عندما تسقط كل الذرائع.. بقلم: عمار عبد الغني

عندما تسقط كل الذرائع.. بقلم: عمار عبد الغني

تحليل وآراء

الأربعاء، ٤ أبريل ٢٠١٨

كشف خروج المدنيين، والتنظيمات الإرهابية والميليشيات المتحالفة معها من الغوطة الشرقية جملة حقائق وضعت إشارات استفهام عدة يقع على عاتق الغرب والماكينة الإعلامية التي ساهمت معه في الحرب على سورية الإجابة عنها، ولأنهم لا يتجرؤون الإجابة حيث إن ذلك سيضعهم في خانة الاتهام في مجمل ما جرى منذ ما يقارب الثماني سنوات من القتل والتشريد للشعب السوري، والتضليل للرأي العام العالمي الذي كان بعضه مصدقاً لما تدعيه بعض الحكومات الغربية.
لذلك لابد أن نوضح تلك الحقائق ونسلط الضوء عليها لمعرفة حجم النفاق الذي مارسه الغرب في إطار محاولته إسقاط سورية من جهة، والتذكير بأسباب صمودها في وجه أعتى هجمة عرفتها دولة في التاريخ الحديث من جهة ثانية.
في الشكل بدا واضحاً من خلال مئات المشاهد التي بثت على مختلف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي أن المنتمين للميليشيات المسلحة بمختلف مسمياتها هم غرباء عن المجتمع السوري، حيث الذقون الشعثة والملابس السوداء الرثة والشعر الطويل، هيئات لم نشاهدها إلا في «تورا بورا» الأفغانية، بينما أفعالهم خلال سيطرتهم على الغوطة وضّحتها شهادات الخارجين من براثن الإرهاب الذين حرموا من الغذاء والدواء وعانوا معاملة سيئة يصعب تصديقها لولا أنها جاءت من الأهالي أنفسهم.
بالمقابل، صمتت وسائل إعلام داعمة للحرب على سورية ولم نشاهد ولو لقطة إن كان لجيوش الإرهاب المستسلمة والمهزومة أو للمدنيين الذي تدعي التعبير عنهم بينما تبخر أصحاب «الخوذ البيضاء» الذين بنت على تقاريرهم دول كبرى مواقفها عشرات المرات لاستدعاء التدخل الخارجي.
من هنا جاءت أهمية انتصار الغوطة الذي سيشكل نقطة تحول كبرى في مسار الحرب، حيث أثبت الجيش العربي السوري للعالم أنه قادر على التعامل مع أصعب المعارك العسكرية وأعقدها وأن سنين الحرب لم تنهكه بل إن انتصاراته وإدارته للحرب ستدرس في أهم الأكاديميات العسكرية، كما تأكد لمن عولوا على أدواتهم الإرهابية لتحقيق أهداف كبرى بأن المال والميديا والأذرع الطويلة في المنظمات الدولية كان رهانهم على حصان خاسر سيشكل عبئاً عليهم في قادم الأيام، والأهم أن أهالي الغوطة الشرفاء أثبتوا للعالم أن محاولات زرع بذور الفتن والأفكار المتطرفة الغريبة في مجتمعنا، إن كان عن طريق الترغيب أو الترهيب، لم تؤت أُكلها.
جملة ما تقدم جعل داعمي الإرهاب ومموليه يعضون الأصابع ندماً على مليارات الدولارات التي صرفوها في المكان الخطأ والبدء بإجراءات استباقية لتنفيذ استدارة كبرى قبل تلقيهم هزيمة نكراء، وفي هذا السياق جاء إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب فجأة ودون مقدمات نيته سحب القوات الأميركية على الأرض السورية وربما يكون القرار الوحيد الصائب لترامب منذ وصوله للبيت الأبيض، إذ ربما أدرك أن الدور قادم وخلال فترة وجيزة على تلك القوات التي ستكون هدف الجيش العربي السوري والقوات الشعبية أينما وجدت.
بالمحصلة فإن انتصار الغوطة وجه ضربة قاضية لمجمل المشروع الصهيوأميركي الرجعي العربي وأسقط جميع الذرائع التي كان يستخدمها محور الحرب للاستمرار في النفخ بنار الأزمة وما على كل من ساهم في استهداف سورية سوى الاستعداد لدفع فاتورة ظلمهم للشعب السوري ولا شك أنها كبيرة جداً.