حزب الله... والحشد الشعبي... وقلب فلسطين !

حزب الله... والحشد الشعبي... وقلب فلسطين !

تحليل وآراء

السبت، ٢٢ يوليو ٢٠١٧

عقيل الشيخ حسين

انتهت الحرب...  ينبغي إذاً نزع السلاح. منطق سليم تماماً، اللهم إلا إذا صار المنطق خلاف المنطق، بحيث لا يقضي هذا المنطق بنزع سلاح الطرف المهزوم، بل الطرف المنتصر.


وتطبيق هذه القاعدة يعني عملياً، إلغاء النتيجة التي تحققت بفضل النصر، وخلق ظروف جديدة تسمح للطرف المهزوم بالتحول إلى طرف منتصر، والعكس بالعكس.

ما الذي كان يمكن أن يجري فيما لو تحقق، بشكل أو بآخر، مطلب القوى التي، في لبنان وخارج لبنان، طالبت -فور صدور قرار وقف الأعمال العدائية بين لبنان والكيان الصهيوني، في أواسط آب / أغسطس 2006-  بنزع سلاح حزب الله، أي في اللحظة التي حقق فيها حزب الله انتصاره المدهش على الجيش الإسرائيلي الذي كان ينظر إليه على أنه قوة لا تقهر؟


هل كان يمكن لو، بشكل أو بآخر، تم نزع سلاح حزب الله، أن يحدث شيء آخر غير عودة الجيش الإسرائيلي إلى الهجوم، في ظروف هي عينها ظروف الحروب-النزهات التي كان ذلك الجيش معتاداً على خوضها والانتصار فيها على الجيوش العربية ؟
ولو تم ذلك، هل كان يمكن لأحد أن يجد تصنيفاً آخر للقوى التي طالبت بنزع سلاح حزب لله غير التصنيف الذي يضعها في موقع "العمالة" أو "التحالف" مع الكيان الصهيوني؟
الانتصار الذي حققه حزب الله في صيف العام 2006، وضع الكيان الصهيوني في موقع العجز النهائي عن شن حرب على لبنان. لكن الحرب الإسرائيلية على لبنان لم تأت هذه المرة من الجنوب، بل من الشرق والشمال، ومن قبل قوى هي نفسها امتداد لتلك التي طالبت وما تزال تطالب بنزع سلاح حزب الله: هل بقي هنالك شك بأن الجماعات الإرهابية الناشطة في سوريا والعراق، وأيضاً على الحدود اللبنانية وفي الداخل اللبناني، هي شيء آخر غير فرق عسكرية خاصة يحركها حلف الناتو والكيان الصهيوني وتحظى بالدعم من قبل دول وبيئات حاضنة معروفة؟
وهذا بالضبط ما يفسر "التحفظات" التي تصدر عن تلك القوى على مشاركة حزب الله في حرب سوريا ضد الإرهاب، وفي المواجهة مع الجماعات الإرهابية المتمترسة في جبال لبنان الشرقية.
وتلك التحفظات هي، لأن العمالة هي أيضاً "أمة واحدة"، نفسها التي صدرت في العراق عن القوى نفسها، إزاء مشاركة الحشد الشعبي في المعركة ضد داعش. وهي نفسها التي تقول اليوم، بعد استعادة الموصل، بأن الحرب مع داعش قد انتهت، وتطالب، على هذا الأساس، بنزع سلاح الحشد الشعبي، أو بمنعه من الاقتراب من الحدود السورية، أو حتى بحل الحشد الشعبي أو، وهذا أضعف مظاهر العداء للعراق، بمنع الحشد من مزاولة العمل السياسي، لا لذنب غير كونه القوة الحاسمة التي لم يكن من الممكن بغير مشاركتها أن يصار إلى استعادة الموصل، ولن يكون من الممكن من غير مشاركتها أن تستكمل الحرب ضد داعش، ولا لهدف غير منح داعش فرصة للاستمرار في الوجود، أو لتجديد وجودها، والعودة إلى لعب دورها الإجرامي في حال نجاح الجهود الهادفة إلى تغييب الحشد الشعبي.
ما الذي يمكن أن تعنيه هذه المواقف من الحشد الشعبي غير الدفاع عن داعش، دفاع هو من نوع الدفاع عن داعش الذي ظهر بألف شكل وشكل من قبل الأميركيين الحاضرين في الحرب المشبوهة على داعش؟
هذه المواقف من حزب الله ومن الحشد الشعبي هي نفسها مواقف المعسكر الصهيوـأميركي وامتداداته العربية. وليس لهذه المواقف غير تفسير واحد هو، في النهاية، ضرب محور المقاومة، لاستكمال مشروع الكيان الصهيوني الذي أصبح، بعد هزيمته في العام 2006، عاجزاً عن استكمال مشروعه التوسعي في المنطقة.
وليس في المشروع الإسرائيلي ما هو أعز عليه وأشهى من تهويد القدس ومن إزالة المسجد الأقصى من الوجود. وهذا بالضبط ما يدفع المملكة السعودية، التي تحتل موقعاً متقدماً في العداء لقضية الشعب الفلسطيني، ولحزب الله، وللحشد الشعبي، ولكل جهة تعمل من أجل تحرير فلسطين... ما يدفعها، عبر أبواقها ودعاتها إلى الدعوة العلنية إلى التخلي عن المسجد الأقصى للإسرائيليين.
والأنكى أن هذه الدعوة تريد لنفسها أن تكون "نصرة" للفلسطينيين : على أساس أن تمسكهم بالمسجد الأقصى هو ما يجعل الإسرائيليين يقتلونهم ويسفكون دماءهم، وعلى أساس أن هذه الدماء هي أشد حرمة من المسجد الحرام...
وهنا أيضاً، لأن ساحة المعركة واحدة، نجد أنفسنا أمام المنطق المخالف للمنطق نفسه، مع فارق غير بسيط: دعوة لا إلى نزع سلاح الفلسطينيين، بل حتى إلى التخلي لعدوهم عن قلب فلسطين! 
العهد