أزفت الآزفة.. بقلم: رفعت البدوي

أزفت الآزفة.. بقلم: رفعت البدوي

تحليل وآراء

الاثنين، ١٢ مارس ٢٠١٨

لم يعد مخفياً أنه في كل مرة يحقق فيها الجيش العربي السوري مزيداً من النجاح والتقدم الميداني في حربه على مراكز الإرهاب في سورية، تلجأ الدول الداعمة للإرهاب في سورية إلى اختراع أساليب ذات معايير مزدوجة ومتناقضة، تارة حماية المدنيين وتارة أخرى بوصف تقدم الجيش العربي السوري بأنه حرب ضد الإنسانية، أو باختلاق توجيه التهم للحكومة السورية من خلال بدعة جديدة تُسمى استخدام المواد الكيميائية من الجيش السوري وذلك ذريعةً لاستهداف الدولة السورية عسكرياً من خارج إطار مجلس الأمن تماماً، كما جرى مؤخراً مع اقتراب حسم معركة تطهير منطقة الغوطة، حيث بدأت ترتفع أصوات مسؤولي هذه الدول وتعلن عن استخدام هذه المواد من الجيش السوري.
لقد ثبت وبالدليل القاطع أن أجهزة استخبارات تلك الدول الداعمة للإرهاب في سورية، مثل أميركا والسعودية وقطر وإسرائيل ساعدت بشراء مواد كيميائية سامة من ليبيا وغيرها وإرسالها لمجموعاتهم في سورية لتدخل الأراضي السورية عبر الحدود مع تركيا التي شاركت التنظيمات الإرهابية في تدريبهم على استخدامها وحتى في صنعها لاستخدامها في سورية بغرض إلصاق التهمة بالجيش العربي السوري باستخدام تلك المواد الكيميائية ضد المدنيين.
يأتي ذلك مترافقاً مع تحريض من بعض أجهزة إعلام معروفة بعدائها ضد الدولة السورية من خلال حملة إعلامية مبرمجة ومحمومة تتهم قوات الجيش العربي السوري باستخدام هذه المواد السامة.
إن التهم التي تم تلفيقها مسبقاً ضد الدولة السورية وضد تقدم الجيش العربي السوري بقيت مجرد تهم مبهمة من دون أدلة قاطعة وهنا يجب علينا إبراز بعض النقاط التي تدحض كل التلفيقات والتهم المعدة سلفاً ضد الدولة والجيش في سورية.
جميعنا يتذكر حادثة خان العسل بتاريخ 19 آذار 2013، وهي الحادثة التي طلبت فيها الحكومة السورية فور وقوعها المساعدة من الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك بان كي مون للتحقيق فيها، لكن الاتفاق بين الأمم المتحدة والحكومات الغربية التي أطلقت التهم ضد سورية استغرق حوالي 4 أشهر، حتى أمكن إرسال وفد يرأسه السويدي د. سيلستروم للتحقيق بما جرى في خان العسل وعلى الرغم من وصوله إلى دمشق، إلا أنه بقي فيها ولم يتمكن من الذهاب إلى خان العسل على الرغم من تعهد الحكومة السورية بتأمين سلامة الفريق الأممي إلى آخر نقطة يسيطر عليها الجيش السوري قبل بلدة خان شيخون، وكانت الحجة آنذاك أنه وبسبب وقوع الحادثة الشهيرة في الغوطة بتاريخ 21 آب 2013، والتي تم فيها تلفيق التهمة ضد الحكومة السورية ومن ثم أعقبها قيام الولايات المتحدة بإطلاق تهديد جدي بالعدوان العسكري على سورية تحت عنوان سماه الرئيس باراك أوباما تجاوز الخطوط الحمر.
لابد لنا من التذكير أنه ونتيجة للاتصالات الدولية بقيادة روسيا وبتنسيق سوري انضمت الحكومة السورية بتاريخ 14 أيلول 2013 إلى اتفاقية حظر إنتاج وتخزين واستعمال الأسلحة الكيميائية وتلا ذلك اعتماد مجلس الأمن بتاريخ 27 أيلول 2013 للقرار 2118، وبالفعل قامت الحكومة السورية، وفي وقت قياسي بالتدمير والتخلص من برنامج أسلحتها الكيميائية باعتراف الأمم المتحدة نفسها.
تلا ذلك بيان رسمي صادر عن الحكومة السورية جاء فيه: إن الحكومة السورية تدين استخدام جميع أسلحة الدمار الشامل، بما فيها المواد الكيميائية، في أي مكان وفي أي زمان وتحت أي ظرف كان.
إن الحكومة السورية انضمت إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية NPT في عام 1969، ووقعت على اتفاقية «حظر إنتاج واستعمال الأسلحة البيولوجية وأنه جرى تدمير تلك الأسلحة بتاريخ 14/4/1972، وأن الحكومة السورية انضمت إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بتاريخ 14 أيلول 2013، وأتمت مرحلة التخلص من كامل برنامج أسلحتها الكيميائية بالكامل كما أنه تم تدمير مخزونها من هذه الأسلحة على متن السفينة الأميركية Kape Ray في البحر المتوسط، وهذا البرنامج انتهى إلى دون رجعة.
قبل أيام قليلة وفي جلسة علنية في أروقة مجلس الأمن صرح مندوب سورية بشار الجعفري أن الحكومة السورية أرسلت إلى مجلس الأمن ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أكثر من 140 رسالة تتضمن معلومات موثقة حول امتلاك المجموعات الإرهابية المسلحة للمواد الكيميائية بما فيها دخول شاحنات محملة بمواد سامة عبر معبر باب الهوى مع تركيا بتاريخ 22 شباط 2018، حيث يتم توزيع هذه المواد على مناطق الإرهابيين على كامل الأراضي السورية لاستخدامها ضد المدنيين.
وهنا يظهر لنا جلياً إصرار مجلس الأمن والدول الداعمة للإرهاب في سورية على اتباع سياسة الكيل بمكيالين بعدما تأكد لنا أن الكيان الصهيوني طليق اليدين وليس طرفاً في اتفاقية حظر الأسلحة البيولوجية أو الكيميائية على الإطلاق.
إن بدعة اتهام الحكومة والجيش العربي السوري باستخدام الأسلحة الكيميائية صارت رواية ممجوجة، الهدف منها تأمين بيئة حاضنة للإرهاب في سورية وسيف مسلط لاستنزاف سورية ولمنع الجيش العربي السوري من استكمال نجاحاته في حربه على الإرهاب.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وفي خطابه أمام الجمعية الاتحادية قال جملاً محددة موجهة لأميركا حيث قال: إن روسيا إذا ما تعرضت لأي عمل عدائي فإنها سترد عليه بقسوة وأنها ستدافع عن نفسها وعن حلفائها وهذا الأمر غير قابل للتشكيك.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب تلقف الرسالة بجدية ما دفعه إلى إبلاغ البنتاغون عدم موافقته على أي عمل عسكري ضد سورية وخصوصاً بعدما انتفت حجج الأسلحة الكيميائية الملفقة.
أزفت الآزفة ولا راد لقرار القيادة السورية بتطهير كل بؤر المجموعات الإرهابية في سورية حتى تطهير كامل الغوطة والتراب السوري من التركي والأميركي وحتى الإسرائيلي أو من أي كائن غريب أو محتل لأرض سورية العربية.