من عين ترما إلى درعا.. بقلم: سامر ضاحي

من عين ترما إلى درعا.. بقلم: سامر ضاحي

تحليل وآراء

الاثنين، ١٩ يونيو ٢٠١٧

لا شك أن مذكرة «مناطق تخفيف التصعيد» تعتبر إلى اليوم أكثر التوافقات الدولية صموداً في الميدان السوري إذا ما استثنينا وحدة الأراضي السورية كخط احمر لا يسمح بتجاوزه لا محلياً ولا دولياً حتى رغم ما يظهر من اختلاف هنا وتباين هناك بين الدول التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالأزمة السورية.
المذكرة أضفت على الواقع الميداني هدوءاً وخف معها نزيف الدم، وساهمت بمنح أفق مضاعف للجيش العربي السوري وحلفائه للتفرغ لمكافحة تنظيم داعش الإرهابي فكان التحرك في البادية على 4 محاور والتقدم المستمر رغم استمرار ضبابية الموقف حول مصير معبر التنف الحدودي مع العراق لكن المرجح أن العمل جار لفتح معبر البوكمال بعد استعادة المدينة التي يتقدم نحوها الجيش من محورين.
وفي ظل هذه البحبوحة التي يعيشها الجيش اليوم لا بد أن يلتفت إلى مناطق جبهة النصرة الإرهابية أيضاً التي يحاول الغرب لفلفة ملفها، إذ تعتبر هدنة درعا التي جاءت بعد محادثات دولية أعقبت القوة الضاربة التي أظهرها الجيش في مخيمي درعا شرقي المدينة تمهد لمصالحة كبرى تحقن الدماء وتخفض هامش الخسائر المادية والبشرية هناك.
ومن غير المتوقع أن تختلف شروط مصالحة درعا عن شروط المصالحات الأخرى التي جرت في أماكن مختلفة وخاصة في ريف العاصمة لكن المرجح أن يسمح فقط لعناصر «النصرة» بالمغادرة إلى إدلب في حين تسوى أوضاع من تبقى من عناصر ميليشيات الجنوب ولكن أيضاً من المبكر جداً الحديث عن وصول للجيش وحلفائه إلى معبر نصيب الحدودي، لأن العرقلة الأردنية الأميركية حاضرة وبقوة لدعم الميليشيات هناك وأولوية الجيش اليوم هي استعادة مراكز المدن الرئيسية.
ومع اقتراب تطبيق المرحلة الأخيرة من «اتفاق المدن الأربع» وإخراج «النصرة» من جنوب دمشق فإن أنظار الجيش ستوجه إلى الغوطة الشرقية لريف العاصمة حيث تتواجد «النصرة» بشكل متشابك مع تواجد ميليشيات أخرى أبرزها «فيلق الرحمن» وهي ميليشيات تحمل الفكر الإخواني، ومن غير المرجح أن يفرط الجيش بفرصة انكشاف الدعم الخليجي للإرهاب في سورية أمام العالم ليستثمره في الميدان، فرغم تعدد جبهات الغوطة الشرقية فقد تكون جبهة عين ترما هي المرشح الأبرز لانطلاق عمليات الجيش المقبلة كون التقدم في وادي عين ترما يجنب تعريض المدنيين داخل الغوطة للخطر من جهة ويتيح للجيش تكتياكات عسكرية تمهد لاحقاً لتقسيم الغوطة إلى مربعات وجيوب يتم التعامل مع كل منها على حدة في وقت لاحق ما لم تقبل الميليشيات بالمصالحة هناك.
أمام هذا السيناريو قد لا يكون أمام مسلحي الغوطة أولاً والنصرة منهم ثانياً من خيار إلا القبول بشروط مصالحة تعطي دمشق مزيداً من هامش الارتياح ويبقي إدلب لمعركة دحر الإرهاب على حين يبقى الشمال السوري لمعركة المفاوضات، ولعل سلسلة اجتماعات جنيف المقبلة في ظل استمرار تقدم الجيش ستتحول إلى محادثات لترتيب الوضع في الشمال السوري فقط.