2017 عام الخيبات.. فماذا عن 2018؟.. بقلم: أنس وهيب الكردي

2017 عام الخيبات.. فماذا عن 2018؟.. بقلم: أنس وهيب الكردي

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢ يناير ٢٠١٨

أطل العام 2017 محملاً بآمال كبرى بقرب نهاية الأزمة السورية، وانتهى بتصعيد دولي وإقليمي، يبشر بابتعاد الحل المرجو.
انعقدت الآمال في موسكو على رئاسة دونالد ترامب عله يتخلى عن سياسة سلفه باراك أوباما ويعيد إطلاق العلاقة الروسية الأميركية من الهاوية التي انحدرت إليها خلال السنوات الأخيرة، وبالفعل، لم يجد الرجل حرجاً في التخلي عن نهج لم يعد مجدياً بعد التقارب التركي الروسي، فألغى ترامب برنامج وكالة المخابرات المركزية الـ«سي. أي. أيه» لتدريب وتسليح المعارضين في غرب سورية، ما أفسح المجال أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال قمة هامبورغ، للموافقة على تقسيم عمل روسي أميركي للقضاء على تنظيم داعش في دير الزور والرقة.
لكن ترامب لم يلبث أن أطلق يدي وزارة الدفاع «البنتاغون» في دعم «قوات سورية الديمقراطية – قسد» شرقي نهر الفرات، مسترهناً أغنى المناطق السورية، كوسيلة ضغط على الحكومة السورية، وحليفاتها في طهرن وموسكو، ولعرقلة أي تسوية للأزمة السورية لا تأخذ مصالح واشنطن وشركائها الإقليميين بعين الاعتبار، وأوضح الرئيس الأميركي أن إستراتيجيته في سورية يصوغها الجنرالات في مجلس الأمن القومي، أي البنتاغون والقيادة المركزية للشرق الأوسط «سنتكوم»، وأن الناطق الرسمي باسم الإدارة هو سكرتير الدفاع جيمس ماتيس، لا ريكس تيلرسون.
خيبة أمل روسية أخرى لأن عميد الدبلوماسية الأميركية، سبق وأن تقلد قبل أعوام أرفع الأوسمة الروسية من الرئيس بوتين.
هؤلاء الجنرالات يعتبرون أن الحرب الأميركية من أجل العراق لم تنته، وهم لا يقبلون بأقل من الهيمنة على مقدرات بلاد الرافدين، ومن هنا تتفرع إستراتيجياتهم الشرق أوسطية، ومن هنا ينبع عداؤهم القوي لإيران ولأي قوة قد تهدد الموقع الأميركي في بغداد، ومعركتهم الكبرى ستكون في هذا العام على ربح بغداد، وإصرارهم على دعم «قسد» وإرساء وجود أميركي مدني، دبلوماسي وعسكري في مناطق سيطرتها، مرده عدم وضوح الرؤية حول مستقبل العراق وسورية، وأبعد من ذلك، هؤلاء الجنرالات حانقون على ما يعتقدونه تراجعاً في قوة القبضة الأميركية على عالم ما بعد الاتحاد السوفييتي، هم يدعون إلى منافسة جيوسياسية وعسكرية مع القوى الكبرى البازغة، وتجلت أفكارهم بشكل صريح في عقيدة الأمن القومي التي أعلنها ترامب قبل أسابيع، والتي أظهرت أن واشنطن أظهرت العزم على مواجهة الصين وروسيا.
هكذا، في حين بسط الجنرالات أيديهم على مقاليد الإدارة الجمهورية، باتت فرص الحوار الدبلوماسي الأميركي الروسي نافلة، وإن تمكن بوتين وترامب بين الفينة والأخرى من التوصل إلى اتفاقات حول قواعد متجددة لإدارة اللعبة الكبرى الدائرة من حول الهلال الخصيب.
روسيا بدورها تستعد لجولة من التوتر الدولي، لكنها تعمل على تأجيلها ما أمكن إلى ما بعد مونديال كرة القدم أواسط العام الجاري.
خيبات الأمل في أنقرة من الإدارة الجمهورية، كبيرة هي الأخرى، بعد أن توقعت دوائر صنع القرار التركية أن ينفخ ترامب الروح في التحالف الأميركي التركي المتراجع والذي باتت تعتبره واشنطن «علاقة زواج صعبة».
وربما لا تعدل خيبات أمل أنقرة من واشنطن، سوى خيبات كل من قصد تركيا لجذبها بعيداً عن السياسات الإمبراطورية التي سكنت رؤوس مسؤوليها.
ومع تعثر محادثات جنيف، خابت آمال المراهنين من المعارضة على المسار الناشط في سويسرا برعاية الأمم المتحدة، ومعهم أنصارهم ومؤيدوهم وكل من يرفع شعارات التغيير، ورهانهم الأخير على إمكانية أن تقبل موسكو برؤاهم بات مهدداً مع توضح خطط موسكو بشأن مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي.
إن كان للخيبات من فائدة فلأنها تعيدنا إلى الأرض وعالم الوقائع وإن كانت قاسية، ولعل عام 2018 يكون عام الوقائع، على الرغم من أنه سيكون عام الصراع على مستقبل الوجود الأميركي في شرق سورية، وحسم مصير مناطق خفض التصعيد، والمعركة الكبرى من أجل بغداد.