هل ستنفذ أميركا ضربة عسكرية جديدة في سورية؟

هل ستنفذ أميركا ضربة عسكرية جديدة في سورية؟

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٨ يونيو ٢٠١٧

عمر معربوني* - بيروت برس -

مرّة جديدة بدأت الإدارة الأميركية بالترويج استباقيًا لضربة عسكرية في سوريا ستكون بمثابة ثمن باهظ يدفعه الجيش السوري والرئيس الأسد، بحسب ما جاء في التهديدات الأميركية، في إشارة الى مستوى الضربة وقوتها والذريعة نفسها وهي استخدام الجيش السوري للأسلحة الكيميائية. والمثير في الأمر أنّ القادة العسكريين في اميركا نفوا علمهم بوجود تحضيرات لدى الجيش السوري تهدف الى شن هجوم كيميائي في اي مكان من سوريا.

ما صدر عن البيت الأبيض والمندوبة الأميركية في الأمم المتحدة سبقه كلام للرئيس الفرنسي ماكرون عن امكانية قيام فرنسا منفردة او بالتعاون مع اميركا بتوجيه ضربة عسكرية للجيش السوري، اذا ما قام الأخير بشن هجمات كيميائية قد تؤدي الى سقوط عدد كبيرمن الضحايا، وهو كلام جاء في سياق واحد اعلن فيه ماكرون ان الرئيس الأسد عدو شعبه وليس عدو فرنسا، إضافةً الى قوله بأنّ الجماعات الإرهابية هي العدو المشترك للجميع وانه على كل المتضررين من الإرهاب ان ينسقوا جهودهم لمحاربته وهزيمته.

التصريحات الأميركية تتزامن مع انجازات كبيرة يحققها الجيش السوري خصوصًا في اتجاهات البادية حيث المتغيرات الكبيرة ذات المدى الإستراتيجي.
في المباشر، تشكل عمليات الجيش السوري مقدمات لتحرير الجغرافيا السورية التي تحتوي ثروات كبيرة في مجال النفط والغاز والفوسفات، وهو امر سيعيد التوازن للإقتصاد السوري الذي تعرّض لإنتكاسة كبيرة بسبب الحرب.

على المدى المتوسط والبعيد، سيكون لاستعادة الجغرافيا السورية وربطها بالعراق تداعيات ايجابية على مستوى خوض الصراع بمواجهة الكيان الصهيوني، نذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر:
1-    تفعيل العلاقات التجارية بين دول المحور الاربع ايران وسوريا والعراق ولبنان وتنشيطها عبر طريق البر لتشمل الكثير من المنتجات، اضافة الى ارتفاع حجم الواردات من السياحتين العادية والدينية حيث سيكون الطريق البري بديلًا عن طريق الجو وحيث سيزيد عدد القادمين بالاتجاهين اضعافًا كبيرة.
2-    كسر تفوق الجماعات الإرهابية في عاملين اساسيين كانا لمصلحتها حتى ما قبل ربط الحدود، وهما عامل التفوق بالعديد البشري وطرق الإمداد حيث تملك الجماعات الإرهابية حتى اللحظة طرق امداد مفتوحة وقصيرة عبر الأردن وتركيا بينما تأتي الإمدادات الى سوريا عبر طريقي البحر والجو، وهما طريقا امداد بطيئان قياسًا الى طريق الإمداد عبر البر، حيث بات بوسع محور المقاومة تزويد الميدان في سوريا باعداد اكبر من المقاتلين وتأمين زجهم في القتال بالموارد اللازمة بشكل سريع ويومي ان اقتضى الأمر.
3-    ان ربط الطريق بين العراق وسوريا يعني بما يرتبط بالصراع مع العدو الصهيوني كسرًا لميزان القوى، وهو ما يبدو يثير توترًا وذعرًا وقلقًا في سلوك وتصرفات القيادتين الأميركية والصهيونية حيث رأينا تدخلًا مباشرًا لسلاح الجو الأميركي في اكثر من مكان كان آخرها اسقاط السوخوي – 22 السورية بالقرب من الرصافة لإعاقة تقدم الجيش على محور الرصافة – دير الزور، في حين ان سلاح الجو الصهيوني تدخل ايضًا وهي ليست المرة الأولى لدعم هجوم جبهة النصرة في الجولان السوري.

ان استكمال الجيش السوري عملياته سيرفع مستوى التوتر الأميركي والصهيوني، حيث تم احباط مشروع القوس العازل والرابط في آنٍ معًا والممتد من القنيطرة الى درعا والسويداء مرورًا بالتنف وصولًا الى البوكمال، وهو القوس الذي كانت اميركا و"اسرائيل" ترغبان في تثبيته بشكل نهائي لعزل سوريا عن العراق وايران من الجهة الشرقية والشرقية الشمالية وعزل سوريا عن فلسطين المحتلة لمنع تشكل حزام مقاومة بعمق يصل الى طهران.
وبالنظر الى تطور العمليات، فمن المؤكد بعد وصول الجيش السوري الى مشارف المحطة الثانية وربطها بالمحطة الثالثة مرورًا بالضليعيات عند نقطة حميمة، أننا بتنا امام مشهد جديد لخط الجبهة الذي ستنطلق منه العمليات باتجاه البوكمال ودير الزور، خصوصًا ان ربط اتجاه التقدم شمال غرب الرصافة باتجاه جنوب شرق اثرية على وشك التحقق اضافة الى عمليات مؤكدة سيطلقها الجيش السوري باتجاه السخنة من تدمر ومن ثم الى الكوم من اتجاهين، احدهما استكمال للتقدم باتجاه السخنة والثاني من جنوب غرب اثرية.
بذلك نكون قد شهدنا اتمام المرحلة الأولى من عمليات البادية والتي سيصل حجم الجغرافيا المحررة فيها حوالي 45 الف كلم مربع، مع اكتمال خط الجبهة المتماسك والقوي استعدادًا لمعركة دير الزور والبوكمال.

امام هذا الوضع، ستعمد اميركا ومعها "اسرائيل" الى التذرع بذرائع متعددة لتوجيه ضربة للجيش السوري من خلال فبركة ضربة كيميائية اعتقد انه لا يمكن فبركتها حاليًا إلّا في منطقة جوبر او في درعا، نظرًا لأن طائرات سلاح الجو السوري لا تعمل حاليًا خارج نطاق عمليات البادية إلّا في هذين القطاعين، حتى يكون الإتهام مستندًا الى تبريرات مرتبطة بمهمات سلاح الجو السوري.
في كل الأحوال، يعلم الجميع انه في ظل حالة الإنتصارات المتتالية ستعمد اميركا الى محاولة عرقلة نتائج الإنتصارات عبر تهديدات اذا ما نفذتها هذه المرة ستدفع بالأمور الى حافة الهاوية بشكل غير مسبوق.