ما بين سوتشي وجنيف.. بقلم: ميسون يوسف

ما بين سوتشي وجنيف.. بقلم: ميسون يوسف

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٦ ديسمبر ٢٠١٧

عندما تناهى إلى علم المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي مستورا عزم روسيا على الدعوة إلى حوار سوري واسع في سوتشي مطلع العام المقبل، سارع إلى الدعوة إلى «جنيف 8» وفي ظنه أن بإمكانه أن يمرر شيئاً يقطع الطريق على حوار سوتشي يخفف من أهميته، ولاسيما أن دي مستورا ومن لحظة إطلاق العمليات الرديفة أو البديلة لجنيف في أستانا منذ مطلع العام الحالي، بات يتصرف محكوماً بذهنية المنافسة أو بخشية فقدان الدور والتأثير في الأزمة السورية والبحث عن حلول لها.
لكن «جنيف 8» لم يحقق شيئاً كان يتمناه دي مستورا أو أمر بتحقيقه من الجهة الراعية فعلياً لجنيف وهي أميركا التي تريد أن تحقق في السياسة وعبر جنيف ولقاءاتها وحواراتها ما عجزت عنه في الميدان، وانقلب السحر في «جنيف 8» على الساحر الأميركي ومن يعمل بأمرته وبتوجيهه من مجموعة الدمى المسماة معارضة سورية، أو دي مستورا نفسه الذي يتصرف في كثير من الأحيان كموظف في الخارجية الأميركية، حيث أظهر الوفد السوري كعادته صلابة وشجاعة في رفض الشروط المسبقة والمناورات الاحتيالية وأفشل كل ما رغبت أميركا في تحقيقه. إخفاق «جنيف 8» لا يعني أن سورية أقفلت الباب أمام الحل السياسي للأزمة في سورية، إذ كما كان مسار أستانا البديل لجنيف عسكرياً، وحققت اللقاءات فيها دفعاً لعملية مكافحة الإرهاب على الأرض السورية بعد طول مماطلة في جنيف، فإن هناك آمالاً عريضة معلقة على مؤتمر الحوار السوري الذي يرعاه الطرف الروسي في سوتشي، حيث يتوقع في الجولة الأولى إرساء أسس واضحة لحل سياسي، يقبل به ويعمل له كل من يؤمن بوحدة سورية وسيادتها وقرارها المستقل الذي يتخذه شعبها من دون إملاء من أحد.
إن أهم ما سيكون في سوتشي كما بات واضحاً هو استبعاد كل من يريد أن يروج لثقافة العدوان على سورية ويعمل لتحقيق أهدافه، واستبعاد كل من أراد أن يملي شروطاً مسبقة ويقحم المؤتمر في عبثية تشبه عبثية جنيف، وبالمقابل سيكون حاضراً في جنيف كل سوري عامل في الشأن العام مخلص لوطنه رافض للتدخل الأجنبي والعدوان، ولذلك قد يصل حجم المشاركة في سوتشي إلى 1700 مشارك سيتكلمون كلهم لغة عربية سورية وطنية قومية، وإن كانت لهم مواقف متباينة من الطروحات حول مسارات العمل وأساليب حفظ المصلحة الوطنية.
باختصار إن سوتشي سيكون كما يبدو البديل لجنيف.