إسرائيل لن تحصد إلا الخسائر.. بقلم: تحسين الحلبي

إسرائيل لن تحصد إلا الخسائر.. بقلم: تحسين الحلبي

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٠ نوفمبر ٢٠١٧

تشير معظم المصادر الإعلامية الإسرائيلية إلى الخسارة الكبيرة التي تعرض لها رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو في سياسته الخارجية في المنطقة ولم يستطع تعويضها، فالسياسة الإسرائيلية من الطبيعي أن تدفع ثمناً في كل مرة تتراجع فيها السياسية الخارجية الأميركية عن تحقيق المكاسب، كما أنها تدفع ثمناً في ظروف أخرى تتعلق بها.
في العقود الماضية كانت إسرائيل تتمتع بتحالف إستراتيجي مع الدولتين الإقليميتين اللتين تحيطان بسورية والعراق، وهما إيران في عهد الشاه وتركيا طوال العقود الماضية، وإضافة إليهما كانت قد أسست علاقة سرية وتحالفاً مع قيادة أكراد العراق عبر مصطفى بارزاني منذ عام 1965 للمراهنة على فصل شمال العراق عن جنوبه، وها هي الآن تجد نفسها وقد خسرت شاه إيران وتحولت ثورة الإمام آية الله الخميني إلى أشد أعداء إسرائيل، أما تركيا فما عادت قادرة على أن تقدم لنتنياهو ما يريده منها بسبب تحولاتها الأخيرة وأزماتها الداخلية وحاجتها إلى طهران وموسكو في هذه الظروف، وتلقت إسرائيل ضربة قاسية حين أعلنت دعمها واعترافها بانفصال شمال العراق أثناء الاستفتاء الذي نفذه مسعود بارزاني، ثم أحبطت الحكومة العراقية نتائجه وأعادت الوضع في شمال العراق إلى السيادة المركزية.
لم يعد لنتياهو في الجوار العراقي والسوري حلفاء بل إن العراق بدأ يستعيد نهوضه وتقاربه الصاعد مع إيران وسورية، وعلى جبهة الجنوب والجنوب الشرقي تلقت إسرائيل ضربة قاسية أيضاً حين أحبطت سورية وحلفاؤها خطة إسرائيل عند حدود الجولان، وأصبحت «منطقة خفض التصعيد» هناك بإشراف روسي عسكري ودور سوري سيادي مع تراجع الدور الأميركي.
لا تخفى على المحللين الإسرائيليين الإشارة إلى أن نتنياهو لم يحقق شيئاً إلا على ساحة الاستيطان في الأراضي المحتلة، وبدأت علاقته تتأزم مع المملكة الأردنية في أعقاب الضغوطات الشعبية الأردنية على وجود السفير الإسرائيلي ومقتل أحد المواطنين الأردنيين داخل السفارة على يد حارس إسرائيلي.
وبسبب هذه العزلة الإسرائيلية الإقليمية بدا واضحاً أن نتنياهو أخذ يتوجه نحو السعودية التي لم يخف عدد من المسؤولين فيها رغبتهم في التقارب معها وتوظيف هذا التقارب عند الطرفين ضد حزب الله وإيران.
يلاحظ المراقبون لوضع الطرفين الإسرائيلي والسعودي، أن الرياض أيضاً منيت بهزائم عديدة في سياستها الخارجية مثل الحرب على اليمن، وفي سياسة تحالفاتها بعد أن شب النزاع الحاد بينها وبين قطر وحمل مضاعفاته السلبية على مجلس التعاون الخليجي، ولولا الأموال التي تعرضها كرشوة لبعض الدول، لأصبحت في أسوأ أوضاع العزلة الإقليمية والدولية، ناهيك عن الوضع الداخلي الذي يثير شكوكاً متزايدة حول مدى نجاح واستقرار الانقلاب الذي نفذه الملك سلمان بن عبد العزيز داخل العائلة السعودية المالكة.
إذا، يمكن وصف التقارب السعودي تجاه إسرائيل بلقاء «المتعوس مع خائب الرجا»، فالطرفان هزما حين راهنا على أن دعم المجموعات الإسلامية التكفيرية المسلحة ضد سورية والعراق سيؤدي إلى تخلصهما من هاتين الدولتين، ثم وجدا أن هزيمة هذه المجموعات عززت قوة محور المقاومة والدور العراقي القومي المتصاعد في الاتجاه نفسه وبدأت واشنطن حليفهما الأكبر تتراجع قدرتها على فرض ما تريد أمام تزايد قوة ودور الاتحاد الروسي وحلفائه في المنطقة.
في النهاية، تدرك إسرائيل قبل السعودية أن أي تطبيع للعلاقات بين الرياض وتل أبيب لن ينتج عنه خسارة لدول محور المقاومة، كما أن طريق التطبيع السعودي سيظل محفوفاً بأخطار داخلية لأن الجمهور السعودي على غرار بقية الشعب العربي، لن يقبل بتطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال الصهيوني في فلسطين والقدس.