ملحمة الوجع.."مهرجان" الوجع.. بقلم: د.فايز الصايغ

ملحمة الوجع.."مهرجان" الوجع.. بقلم: د.فايز الصايغ

تحليل وآراء

الأحد، ١٣ أغسطس ٢٠١٧

 من يؤتيك وجعه ..حزنه ..احباطه .. امنحه ما تيسّر لك من فرح ولو لم تمتلكه في زمن عز فيه الفرح وتندر فيه الابتسامه ...
 في سورية " مهرجانات " للوجع واعراس للحزن  وكرنفالات للتشييع والدموع ..
اغلى الدمع للامهات ..اصدقها للمظلومين ..اكثرها تعبيرا وكله كثير دموع الاطفال حيث تختزل دموعهم دمع الامهات والمظلومين  ان لم نقل دموع الإنسانية كلها ...
 فيلم " الوجع " الذي شاهدته بحواسي السبع هزّني من الاعماق  وكدت افقد توازني امام  من هم حولي وبخاصه عندما سمعت رواية سيدة الابداع في الاستشهاد ..رواية المهندسه ميسون وكيف ناقشت مع زوجها القرار
قرر الزوجان ان  تكون المواجهه بقنبله والاستشهاد الاسروي بالاخرى وهما حيلتهما  وان يكون الاستشهاد ملحمة اسره وملحمة وطن وتاريخ معاً ...
 الصور تتزاحم بكثافة الحدث كما كثافة المشاعر  والوقت ضيق  والمواجهه دنت من الباب ... ربما نسيت الاسره ان تضيء الشموع وتتلو الصلوات ..فالله حاضر وبحضوره سبحانه  تنتفي الحاجه الى الطقوس لكنها تلت على اسرتها القرار .. نستشهد معاً كما كنا سنعيش معاً ونفَذت القرار بمشيئة الله الحاضر ..لعل اللقاء في السماء اجمل واجدى وأروع وإكثر دواما....
 مدينة عدرا العماليه شهدت وعانت مالم يشهده ويعانيه تاريخ الإنسان " المتحضر " والحقير معاً ... اجنحة الوجع حلّقت فوق سماء سوريا ومُنعت من الوصول الى فضاءات العالم  ..شنّوا حرباً على الوجع والحزن والدمع وسخّروا حضارة الغرب المتعجرف لتسويق  ساديّة التمتع بالوجع  وتدمير الإنسان وممارسة الشذوذ السياسي المدروس الذي تلقنوه في مدارس الصهيونيه العالميه ...
 ملحمة الوجع من وجدان اصحابها اصدق من اية روايه ... النساء اللواتي تعرضن للإغتصاب تروي الدمار النفسي والآثار والإنعكاسات التي حطمت دواخلهن .... اجدن البوح بملامح القهر ..معدة الفيلم وزوجها المخرج فتحا نوافذ البوح على مصراعيها بجداره ... العيون تنطق قبل الشفاه المرتجفه من الهول الذي يرتدي قناع الإنسان .. اليدان ترتجفان وكل اصبع يدلي بدلوه ...أنهار من المشاعر الموجعه تتدفق ..شلال من الصور والتداعيات الوجدانيه تنهمر ..بحر من الدموع لامهات شهدن اغتصاب بناتهن وحرق اطفالهن ، لم تكن ملحمة المهندسه ميسون وزوجها نزار قد انتشر صيتها بعد ،تحصنت اسرتهما بقنابل الموت ..لم تتحصن المغتٓصبات بوسائل الموت المشرف ، قضين المقدر وتركن العقاب لله ومن بعده للجيش السوري الذي طاردهم في عقورهم ولا يزال ...
 فيلم "  الوجع " لم تُستخدم فيه تقنيات التصوير الحديثه بمقدار ما استخدم فيه تقنيات الاحساس . شاهدته بلا مؤثرات الا مؤثرات الاحداث نفسها التي ادخلتني في رباعيات وخماسيات أبعاد الحضور والمعايشه بدلا من ثلاثيات ابعاد التصوير ..دخلت افران حرق البشر وغرف الاغتصاب ومطابخ الجرائم وتلمست بالحواس السبع حجم الدمار النفسي الذي اصاب المرأه السوريه وحجم الإصرار على فدية الوطن والخروج من الازمات المدرركَه والمعروفه وغير المدركه وغير المسبوقه .ولكن كيف وقد سُلبن ما يملكن واصبحن عراة بثيابهن معزولات في اسرهن والمجتمع .مشار اليهن بالاصابع العشره ؟؟ انها وظيفة للسوريين جميعا ..مؤسسات ..نقابات..جمعيات ..مجتمع مدني ..هيئات ..افراد ،اغنياء ،فقراء .. تعالوا نجتمع على الوجع ونرسم خارطة طريق لسورية خاليه من الوجع ومن اسبابه وتداعياته وانكساراته ...
 الفيلم ..اعداد وتعليق الاعلاميه فاديا محمود وإخراج ادوار ميا ...