين وهذا لم يعد ممكنا بعد احتلال تركيا لعفرين والخلافات المتصاعدة بين أنقرة وواشنطن بشأن الأكراد وفي ظل رفض سوري وإيراني وعراقي لقيام هذا الكانتون.
الثانية: إقامة كيان أو جيب عربي يَكون نُواة لدَولة قبائل «شمّر» يمتد من جَنوب الحسكة وحتى دير الزور على طُول شَرق الفرات لقطع طريق دمشق بغداد ومن ثم طهران بالاعتماد على قوات أحمد الجربا، أحد شُيوخ قبائِل شمّر البارِزين، وبالتعاون مع قوات عربية من دول الخليج ومصر.
الثالثة: كانتون جنوبي محمي من الأردن وإسرائيل وبرعاية أميركية سعودية يَضُم مُحافظات السويداء والقنيطرة ودرعا، وتكون الأخيرة عاصِمَته.
السؤال: هل فعلا ستُقسم سورية؟ وهل ستُنفذ هذه المخططات؟ أقول: إن ذلك لن يحصل وأجزم بذلك، فإذا كانت الخارجيّة الروسيّة هي من كشفت أنّها تَملك معلومات حول مُحاولات المُعارضة السوريّة وتنظيم «جبهة النصرة» إقامة مِنطَقة حُكم ذاتي جنوب سورية بِدَعمِ أميركا» فإن ذلك يعني أن روسيا ستساعد حليفتها سورية على منع هذا المخطط ولنتذكر كم كانت المساحة التي تسيطر عليها الدولة السورية قبل أن تتدخل روسيا في 30 أيلول عام 2015، وكم أصبحت المساحة التي تُسيطر عليها الدولة السورية بمساعدة أصدقائها الآن.
وما الاجتماع الذي جرى في بغداد يوم التاسع عشر من نيسان الجاري داخل المركز الرباعي المعلوماتي الأمني المؤلف من الدول الأربع: روسيا وإيران والعراق وسورية، وشارك فيه كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين من البلدان المذكورة، إلا بداية الرد على أي محاولة تقسيم للدولة السورية، وما الضربات التي شنها الطيران العراقي يوم عقد الاجتماع حسبما أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على أهداف لـ«داعش» في الأراضي السورية وبتنسيق كامل مع السلطات السورية كما ذكر المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع العراقية، يحيى الزبيدي، إلا دليل على وجود مخطط لدى الدول الأربع لمقاومة أي محاولة تقسيم تستهدف سورية أو العراق.