النقد الهدام والأدب المدمّر.. بقلم: سامر يحيى

النقد الهدام والأدب المدمّر.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٣ أبريل ٢٠١٨

 الأدب هو التعامل الراقي مع الآخر، مستخدماً أسلوب الحوار والنقاش البنّاء الإيجابي، والنصح الحقيقي، بعيداً عن النفاق والنقد الجارح والهدّام، وسوء الخلق.
 والمستغرب أن نقول الأدب مدمّر، لكنّها للأسف كلمة صحيحة، لأنه تحت شعار الأدب والاحترام والاستحياء، نتحوّل إلى المجاملة السلبية، وانعدام الشفافية والوضوح والمصداقية، التي تتناقض مع الأدب والاحترام والتناصح ولو بجلسات مغلقة، وللأسف  الشديد يؤدي لتدمير العمل وتهديم حصونه، لا سيّما لدى الإدارة العليا في المؤسسة، والمفترض أن يكون لدينا تمييزٌ واضحٌ بين الإطراء والمديح، وبين النفاق والكذب على الآخر، تحت مبرّرات لا شفيع لها، فإخفاء الحقائق هي خيانةً للشخص المقابل، لا سيّما إذا كان يعتمد على رأيك وثقتك، لأنّه قد لا يكون منتبهاً، أو قد يعتبر تصرّفه صواباً، أو زيّنه له البعض بأنّه ايجابياً، ولذلك نجد الكثير من الناس يمدح الشخص ويطري عليه بوجوده بمنصبه، بعد أن يغادر منصبه، أو يتغيّر مكانه، يبدأ بالشتم والسباب عليه، الكل يهتم به وبكل مناسباته عندما يكون بالمنصب وقبل المنصب أو بعده، لم يعد يذكره أحدٌ إلا القلة، وهذا اسمه الأدب المدمّر، هذا عدا عن انتقاد المسؤول نفسه لمن سبقه، ولمن سيلحقه متجاهلاً ذاته، ووجوده في هذا المنصب، أو قدرته على العطاء بغض النظر عن المكانة الموجود فيها، وهذا الذي يجب أن نخشاه وأولى خطوات الإصلاح الإداري، التخلّص من النقد الهدّام والأدب المدمر، والانطلاق للتفاعل والتعاون والتناصح والتعاضد، فالنقد الهدام عادةً ما يكون حالةً انفعالية، لأنّ الحقد والحسد يكون من الأعداء، ويدمّر الوطن بأيدي أبنائه، أما الانفعالية، فهي حالة نفسية تكون من صديق أو وطني، وقد يتصرّف بوطنية، ولكنّه لا يعمل عقله وتفكيره، بل ينفعل مع الموضوع، ودرجة الانفعالية هذه تجعله يقع في أخطاءٍ كثيرة، ولكيلا نزعجه، أو نخاف من أن يفهمنا خطأً، نسايره ونشجّعه ونؤيّده، لا سيّما ناشطوا وسائل التواصل الاجتماعي، الذين للأسف يرتكبون الكثير من الأخطاء، تحت شعارات وطنية، لكنّها تخفي في طياتها انفعاليةً وحبّ الظهور، أكثر مما تكون حبّ الوطن والنهوض بمقدّراته وإمكانياته، والبعض يقول نحن مواطنون وليس علينا أن نفكّر بعقلية الدولة، وهذا الخطأ الفادح، فالدولة هي مجموع المواطنين، والحكومة هي التي تدير موارد الدولة، وبالتالي دور المواطن، لا سيما على مواقع التواصل، أن يستمع للرؤى ويناقش ويحاور، ومن ثم ينتقد، وأن يكون انتقاده شاملاً الأسباب التي أوصلت المؤسسة أو هذا المسؤول لذلك، والحلول الممكنة لذلك، أو التبريرات المنطقية لمن يريد المديح، فالنقد ليس للنقد بل للبناء، فعندما نفكّر بهذا المنطق، لن نخاف من أي قانون، لا سيما جرائم المعلوماتية، لأننا سنكون نحن القانون ونتصرف ضمن إطار القانون ويكون هؤلاء أول من يلتزم بالقانون وبالتالي يجبرون الآخر على احترام القانون والسير في إطاره، بحكمة الشباب، وحنكة الشيوخ، وبالتالي سيفوّت على الأعداء أو الانتهازيين فرصة الانتقام أو استغلاله، ومن هنا ضرورة تفعيل لقاءات المسؤولين بكافة التخصصات مع الإعلاميين، وتفعيل دور المكاتب الصحفية ودوائر العلاقات العامة، للنقاش والحوار البناء الذي يساهم بأخذ القرار الإيجابي، فلا يكون القرار فجائياً تعسّفياً، أو لا يدري الموظف لم حصل معه هكذا، وألا نقول هذا درويش وهذا مسكين وهذا ابن فلان، بل التعامل مع الطرفين بهدوء ووضعه بصورة عمله، سلباً أو إيجاباً، وتنبيهه وتأهيله بالشكل الأمثل، وعندما تفشل كل أساليب التدريب والتأهيل في قدرته على العطاء والقيام بالدور المنوط به، هنا يتم اتخاذ القرار الواجب بحقّه، وإن كان يقوم بالدور المؤهل به على أكمل وجه، يتم تأهيله وتسلميه لأعمال تحتاج خبرةً وحنكةً أكثر، وتحتاج عنصراً فعالاً، وصولاً لترقيته رتبةً ومرتبةً، وهنا نكون قد وضعنا الشخص المناسب بالمكان المناسب، بعيداً عن المجاملة والنفاق والانتهازية أو الاقصاء والظلم، وتحقق المؤسسة الهدف المنوط بها وتصل لرؤيتها بشكلٍ أسرع وأكثر نجاعةً واتقاناً للعمل، فالعمل الإداري والقائد الإداري أكثر شخص يجب أن يتمتع بروح الإنسانية والعاطفة والعقل بآنٍ معاً، فالإنسانية تتطلّب احترام الآخر، مهما اختلفت معه بالرأي أو كانت لديك نظرةً مختلفة تجاه، وبالتالي تتطلّب اتخاذ القرار الحقيقي المناسب، لا المجحف على حساب الشخص، أو المجامل على حساب العمل، فالإنسان ليس آلة، بل يحتاج لدعمٍ معنويٍ مستمر، وشحذ هممه بالعمل والعطاء، بعيداً عن التنظير الأكاديمي، والجفاء والعبودية، كما الآلة تحتاج دائماً لمتابعةٍ وصيانةٍ لتستمر بالأداء والعطاء بشكلٍ متقنٍ. 
 استكمال بناء الوطن، واستنهاض همم أبنائه، يتطلّب من كل منا القيام بالدور المناسب، واحترام الآخر، النصح الحقيقي، والنقد الإيجابي البنّاء، والأدب المحترم، والنقاش الجاد والحيوي، بعيداً عن التزمّت والتعالي والتكبّر أو الخجل السلبي.