القدس… 128 إهانة لترامب.. بقلم: سميح صعب

القدس… 128 إهانة لترامب.. بقلم: سميح صعب

تحليل وآراء

الأحد، ٢٤ ديسمبر ٢٠١٧

أقحم الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسه في الصراع العربي – الاسرائيلي من بوابة القدس. الملف الأكثر تعقيداً في أصعب صراع عرفه العالم في الزمن الحديث. مقاربة ترامب تفضح سذاجة لا متناهية لديه. وليس فيها ما يدل أيسر دلالة على وجود إحاطة بمفهوم صراع لا يحل بـ”صفقة”.
المدخل الذي اختاره ترامب ليبدأ منه ما يسميه البحث عن تسوية “تاريخية”، زاد المسألة تعقيداً وأربك حتى أقرب حلفاء الولايات المتحدة الذين كانوا مستعدين للمضي بأي اقتراح أميركي لو أتى بالحد الأدنى من التوازن. لن يكون في امكان أي فلسطيني أو عربي أن يدخل في تسوية مع إسرائيل إذا كان عنوانها التخلي عن القدس. وقرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، أجهض أي مرونة مفترضة من حلفاء الولايات المتحدة حيال ما يمكن أن تقترحه الإدارة الاميركية.
لكن التهديدات التي أطلقها ترامب لاحقاً للدول التي صوتت ضد قراره في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، تضيء على نوع التفكير الذي يستبد برجل يلوح باستخدام القوة للحفاظ على الولايات المتحدة قوة عظمى وحيدة في العالم لا تطيق تحدياً لا من روسيا ولا من الصين. ويستغرب كيف أن دولاً تتلقى مساعدات مالية من أميركا وتصوت في الوقت عينه ضد قرار يتخذه رئيسها.
ولا يمكن وصف قرار ترامب بأنه كان بمثابة إلقاء حجر في المياه الراكدة للمفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية، لأنه عملياً قال للفلسطينيين إبدأوا يجب أن تبدأوا التفاوض انطلاقاً من نسيان القدس. إلا أن طرحاً كهذا لا يمكن تسويقه لدى الفلسطينيين، حتى مع الخلل الواضح في موازين القوى لمصلحة إسرائيل.
ومن رد فعل ترامب الغاضب على تصويت الجمعية العمومية للأمم المتحدة على مشروع قرار يدعوه إلى التراجع عن قراره في شأن القدس، يتضح أن مستشاريه الذين نصحوه بالمضي في القرار لم يكونوا يتصورون أن رد الفعل الفلسطيني والدولي سيكون بهذا الاتساع، وأن “الاهانة التي لن تنساها أميركا” على حد تعبير السفيرة الاميركية نيكي هايلي، بعد تصويت 14 من الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن على مشروع قرار، تكررت بعد يومين في قاعة الجمعية العمومية للأمم المتحدة حيث ارتفع عدد الدول التي أهانت واشنطن الى 128 دولة. لذا لم يكن في وسع نائب الرئيس الاميركي مايك بنس العراب الرئيسي لقرار القدس انجاز جولته في المنطقة.
وقرار القدس يندرج في سياق القرارات التي فضحت مدى العزلة الاميركية على الصعيد الدولي، مثل الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ واتفاق الهجرة الدولية الى اعادة النظر في اتفاق “نافتا” للتجارة الحرة مع كندا والمكسيك.