سوتشي طريق السلام السوري الصعب..بقلم: ديمة ناصيف

سوتشي طريق السلام السوري الصعب..بقلم: ديمة ناصيف

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٧ ديسمبر ٢٠١٧

تلتقط موسكو لحظة انكفاء أميركي عن السلام السوري، وتبدّل كبير بموازين القوى على الأرض لصالح حليفتها دمشق، تعتبر موسكو أنها قادرة على اجتراح خطوات السلام السوري من سوتشي، مقدمته الاصلاحات الدستورية على دستور العام 2012 أو طرح دستور جديد والانتخابات المقبلة، التي لم تعد دمشق تعارض إشراف أممي عليها لا ينال من السيادة السورية.

التسوية السياسية لسوريا حجزت مواعيد جديدة بداية العام, في جنيف وسوتشي, وإن كان المزاج الرسمي السوري يفضّل سوتشي مساراً جديداً, بعد فشل كل جولات جنيف ولما فيه أرجحية لمرجعية شعبية للعملية السياسية, تنقذ دمشق من ألغام بيانات جنيف والرياض, التي تجعل من العملية السياسية عملية نقل للسلطة, وهو ما يعاكس المعطيات الميدانية بعد انتصارات كثيرة للجيش السوري وحلفائه, واستعادة مساحات كبيرة من الأراضي السورية, جعلت السيطرة لدمشق على أكثر من 70% من البلاد.

الطائرات الروسية ستنقل من حميميم 1500 مشاركاً أو أكثر إلى سوتشي, من 33 منظمة ونقابة وحزب سياسي وشخصيات مستقلة ومعارضة واقتصادية وأكاديمية ورجال دين ومجتمع أهلي وفصائل مسلحة وقعت على اتفاقات خفض التصعيد.

ومن الكرد لن يحضر إلا الشخصيات الحيادية التي لا تنتمي إلى أحزاب سياسية لتفكيك العقد التركية في مشاركة الكرد بمؤتمر سوتشي، حيث هددت أنقرة بمقاطعة المؤتمر إن تم فرض شخصيات تعتبرها إرهابية، واقترحت مشاركة أعضاء من المجلس الوطني الكردي الذي يرأسه عبد الحكيم بشار وهو ضمن مكوّنات الائتلاف المعارض.

بالمقابل تعهدت أنقرة بالضغط على فصائل أستانة والائتلاف المعارض للحضور إلى سوتشي، رغم إعلان الائتلاف مقاطعته للمؤتمر و40 فصيلاً مسلحاً من فصائل الجيش الحر.

وإذّ تحاول موسكو جمع أكبر طيف من مكونات الشعب السوري ترى المعارضة السورية في الائتلاف أن سوتشي أشبه بحوار الحكومة السورية مع نفسها، فأغلب الحاضرين سيأتون من داخل سوريا، وموسكو تسعى لاستبدال جنيف بسوتشي لفرض حل منفرد يخالف القرارات الدولية، ولم تتمكن كل التصريحات الروسية بأن المؤتمر سيكون تحت إشراف وإدارة الأمم المتحدة وأنه ليس بديلاً عن أي مسار آخر من نزع الذرائع من المقاطعين، الذين يتمسكون ببيان جنيف واحد والـ 2254 كمرجعية للتفاوض مع الحكومة السورية كما تناولت بياناتهم مؤخراً. ولعل أكثر ما أثار حفيظة هؤلاء هو اشتراط موسكو ألا يكون نقاش مصير الرئيس الأسد أو المطالبة برحيله ضمن أجندة نقاش سوتشي.

وتلتقط موسكو لحظة انكفاء أميركي عن السلام السوري، وتبدّل كبير بموازين القوى على الأرض لصالح حليفتها دمشق، تعتبر موسكو أنها قادرة على اجتراح خطوات السلام السوري من سوتشي، مقدمته الاصلاحات الدستورية على دستور العام 2012 أو طرح دستور جديد والانتخابات المقبلة، التي لم تعد دمشق تعارض إشراف أممي عليها لا ينال من السيادة السورية.

وتستعير سوتشي من أستانة رعاتها، الأتراك والروس والايرانيين. دون أن تتقاطع في ملفاتها معها أومع جنيف وسلال دي مستورا، وهو ما تحاول موسكو تبديد الهواجس تجاه سوتشي وبأنه لن يكون بديلاً بل تكاملاً مع المسارات الأخرى.

لا أجندة في سوتشي، فالمعلومات من بعض المشاركين بأن هناك فقط نقاش حول الدستور أو الاصلاحات الدستورية من دون توضيح من الجانب الروسي كيف سيتم نقاش ذلك بين الحاضرين، وإذا ما كان حواراً نقاشياً لطرح أفكار أم تقدم كل جهة ورقتها ورؤيتها لهذه الاصلاحات، وتتمسك دمشق بأن يكون الاصلاح الدستوري ضمن آلية مجلس الشعب السوري وترفض تقديم موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في العام 2021.
وبحسب المعلومات، فإن “الإصلاح الدستوري” سيكون بنداً مهيمناً في المشاورات المقبلة. وتتمسك موسكو بالحصول على دعم الأمم المتحدة وأميركا ودول إقليمية لمؤتمر سوتشي، لكن الدول الأخرى قلقة من أن يكون “مسار سوتشي” بديلاً من مفاوضات جنيف خصوصاً إذا تضمن إطلاق عملية الإصلاح الدستوري، في وقت أعلن المبعوث الدولي ستافان دي ميستورا أن جنيف في جولته التاسعة في منتصف الشهر القادم ستتناول ملفي “الدستور والانتخابات”.
الميادين