خطة واشنطن القديمة الجديدة المقبلة.. بقلم:  تحسين الحلبي

خطة واشنطن القديمة الجديدة المقبلة.. بقلم: تحسين الحلبي

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٤ فبراير ٢٠١٨

يقول العميد المتقاعد من منصب مسؤول الأبحاث في هيئة المخابرات العسكرية الإسرائيلية أودي ديكيل في تحليل نشره في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي قبل أيام بالعبرية:
«إن الوضع الإستراتيجي الإسرائيلي يعد أفضل وضع يمر من هذه الناحية خلال سبعين سنة منذ قيام إسرائيل، لكن الهوامش الأمنية لا تزال ضيقة وخصوصاً أن أخطار التصعيد لها قوانينها الخاصة بها، وإسرائيل لا تستطيع أن تهدأ أو ترتاح وتتوقع المحافظة على هذا الوضع الإستراتيجي المتقدم دونما حاجة لإجراءات التخطيط والعمل على المحافظة عليه، ولذلك نوصي بإيجاد الفرص الإستراتيجية النابعة من هذا الوضع ومن بين ذلك بلورة تحالفات ثنائية أوسع سواء باسم محاربة الإرهاب الجهادي أم لصد التأثير السلبي علينا من النفوذ الإيراني في ساحة شمال إسرائيل، وإلى جانب ذلك آن الأوان لتحقيق إجراءات فك الارتباط عن الفلسطينيين وإزالة الخطر الوجودي عن إسرائيل من القاموس القومي».
وإذا حاولنا تحويل هذه اللغة التي يستخدمها العقل العسكري الإسرائيلي تجاه جبهة الشمال الممتدة من حدود الجولان المحتل حتى جنوب لبنان، إلى المعنى الذي تحمله أو ستحمله في الأشهر أو الأعوام المقبلة، فإن ذلك يعني:
إن إسرائيل ومعها الولايات المتحدة ستعمل على توسيع تحالفاتها مع دول في المنطقة لتوسيع هامش مخططها الأمني «الضيق» كما يصفه ديكيل.
2- ستحاول إسرائيل تركيز جهودها على استهداف دول وقوى محور المقاومة لإبقائها مشغولة في داخلها.
ومع ذلك يقر ديكيل أن استخدام هذه الفرص لا يمكن ضمان نجاحها بسبب تماسك قوة ومتانة التحالف الذي يضم سورية وحزب الله وإيران على المستوى الإقليمي ومعه روسيا والصين على المستوى الدولي، لكن ما قاله ديكيل كان قد عرضه مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى السفير ديفيد ساترفيلد أثناء مشاركته في المؤتمر الدولي الحادي عشر لمعهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي INSS الذي عقد في 30-31 كانون الثاني الماضي، حيث حدد ثلاثة أهداف للسياسة الأميركية في المنطقة وهي:
استمرار الحرب على داعش. بما يعني فعلا المحافظة على وجودها.
بذل الجهود لمواجهة الدور الإيراني في المنطقة.
العمل على دعم وتجنيد القوى الإصلاحية في المنطقة أي الدول الخاضعة للقرار الأميركي.
وفي التفاصيل تحدث ساترفيلد أمام المؤتمر قائلاً: «إن إعادة البناء الحقيقي لن تأتي قبل أن تبدأ عملية سياسية في سورية على الطريق، والمقصود هو ما يطلقون عليه «الانتقال إلى حكم آخر».
كما أراد ساترفيلد التدخل في شؤون لبنان وطالب بأن يصبح «الجيش اللبناني أقوى من حزب الله والقوة الوحيدة الشرعية في لبنان»، وهذا ما ترافق مع تهديدات إسرائيلية عسكرية ضد لبنان بهدف زعزعة استقراره الداخلي واستهداف شعار «الجيش والشعب والمقاومة» في الدفاع عن لبنان. وتتجمع عند ساترفيلد خبرات استمدها من عمله في سيناء والعراق والقاهرة وبيروت حين كان مكلفاً من وزارة الخارجية أو سفيراً في بعض هذه العواصم.
يبدو أن زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى كل من مصر ولبنان والكويت والأردن وتركيا خلال الأيام المقبلة تتقاطع هي أيضاً مع ما أعلنه ساترفيلد أمام الإسرائيليين، لكن الأرض لن تكون مفروشة بالورود أمام تيلرسون أو ساترفيلد في المنطقة فهناك ثغرات لا يمكن اختراقها وهي:
أولاً: زيادة القوة العسكرية لمحور المقاومة بعد انتصاراته على داعش ومجموعاتها ومتانة التحالف بين أطرافه.
ثانياً: زيادة الدعم العسكري والسياسي الروسي لهذا المحور من أجل تحقيق الأهداف المشتركة والثابتة لجميع أطرافه.
ثالثاً: إن تيلرسون لن ينجح في توحيد حلفاء وأصدقاء واشنطن حول أهداف مشتركة أميركية، فتركيا لا تزال تشكل لغزاً محيراً يحمل التناقضات سواء تجاه واشنطن أم تجاه أهدافه، والأردن لن يتمكن من استيعاب أي دور ضد الجوار بعد النتائج التي فرضها انتصار سورية والعراق وحلفائهما على داعش وغيرها، والعراق يجد مصلحته في الابتعاد عن أي سياسة أميركية تستهدف جواره، ولبنان ومصر لم تقدم لهما واشنطن شيئاً لمحاربة داعش وغيرها.