إرادة الإصلاح .. بقلم: سامر يحيى

إرادة الإصلاح .. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأحد، ٤ فبراير ٢٠١٨

الإصلاح الإداري هو تغييرات مستمرة تستند لخطة شاملة انطلاقاً من الهيكلية الموجودة والتوزيع الحالي للمؤسسات الحكومية، بهدف تحقيق الحكومة للمهام المنوطة بها، وأهمّها إدارة موارد البلد بالشكل الأمثل، بما يساهم بتحقيق تطلّعات ورغبات وطموحات أبناء الوطن، ضمن إطار الحفاظ على حق ومستقبل الأجيال القادمة بآنٍ معاً...
 
       وبطبيعة الحياة اليومية نعمل لإجراء تفقدٍ مستمر، لإصلاح ما يحتاج لإصلاح، واستبدال ما يحتاج لاستبدال، وتغيير وتطوير.....  إلى ما هنالك، للحفاظ على رونق المنزل أو المكان الذي نكون به، حتى المفترض أن نلجأ لأنفسنا لكي نحاول إصلاح أخطائنا وتغيير الطباع السلبية فينا، وتقويم وتطوير الإيجابيات لدينا لأنّنا جزءٌ فعّال في المجتمع، وكل منا له دوره مهما كان بسيطاً في بناء الوطن، ومن هنا نحن أحوج ما نكون بالعمل المؤسساتي من أجل المتابعة الدورية، ليس فقط للموارد المادية والمباني والمواد الثابتة، بل أيضاً دور كل موظّف وقدرته على العطاء والإبداع وتطوير المهام الموكلة إليه، وبالتالي يسهّل بل يفعل عملية الإصلاح الإداري وتطويرها عملية التوصيف والتشخيص لدور كل منا، وما يمكن له أن يقدّمه لمؤسسته، ودراسة كل تخصص وما يحتاجه من أشخاص وخبرات وشهادة علمية، أو خبرة عملية، أو حتى تدريب وتأهيل، وبالتالي يتم التوزيع الدقيق والبنّاء للعاملين كل في مكانه، فمن غير المنطقي أن يقوم شخص بمهام خمسة أشخاص، وآخرين يقومون بعمل فعلي لا يزيد عن الساعة يومياً، فعملية التشخيص والتوصيف تساهم بتحقيق كسباً قوياً وبناءً من كافّة نواحي الحياة الإدارية والعلمية والعملية .. وهي السبيل الأمثل من أجل بناء إصلاحٍ حقيقي.   
 
      والخطوات العملية الواجب اتباعها لتطوير أي مؤسسة، دراسة الهيكل التنظيمي الحالي، والوضع القائم، بتوصيفه وتشخصيه بشكلٍ كاملٍ متكامل، بما فيها كل عاملٍ وموظّفٍ ومكتبٍ وقسمٍ... إلى ما هنالك، وبالتالي يسهّل علينا معرفة الأولويات وطرق التطوير والتحديث والإصلاح والتقويم، فنجد أنفسنا استطعنا النهوض بالمؤسسة بشكلٍ سريعٍ لا متسرّع، حكيم لا متحكّم، بنّاء لا مجرّد افتراض وسنخضعه لتجربة قد تكون سلباً أو إيجاباً، فنجد أنفسنا تلقائياً أمام هيكلية جديدة نابعةً من الميدان العملي، منطلقةً بإيجابية بناءةً لتطوير العمل المؤسساتي.
 
     إذاً نحن سنكون هنا أمام طريقٍ إيجابيٍ وبنّاء لصالح المؤسسة، وهو تأمين الشخص المناسب بالمكان المناسب، ونستطيع استقطاب الأشخاص من ذوي الاختصاص، فمن الطبيعي أن يكون غالبية موظّفي القطّاع الزراعي من خريجي الكليات والمعاهد والثانويات الزراعية، وقطاع الإعلام، من خريجي كلية الإعلام .. والاقتصاد إلى ما هنالك، وبالتالي لن يتدخّل بغير اختصاصه أحد إلا من تحتاج المؤسسة لجهوده ضمن الكادر الفنّي والإداري والتي قد تحتاج تخصّصات غير التخصص الأساسي للمؤسسة...
 
      وبنفس الوقت تستطيع المؤسسة نتيجة تفعيل دورها وإعادة هيكليتها، بتفعيل عملية الانتاج ومضاعفته، وبالتالي تتطلّب موظّفين جدد مما يمتصّ البطالة وإيجاد فرص عملٍ، لكلِ حسب اختصاصه، وبالتالي لسنا بحاجة لاستصدار تشريعٍ لتخصيص أحدٍ، فالوفاء لدم الشهداء بتطوير مؤسسات الوطن وتثبيت دعائمها، وتعميق استقرارها، وإنجاحها بكلٍ السبل، لأنّه عندما قدّم روحه فداء الوطن، لم يكن بهدف أبنائه، إنّما لأبناء الوطن ككل دون استثناء، والوفاء لدماء الشهداء بمساعدة جميع أبنائه دون استثناء..
 
      ونتيجة هذه الدراسات الجدية والبناءة للمؤسسات القائمة، سنجد أننا تلقائياً فعّلنا الكثير من المؤسسات، فلدينا مؤسسة أبناء الشهداء تفعيل دورها وتوسيع نطاق عملها، ولدينا مكتب الشهداء، مسؤول ومتخصص بمساعدة ذوي الشهداء من مدنيين وعسكريين، وقيام وزارة الصحة بدورها المنوط بها باستقبال والعناية بالمشافي الحكومية بكل الجرحى والذين يحتاجون العلاج، بتطوير المشافي والمستوصفات والمراكز الصحية، لتستطيع استقبال الجميع، وتقديم العلاج المناسب المجاني.
 
     أما كيف سيلمس المواطن نتائج العمل على أرض الواقع، فهذه هي النقطة التي دائماً هي موضع خلاف، وكل مسؤول يدّعي أن نتائج عمله تحتاج فترةٍ من الزمن لتظهر، متجاهلاً أن مجرد أن يرى المواطن الذي يراجع مؤسسة حكومية استقبالاً إيجابياً من الموظّف المسؤول بدءا ًمن النافذة الواحدة وليس انتهاء بموظّف الاستعلامات بأي مؤسسة... عندما يتم تنظيم الدور والتزام كل مؤسسة لديها احتكاك مع المواطن بتقديم الخدمة له بأسرع وقتٍ ممكن بإيجاد آليات وما أكثرها الآليات التي تسهّل عملية تقديم الخدمات كل ضمن تخصصه، بعيداً عن التنظير إنّما انطلاقاً من الواقع المتاح والإمكانيات المتوفّرة، عندما يرى بوادر ذلك سيؤمن أن الخير الكبير قادمٌ مع الأيام، وإلا فسيبقى مجرّد تنظير يرحّل النتائج للمستقبل.
 
      المواطن العربي السوري قد يكون كغيره متطلّباً، وهذا حقّه فهو لديه إيمانٌ أنّه بوطنٍ عريق وتاريخ متجدد وقادر على تقديم كل شيء لأبنائه في أعتى الظروف، ولكن بنفس الوقت، شعب متعاونٌ مع مؤسسته وحكومته ووطنه ومخلصاً لقيادته، وما يحتاجه فقط استنهاض الهمم وتشجيعه ليكون جزءاً فعّالاً في الوطن، سواءً كان مغترباً أو مواطناً، فنراه جزءاً لا يتجزأ وبالتالي يشعر بأن الإصلاح الإداري أتى أكله..