العلاقات العامة.. حاجة مؤسساتية.. بقلم: سامر يحيى

العلاقات العامة.. حاجة مؤسساتية.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الاثنين، ٤ ديسمبر ٢٠١٧

الوظيفة الحكومية مجموعة من الواجبات والمسؤوليات، تحدّدها السلطة ذات الاختصاص، والموظّف هو الشخص الذي يُستخدم بصفةٍ نظامية ليقوم بواجبات ومسؤولية وظيفةٍ ما، مقابل أجرٍ محدّد، ويتمتّع لقاء ذلك بالحقوق والامتيازات المرتبطة بها، والمرتبة الوظيفية، هي مستوى وظيفي يشكّل حلقة في سلسلة ضمن إطار المؤسسة..
ولكن الشكوى المطروحة من غالبية الموظّفين الحكوميين بما فيهم الكثير ممن هم في مرتبة عالية، إما من قلّة المرتب ويجب أن نعمل بقدر ما نقبض، فلسنا مضطّرين لبذل جهدٍ مضاعف، أو رمي التهم على البيئة والثقافة الوظيفية، أو اِعمل بالحد الأدنى كي لا تخطئ وتعاقب، متجاهلين أن الغالبية تسعى للحصول على وظيفة حكومية، باعتبارها ساقية جارية خير من نهر مقطوع، ومتناسين أن هدف وجودهم بهذه المؤسسة زيادة إنتاجية المؤسسة، أنّا كان دورها انتاجي أم خدمي أم إداري. .. إلخ.
ويكاد كلّ شخص يتكلّم بنفس الخطاب، والتساؤل المطروح، هل يدرك الموظّف الحكومي ما هو الدور المنوط به؟ ما هي المسؤوليات الملقاة على كاهله؟ ما هي إمكانيات وقدرات مؤسسته؟ هل قادرة على العطاء والإبداع ضمن الظروف التي نعيش بها؟ أم تنتهي معرفته عن مؤسسته كم المرتّب الذي سيحصل عليه، وهل توجد مواصلات تؤمن له طريقه، وهل توجد موارد أخرى يستطيع بها جني المال؟!..
كل هذه التساؤلات الإجابة عليها بسيطة، على الأقل في المرحلة الأولى من عملية الإصلاح الإداري، ألا وهو تفعيل دائرة العلاقات العامة بكل مؤسسة، التي هي صلة الوصل بين المؤسسة وجمهورها الداخلي والخارجي، وكذلك المؤسسات الأخرى، ولكن هل نحن بحاجة لإنشاء إدارة بحاجة لكادر متخصّص بالعلاقات العامة، وموازنة خاصة، لا سيّما بالظروف الحالية التي تمر بها بلدنا، والمطلوب من المؤسسات العمل على تخفيف الهدر وضغط النفقات.
        بكل تأكيد التفعيل الحقيقي لدائرة العلاقات العامة بكل مؤسسة، هو الطريق الأسمى للوصول لتخفيف الهدر وضغط النفقات، ودفع عجلة الإنتاج إلى الأمام، فالعلاقات العامة ليست استقبل وودّع، ولا لباسٌ أنيقٌ ولسانٌ جميل، إنما حصيلة التقاء كافّة الإدارات والأقسام بالمؤسسة، وهي استمزاج آراء جميع العاملين كلُ حسب تخصصه ودوره، وسماع الآراء والأفكار والرؤى للخلاص بالنتيجة الأفضل التي توصل المؤسسة للهدف المنشود، وبالتالي فدائرة العلاقات العامة الحقيقية المنتجة، هي التي تضم رأس الهرم في كل مؤسسة، إلى كافة أبناء المؤسسة، للبحث والنقاش والحوار بكل ما يخص المؤسسة وتفعيل دورها في تلبية حاجيات المواطن والإمكانيات والثغرات والتحديات والمعوقات وسبل تذليلها، والإيجابيات وسبل تطويرها وتفعيل الأفكار الجديدة للحد من العشوائية أو غياب الأمن الوظيفي أو التناقض في الرأي بين العاملين بنفس المؤسسة، بعيداً عن اللقاء الأكاديمي أو التنظيري الجاف، والنفاق أو المديح المدمّر.
     فالمؤسسة وجدت لإدارة موارد البلد ضمن تخصّصها، وبالتالي الموظّف مهمته خدمة المواطن الذي يتعامل معه دون استثناء، ودور الموظّف الحكومي ابتداع الطرق القانونية والسليمة لتطوير وتدعيم أداء وعمل مؤسسته، فأي موظّفٍ مهما كانت مرتبته يمثل الحكومة..
ومن المهم جداً أن يكون هذا الممثل في صورة ما يجري حوله، فالكثير من المؤسسات لا يرى موظفيها مديرهم العام أو المسؤول عنهم إلا بالمناسبات والبعض منها على شاشات التلفاز، فدائرة العلاقات العامة هي صلة الوصل بين المراتب العليا في المؤسسة مع بقية أبناء المؤسسة والعاملين بها، وبالتالي يقطع الطريق على المستغلين والسماسرة، ويدرك كل موظّفٍ دوره، ومستعداً للإجابة على كل تساؤلٍ قد يطرح عليه في أي لحظة ومهما كانت المناسبة.
وكي لا نبقى ندور في الدائرة المفرغة، يا ترى أليس وجود الموظّف الحكومي في مؤسسته بهدف القيام بدورٍ انتاجي ضمن المهام المكلّف بها، إذاً دائرة العلاقات العامة دورها تفعيل دور كل عاملٍ في مكانه، ووضعه بالصورة الصحيحة لأدائه مما ينعكس إيجاباً على مؤسسته، وبالتالي على الدخل القومي الذي سينعكس تلقائياً عليه وعلى كل أبناء المجتمع.. فنحن لا نطالب العامل العمل دون مقابل، بل بذل الجهد المكلّف به لا بد أن سيؤدي لمقابلٍ يرضيه ويحقق له طموحاته.. ولدينا إدارات عدّة يمكن دمجها لتشكل دائرة العلاقات العامة، مكتب المدير، الشؤون الإدارية، الموارد البشرية، التنمية الإدارية... إلخ.
     فدور كل مؤسسة القضاء على الروتين والبيروقراطية، وتفعيل أداء جميع العاملين لديها، وأن يشعر الجميع أنّ لهم دور بناء في المؤسسة، ليشكّلوا خلية عملٍ، وجسر الفجوة بين المؤسسة وأبنائها، بين المؤسسة وجمهورها الداخلي والخارجي، بين المؤسسة والمؤسسات الأخرى.. وبالتالي يصبح من السهل السيطرة على التصريحات التي يستغلها الآخر، أو غير مكتملة المعلومات والمعطيات الأساسية والتي تحرج المسؤول بطريقة أو أخرى، بالإضافة لأنها تعمل على الاستفادة من الشكوى ضد أداء المؤسسة بطريقة أو أخرى بدلاً من تجاهلها وانعكاسها السلبي لسمعة المؤسسة، وبالتالي تسد كل ثغرة او نقطة ضعف في المؤسسة، وتفعّل الإنتاج بأقصى طاقةٍ ممكنة.
      محبّة وطننا تكون بأن ندرك أننا جزء من الوطن، ودورنا ليس هامشياً أنى كنا بل أساسياً، وكل له رأي ورؤية، ومجموع آرائنا وأفكارنا تصب في مصلحة الوطن وتحقيق الأهداف المنوط بها، وأن نتحمّل المسؤولية لا نحمّلها للآخر، ويقوم كلنا بدوره المنوط به لا انتظار الأخر..