تركيا والمحور الأوراسي و"خلع الأنياب"... "الجيش الموحد" حلم لن يبصر النور..بقلم الكاتب صلاح النشواتي

تركيا والمحور الأوراسي و"خلع الأنياب"... "الجيش الموحد" حلم لن يبصر النور..بقلم الكاتب صلاح النشواتي

تحليل وآراء

الجمعة، ١٢ يناير ٢٠١٨

رأى الكاتب والباحث السوري في الشؤون الدولية صلاح النشواتي أن الملف السوري يتربع على رأس القضايا والملفات الإقليمية في التجاذبات والصراعات الدولية وتلعب أنقرة دوراً في هذا الملف ولكن يتضح أن هذا الدور هو في خدمة أولويات الأمن القومي التركي دوناً عن التزاماتها الأخرى.
 
وأشار الكاتب السوري في مقال نشره موقع "كاتيخون" إلى أنه رغم قوة الدولة التركية وتطور جيشها ومعداتها العسكرية وتنوع أدواتها في المنطقة بما يمكنها من لعب دور أساسي إلا أن تركيا التي انطلقت حديثاً كفاعل مؤثر في السياسيات الدولية وصانع قرار إقليمي خضعت للأسر في بعض المواقع كعلاقتها التقليدية مع الولايات المتحدة الأمريكية والناتو وللترويض في مواقع أخرى على غرار علاقتها مع روسيا والحلف الأوراسي.
 
ولفت النشواتي إلى أن هذا ما دفع تركيا إلى تلمس موقعها الجديد في السلسة الغذائية بعد أن وصل الحال برئيس البلاد رجب طيب أردوغان إلى الهجوم على مجلس الأمن من خلال تصريحاته المتكررة بأن "العالم أكبر من خمسة" في إشارة إلى الدول الخمس الدائمة العضوية وذلك فقط لأن تركيا ليست بينهم حيث أن القوة على اختلاف أشكالها وأنواعها  التي اكتسبتها أنقرة حديثاً لا تكفيها بكل تأكيد لتكون في رأس الهرم الغذائي ولا حتى لتصل إلى مرحلة التصنيف بين الدول الكبرى في النسق الثاني للنظام الدولي رغم كل المشاريع التي تبنتها الحكومة التركية من "العثمانية الجديدة" وصولاً إلى دعم القوميات الأخرى بمبررات القضايا الإسلامية المشتركة كأداة وصاية وتعديل في البنى الجيوبولتيكية للشرق الأوسط بما يخدم مساعيها وتمددها، والتي لم تقف عند حدود المتوسط بل امتدت للبحر الأحمر من خلال جزيرة سواكن السودانية ضمن الاتفاقية الأخيرة مع الخرطوم وللخليج العربي من خلال توسيع القاعدة العسكرية التركية في قطر بعد التضامن معها في أزمة المقاطعة الخليجية" على حد تعبير النشواتي.
 
وأضاف: على رأس هذه الملفات والقضايا يتربع الملف السوري بمسار أستانا للتهدئة لتلعب من خلاله أنقرة دور أحد الضامنين لإنجاح هذا المسار والذي يتضح أن الضامن الوحيد الذي سعت له أنقرة هو خدمة أولويات الأمن القومي التركي دوناً عن التزاماتها الأخرى وتجلى ذلك بدخول قوات الجيش التركي بدلاً من الشرطة العسكرية لمراقبة وقف إطلاق النار في إدلب وتطويق عفرين بدلاً من محاربة "النصرة" الإرهابية والذي يعد من الالتزامات التركية كدولة ضامنة بل وذهبت أنقرة لأبعد من ذلك بمحاولة دمج "هيئة تحرير الشام" مع باقي الفصائل بتشكيل "الجيش الموحد" كمبادرة لخلط التصنيفات والتي ينتج عنها خلط جغرافية هذه الفصائل ومناطق انتشارها.
 
وأردف الكاتب أنه وفي انتظار استخدام كل هذا الكيان الجديد والمنظم جنباً إلى جنب مع الجيش التركي للاتجاه نحو حلب فور شروع واشنطن بفتح جولة ثانية من الحرب ضد دمشق من خلال تشكيلاتها الجديدة في الجنوب كـ"جيش سوريا الجديد" و"جيش الشمال" مع "قوات سوريا الديمقراطية" حيث أصبحت قوات الجيش التركي تتواجد في أقرب نقطة في تاريخ الحرب السورية من مدينة حلب في دارة عزة والتي لا تفصلها إلا بضعة كيلومترات عن حلب في محاولة تركية لاستغلال أي فرصة ممكن أن تسنح في المستقبل لتكرار سيناريو السقوط الثاني لتدمر في حلب ولكن بشكل نهائي وهو ما استشعرت روسيا بخطره مسبقاً لتباشر مع الجيش العربي السوري بعملية خلع الناب التركي في إدلب وبطريقة بالغة الألم لدرجة أن صوت أنقرة وتصريحاتها صدح في معظم عواصم المنطقة والعالم على شكل دعوات للالتزام بتفاهمات أستانا. على حد قول النشواتي.
 
وقال: العملية العسكرية في إدلب ليست فقط طريق يشقه الجيش ومطار يسعى لاستعادته بل تتخطى أبعادها ذلك بكثير حيث أن الدخول القوي للجيش العربي السوري والتقدم المهول من ناحية السرعة رسخ اعتقاداً لدى "هيئة تحرير الشام" باختراق استخباراتي كبير وواسع لصفوف المجموعات المسلحة لتتهم فيما بعد حركة "أجناد القوقاز" بالتخابر مع جهاز الاستخبارات العسكرية الخارجية الروسية وتسليمها بنك أهداف ضد "النصرة" جعل من سقوط مواقعها ودفاعاتها في المعركة أمراً محتوماً ما دفعها إلى استهداف مقر الجماعة بسيارة مفخخة أودت بالكثيرين إضافة للدور الوظيفي لهذه المعركة في تدمير أي بنية مشتركة لتلك المجموعات من الممكن أن تصبح أرضية للمبادرة التركية لتشكيل "الجيش الموحد" حيث كان من المقرر أن يشكل الكيان الجديد غطاء لأنقرة لاستلام الأسلحة الأمريكية الفتاكة التي سلمت لأوكرانيا كطريق بديل عن بلغاريا لتصل إلى الداخل السوري عوضاً عن تسليمها لـ"قوات سوريا الديمقراطية" التي يتزعمها الكرد لمنحها لباقي الفصائل والتشكيلات كـ"جيش سوريا الجديد" التي تعيد هيكلته القاعدة الأمريكية في التنف ما أثار جنون أنقرة على حد وصف النشواتي.
 
وأضاف: أنقرة اليوم مجبرة على منع وصول الأسلحة من أوكرانيا إلى سورية حتى لا ينال الأكراد في الشمال نصيبهم منها ما سيرفع من منسوب التوتر مع واشنطن ومجبرة أيضاً على إحضار فصائلها لمؤتمر سوتشي للتسوية السياسية في سورية كحل وحيد لوقف العمليات العسكرية في إدلب تحت طائل تحول كامل الحدود التركية الجنوبية الشرقية لجبهات مفتوحة وأعداء وخصوم يجمعهم عامل مشترك أساسي وهو الانتقام من أنقرة إضافة إلى خسارة مقعدها المتخلخل في "الحلف الأوراسي" الذي لا يوجد بديل حالي لأنقره عنه بحسب النشواتي.
 
وخلص الكاتب السوري إلى أن دمشق وموسكو قررتا إنهاء أهم منطقتين لخفض التصعيد (إدلب - الغوطة الشرقية لدمشق) طالما أن وقف إطلاق النار لا ينتج أي تفاهمات سياسية ليلي هذه المنطقتين منطقة خفض التصعيد في حمص والتقدم باتجاه شرق الفرات في حال لم تكن النتائج كافية لإطلاق عجلة الحل السياسي وهو ما لا يمكن للأطراف الضليعة في الأزمة السورية تحمل تبعاته بعد إفشال مشروع قلب الطاولة على كل سورية وروسيا.