- داعــش – «وجهاد النّكاح».. بقلم: محسن حسن

- داعــش – «وجهاد النّكاح».. بقلم: محسن حسن

تحليل وآراء

الخميس، ٢٢ مارس ٢٠١٨

هناك آدابٌ في التّعايش، والتّعامل، والكتابة، والعلاقات، والتّصرفات، وهناك جدارٌ من القيم، والأخلاق، والعادات، والتّقاليد، تبنيه الأجيال، والمجتمعات، وأقرّته المقدسات، والمعتقدات، والأديان... يبقى منيعاً، حصيناً، يصعب اختراقه، ويُنتقد، تجاوزه...
إلاّ إنّ داعش، أطلّت على العالَم، بتصرّفات، وأفعال، ومصطلحات، تجاوزت فيها تلك الآداب، وتخطّتْ ذاك الجدار...
قدّمت بعضها، بأسماء غريبة، مُستهجَنة، بلا حياء، ولا خجل، وسَتُقدِّمُ بعضها الآخر، لاحقاً، بكلّ مُستغرَبٍ، جديد، وبموجب تسمياتٍ، تخلط الأمور ببعضها، خلطاً عجيباً، تصبح معه اللغة عاجزة عن التعبير، والأخلاق بعيدة عن المعايير، ويصعب تمييز الخبيث من الطيّب، والحلال من الحرام، وتخلق اعتياداً، يكون الفساد فيه سيّداً، والضمير ميتاً، 
والحلال مُنتهكاً...
وتكرار هذه التّصرّفات، والمصطلحات، قولاً، وفعلاً، خَدَش الحياء، وشكّل اعتياداً، على سماعها، وتقبُّلاً على فعلها، فسماعها يوميّاً، تألفه الأذن، وتستسيغه، النّفس، وتطلبه الجوارح، وتفعله... وتصبح الأشياء، المُحرَّمَة، وغيرُ المُباحة – بالممارسة – مُحلَّلةً، مألوفة، مُباحة... وتُعمَّم ثقافاتٌ لا يقرّها العقل، ولا يستسيغها الذّوق السليم، بهدفِ تقويض الدّين، والمعتقدات، والمقدّسات، وتشويه، مفاهيمها، وقيمها، واهتزاز قناعات النّاس فيها، والإيمان بها، وستستمرّ داعش، بتقديم شعاراتها، وعرض تصرّفاتها، التي تجمع بين المتناقضات، لغة، وأدباً، وديناً...
ومن أول فتاويها التي أتحفتْ بها العالَم، هو «جهاد النّكاح» حيث جَمعَتْ، بين المقدّس، والمدنّس، معاً، وفي آنٍ واحد...
هذا المصطلح، المُحتقِر للدّين، المؤلَّف لغةً، من كلمتين، لم يلتقيا، طيلة وجودهما، قطّ، ولا يمكن – عادةً – أن يلتقيا... الأولى في منتهى التّقديس، والثانية، في مُنتهى التّدنيس، فجمعتهما داعش – قسراً – وأجبرتهما على العناق – خلافاً – للّغة، والشرع، والدّين، والقداسة، فكيف حصل ذلك...؟!
هذا المُصطلح، المُختَرَع الجديد، لم يأت صدفة، ولم تنتجه داعش، بل صاغه علماءُ، خبراءُ، في علم الكلام، واللغة، والنّفس، والفقه، والدّين... أعداء، للإسلام، استخفافاً بالدّين، واستهزاءً بالجهاد، وتشويهاً لهما، هو من إنتاج جهات أكبر من داعش بكثير، من جهات مُتمكّنة، من رسم الأهداف، وتحديد الغايات، تعرف ما تعمل، وما ترمي إليه، كيف تصل وتحقّق ما تريد...!! ولا مصلحة لأحد، في ذلك، سوى الماسونيّة، والصهيونيّة، وإسرائيل، وخادمتهم الوهابيّة، التي تُقدّم خدماتها المتواضعة، تعاوناً، وتنفيذاً، لم تُؤمَر به، بثوب إسلاميّ، والمُتضرّر الوحيد، هو الإسلام، الذي يفقد، سماحته، وإنسانيّته، ورحمته، التي جاء بها رحمة للعالمين...
«جهاد النّكاح» هذا، إيحاء إسرائيلي، وتوجيه صهيوني، لداعش، عن لوحة، صهيونيّة – إسرائيليّة، قديمة، تحظى باحترام، وتقديس، وتأييد، ودعاية، ورعاية، الصّهيونيّة، الإسرائيليّة، وتتصدّر المكاتب الحكوميّة، والأماكن العامّة، والصالونات الكبيرة، التي يرتادتها النّاس، وهي في الأصل فكرة يهوديّة، كبقية الأفكار التي تنفرد بها إسرائيل...
في هذه اللوحة، راقصة، كاشفة بشكل فاضح، واضح، عن مفاتنَ تضج بالأنوثة، والدّعوة إلى الجنس الصريح، ترقص، بحضور «حاخامات» يشجعونها، بإعجاب، واشتهاء، وحضٍّ، على البغاء، ويباركون لها، بذلَ نفسها، لأيٍّ كان، يُحتَمل أنّه، قد يُقدّم، يوماً ما، خدمة للصهيونيّة، أو الماسونيّة، أو إسرائيل... وهذا اتّفاق وتعاون، بين العهر والدّين، لخدمة إسرائيل، ولا يوجد تعاون مثله، في أيّ دين آخر، في كلّ الدنيا...
«وجهاد النّكاح» صورة حيّة، عن مضمون تلك اللوحة الصهيونيّة، حمّلتها إسرائيل لِداعشَ، لإدخالها في إسلامها، ونشرها، وتعميمها، بين مُسلميها، في العالَم الإسلامي الوهابيّ الجديد، عن طريق حامي الحرمين الشريفين بالمال النّفطي السعودي الخليجي، حتى لا تبقى إسرائيل وحيدة بإيمانها، بفكرة كهذه، بهذا المفهوم الغريب، بهذه النظرية... خدمة لإسرائيل، وتشويهاً للإسلام، وإفساداً للمسلمين، وحلاّ لمشاكل الإرهابيين، بتوقيعِ من رَسَمَ تلك اللوحة، من الإسرائيليين، وبأيدي حُماة الإسلام الجدد، من داعش، تعميماً للمفاهيم الثقافيّة الدينية، الصهيونيّة، الماسونيّة، الإسرائيليّة، وتشجيعاً للبغاء...
دخل مفهوم «جهاد النّكاح» المناطق التي تسيطر عليها داعش، فاغتُصبت النّساء، باسم الجهاد، حضّاً للاغتصاب، وتحليلاً شرعيّاً، للزنا– داعشياً – إسرائيليّاً، وهّابيّاً... فبيعتِ النّساء، في سوق النّخاسة، الإسلامية، الدّاعشيّة، الجديد – احتقاراً للإسلام، وتشويهاً له...
جاءت داعش – زوراً وادّعاءً – بإسلام، ليس له نبيّ، ولا كتاب، وإنشاءِ خلافةٍ إسلاميّة، على مستوى العالَم، تحلّل كلَّ ما حرّم الله، وتفعل كلَّ ما نهى عنه، وفصّله في كتابه الكريم، تحضّ النساء على الفجور، وممارسة البغاء، ومعاشرة الرجال، كما ترغب وتشتهي، بأساليبَ مختلفة، استمتاعاً، وجهاداً، بآن واحد، تكسب سعادة الدنيا، وثواب الآخرة – كما ترى داعش – وتحضّ الرجال على السرقة، والاغتصاب، والقتل – ذبحاً – وَفِعْلِ كلّ ما نأتِ الحيوانات بنفسها، أن تفعله...
وهكذا تبدو داعش، بكلّ تصرّفاتها، في إسلامها الآتي، الذي تدعو إليه، وخلافتها الواعدة، غير تابعة لنبيّ أو كتاب، فما هذا الإسلام الذي جاءت به، ومن أين؟ وإلى أيّ نبيٍّ يتبعون؟!..
إنّه إسلام الماسونيّة، والصهيونيّة، وإسرائيل، والوهابيّة المُرتدّة، قَبْلَ داعش...
قامت داعش، بكلّ أفعالها، وتصرّفاتها، وأقوالها، هذه، أمام عيون المسلمين،... زوّرت نبيّهم، وشوّهت قيمهم، ومعتقداتهم، ودمّرت مُقدّساتهم، وتجاوزت كلَّ حدود دينهم، وهدّدت وجودَهم، ذبحاً، وقتلاً، وأغلب المسلمين، بما فيهم، رجال الدّين، صامتون، صمت القبور، أو أكثر من صمت القبور...
صمتوا في المكان، الذي لا يجوز فيه الصمت، ولم يستنكروا، ولم يرفعوا الصوت... صمتوا على الزنا، والاغتصاب، والقتل، والذبح، وتجاوز  حدود الله كلّها، فماذا بقي لهم، من الإسلام، ليتكلّموا عنه؟
أثبتوا بمواقفهم هذه، أنهم كذّابون، منافقون، مُدّعون، مُخادعون، كافرون، لا يؤمنون، ومع داعش يقفون، وبأموال خليجيّة، وتوجيهات إسرائيليّة – أمريكيّة، وهابيّة، يصمتون... صمتوا بمالٍ وهّابي، وإسلام أمريكي، إسرائيلي، خليجيّ وضعف إيماني، وخرجوا من إسلامهم المُحمّدي...
صمتوا... ملأوا جيوبهم، وباعوا دينهم، كان عليهم جميعاً، أن يقفوا مستنكرين ثقافة داعش، جملة وتفصيلاً، بكلّ جزئياتها، وتفصيلاتها، تبرئةً للإسلام، ممّا أُلْصِقَ به، وتشكيل جبهة جهاديّة، حقيقيّة، دفاعاً عن الدّين المُحمَّدي، الذي أنزل رحمة للعالمين...
لقد خذلوا نبيّهم، الذي وقف معهم، ودعا لهم، وعلّق عليهم آمالاً كبيرة، بمباهاته 
الأمم بهم...ولكن بعد أن فعلوا، ما فعلوا، فَبِمَ سيُباهي بهم الأمم؟!
لم يبقَ فيهم، إلاّ الْفِسقُ والفجورُ، والخزيُ والعار، تجاوزوا الارتداد، والإشراك، والكفر،... هُمْ وَمَنْ صمتوا عليهم، ليسوا من الإسلام في شيء...
عرضوا خدماتهم على أبي لهب، فلم يقبلْهم بين أتباعه، ولم يُدْخلْهم في حزبه، وحاموا حول الشيطان فحرمهم من دفءِ إغوائه، ولم يقبَلْهم في عداد جنده... فضاعوا، وتاهوا... رحلوا إلى ابن تيميّة،... وابن عبد الوهاب، وابن عبد العزيز، وقد بلغ أرذل العُمرُ...
والتقوا أخيراً – صدفة – بأكثر أولاد الشيطان، ضلالاً، وقد انشقّ عن أبيه، لقناعته بأنّه، قد ضَعُفَ، ولم يَعُدْ صالحاً لِمَهمَّتِه، فتولاّها نيابة عنه، عن قوّة، وجدارة، واقتدار، فجاء بهم إلى سوريّة قائداً، رافضاً، مُستنكراً، كلَّ ما فعلوه، وصنعوه، واقترفوه... آخذاً بأيديهم، ليشهد عليهم – بين يديّ الله – بأنّهم كَفَرة، خرجوا من الدّين، طوعاً، والتحقوا بالكفر اختياراً، وإعجاباً،...والوصول بهم بغوايته، إلى النار – كما وَعَد – ليدخولها حساباً، قصاصاً، عدلاً، بما كسبت أيديهم، حيث مكانهم الموعود، ومآلهم الموجود، لعدم وجود منطقة وسطى، 
ما بين الْجنّةِ والنارِ، وأنّه بريء ولا علاقة له، بما فعلوا... وأنّه يخاف اللهَ، ربَّ العالمين...!!