إسقاط الطائرة الإسرائيلية في عيون الإعلام العربي؛ أضاء بعضها وأعمى بعضها الآخر

إسقاط الطائرة الإسرائيلية في عيون الإعلام العربي؛ أضاء بعضها وأعمى بعضها الآخر

تحليل وآراء

الاثنين، ١٢ فبراير ٢٠١٨

لم نكن نعتقد للحظة واحدة أن القنوات العربية على اختلاف انتماءاتها وسياساتها ومرجعياتها وأجنداتها قد تختلف حول ما حصل في "10/2/2018" على الحدود السورية مع فلسطين المحتلة، وفقا لما تربينا عليه على الأقل وما تعلمناه في مدارسنا أو ما سمعناه من الزعماء العرب طيلة عقود طويلة من الزمن حول الموقف العربي من كيان الاحتلال.

لكن ما اتضح جليا بعد إسقاط الدفاعات الجوية السورية للطائرة الإسرائيلية "F- 16" يوم السبت الماضي، أن بعض الحكومات العربية ماضية نحو التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي حتى النخاع، وما شاهدناه من ردود أفعال إعلامها الرسمي والمحلي حول سقوط الطائرة يندى له الجبين، لدرجة تشعرك بأنك تقرأ إعلام إسرائيلي متطرف حتى نتنياهو لو قرأه سيخجل مما جاء فيه من كذب وافتراء ومحاولة لسرقة هذا النصر المدوي الذي لم تستطع صحف عالمية مثل "واشنطن بوست" و "فاو نيوز" و"نيويورك تايمز" إنكاره، حتى أن الأخيرة عنونت احدى مقالاتها " سورية حطمت هيبة إسرائيل"، وعلى ما يبدو حطمت معها هيبة الماكينات الإعلامية لكل من السعودية والإمارات، هذه الماكينات التي تعمدت الحط من مكانة الجيش السوري وإظهاره على أنه عاجز عن مواجهة "إسرائيل" أو الرد على اعتداءاتها.

وفي مقابل ذلك كانت تعمل هذه الماكينات ليل نهار على إظهار مدى قدرة جيش الاحتلال في مواجهة أي تحدي مستقبلي أو حرب مستقبلية، ومن خلال مرور بسيط على قنوات ومواقع مثل "سكاي نيوز" و"العربية" و"الشرق الأوسط" وغيرها ستستشف أيها القارئ العزيز مدى حقد هذه القنوات على سورية وجيشها الذي لقن العدو درسا لن ينساه لعقود من الزمن، وسترى مدى تعاطفهم مع الصهيوني وكيفية إظهارهم لتصريحات مسؤوليه وعنونتها بالخط العريض وكأنهم هم من تم الاعتداء عليهم، مقابل تجاهل إبراز نتائج هذه الضربة على الداخل الإسرائيلي وكيف زلزلت كيانه وجعلته يلهث لطلب النجدة من الروسي والأمريكي لاحتواء الموقف وإسراع المسؤولين الصهاينة لإيصال فكرة مفادها أنهم لا يريدون أن تتسع هذه الحادثة وتتحول إلى حرب قد تؤذي "إسرائيل" على الجبهة الداخلية وتزعزع استقرارها لمدة زمنية طويلة وقد تهدد وجودها في حال شاركت فيها حركات المقاومة في كل من فلسطين ولبنان والعراق.

ولكي تحاول هذه القنوات سرقة الفرحة التي عمت شوارع البلدان العربية جراء اسقاط الطائرة الإسرائيلية، عملت على التركيز على التواجد الإيراني في سورية وحددت في أكثر من تقرير مواقع تواجد القوات الإيرانية في سورياة وكأن داعمي هذه القنوات ومموليها يرشون الأرز والورود على الشعب السوري ويحافظون على وحدة سورية ولا يدعمون الجماعات التكفيرية، وركزت أيضا هذه القنوات على النقاط والمواقع التي استهدفها الطيران الإسرائيلي بعد اسقاط الطائرة لتفريغ هذا الحدث التاريخي والتحول الاستراتيجي من محتواه.

وبعيدا عن هذه القنوات الناطقة باللغة العربية لا يمكن ان نتجاهل وقوف العديد من الأحزاب العربية والقنوات والمواقع الأخرى إلى جانب سورية وفرحتها بهذا الإنجاز التاريخي، لدرجة ان بعض مقدمي البرامج نزلت منهم دموع الفرح أثناء إذاعة الخبر، وبعضهم قام بتوزيع الحلويات على الهواء مباشرة كما فعل الإعلامي المصري جابر القرموطي الذي عبر عن سعادته بخبر سقوط المقاتلة الإسرائيلية من طراز "اف 16" في سورية، وقال "القرموطي"، في برنامجه "مانشيت القرموطي"، مساء الأحد، إن "إسرائيل" هي العدو الأول لمصر والدول العربية، ووزع "القرموطي" قطع "شيكولاتة" على العاملين في البرنامج، وأعرب عن تمنياته في مواصلة هذه العمليات ضد "إسرائيل".

وكان لافتا جدا تعاطف الإعلام المصري على اختلاف توجهاته مع حادثة إسقاط الطائرة، وكان واضحا جدا النبض والزخم العربي في مواجهة العدو الصهيوني من خلال الكتاب المصريين والإعلاميين والمذيعين، ونحن لم نكن نتوقع غير ذلك من مصر وابنائها الذين يملكون حسا وطنيا وقوميا لا يقدر بثمن.

في الختام؛ اسقاط الطائرة الإسرائيلية أعاد للشعوب العربية نبضها وإيمانها وثقتها بأنه لا يزال هناك من يحارب العدو الصهيوني ويتحداه ويرفض التطبيع معه، وهذا أهم ما أقلق الصهاينة، فهم يعملون ليل نهار على إبعاد روح المقاومة والعدوانية تجاه "إسرائيل" ولكن على ما يبدو لن يفلحوا في ذلك لطالما هناك نبض مقاوم في الشرق الأوسط.

وللقنوات الناطقة بالعربية في السعودية والامارات نقول، مهما حاولتم أن تهمّشوا نصر سورية على الإرهاب والعدوان الصهيوني لن تستطيعوا فالشمس لا تحجب بغربال.