معركة درعا الكبرى.. لماذا الآن!؟.. بقلم: هشام الهبيشان

معركة درعا الكبرى.. لماذا الآن!؟.. بقلم: هشام الهبيشان

تحليل وآراء

الخميس، ٨ يونيو ٢٠١٧


لا يمكن لأي متابع أن ينكر حجم الأهمية الاستراتيجية لمحافظة درعا عسكرياً المتموضعة بموقعها الاستراتيجي بجنوب سورية، فهي تشكل أهمية استراتيجية بخريطة العمليات العسكرية السورية، وتحتل أهمية استراتيجية باعتبارها مفتاحاً لسلسلة مناطق تمتد على طول الجغرافيا السورية، فهي نقطة وصل بين مناطق وسط و جنوب شرق سورية، امتداداً على طول شريط المناطق الحدودية الأردنية  شمالاً ، وصولاً إلى المناطق المرتبطة بالجانب الحدودي مع الاراضي الفلسطينية المحتلة ، إضافة إلى كونها تشكل نقطة ربط بين المناطق الجغرافية السورية المرتبطة بوسط  سورية “العاصمة دمشق “، وهذا ما يعكس حجم الأهمية الاستراتيجية الكبرى لمحافظة درعا بخريطة المعارك  بالجنوب والجنوب الشرقي حتى شرق ووسط سورية بشكل عام.

هذه المحافظة الاستراتيجية  تسيطر الجماعات المتطرفة المسلحة  على أجزاء منها وخصوصاً بعض مناطق أريافها وخصوصاً الشمالية والغربية  منها وببعض مناطق المدينة وأحيائها ، وهنا لا يخفى حجم الدعم  الصهيوني والسعودي والأميركي لهذه المجاميع المسلحة الراديكالية بعموم مناطق هذه المحافظة، والدولة السورية بدورها مازالت تحافظ على مساحة  واسعة من عموم مناطق المحافظة، وكانت تسعى بشكل مستمر إلى استراد المناطق الخاضعة لسيطرة المجاميع المسلحة المتطرفة بعموم مناطق المحافظة، وقد نجحت منذ  عام باسترداد مساحات من ارياف المحافظة .

مدينة  درعا بدورها ما زالت وبمساحات واسعة منها تحت سيطرة الدولة ، هذه المدينة بالفترة الأخيرة تعرضت لمجموعة غزوات من قبل هذه المجاميع الراديكالية وداعميها بهدف إسقاط  بعض احياء المدينة “حي المنشية ” كرد على استرداد الجيش العربي السوري لمساحات واسعة كانت تسيطر عليها المجاميع المسلحة داخل المحافظة ، ولكن معظم هذه المحاولات فشلت وأسقطت بمقابل صمود الجيش العربي السوري مدعوماً بأهالي مدينة درعا أمام هذه الغزوات المتلاحقة، ما أدى لفشل معظمها إن لم يكن جميعها،وقد كانت هناك  وقبل بضعة  اشهر عملية  لـ ثمانية عشر ميليشيا مسلحة موجودة في محافظة درعا ، قد شكلت  غرفة عمليات،والهادفة كما تتدعي إلى توحيد جهود الميلشيات  كافة من أجل السيطرة على حي المنشية وما يليه من احياء بدرعا المدينة.

العملية  حينها ،بالطبع أعلنت نفسها فور انطلاقها، آلاف المسلحين الراديكاليين مدججون بعشرات الأطنان من الأسلحة الفتاكة كانوا هم النواة الرئيسية المحضرة لـغزوة   حي المنشية وما سيتبعها، وبدورها الأجهزة الاستخباراتية وعلى رأسها الاستخبارات الأمريكية – السعودية، جهزت الأرضية والدعم العسكري لهذه المجاميع الراديكالية لتتحرك بهذا الدعم العسكري والتسليحي واللوجستي بهدف إسقاط   كامل مدينة درعا كهدف رئيسي وأساسي، استكمالاً لعملية موازية اخرى كانت حينها بريف حماه وبشرق  وجنوب شرق دمشق ، القيادة العسكرية السورية حينها  أيضاً استشعرت خطورة ما هو آت ويستهدف محافظة درعا ، والتي تعول عليها الرياض وواشنطن والكيان الصهيوني  كهدف أول يتيح لهم الوصول إلى مسار عسكري يضمن على الأقل تعديل مسار التوازنات العسكرية على الأرض السورية.

القيادة العسكرية السورية  حينها ، حضّرت بدورها لهذه المعركة الكبرى بدرعا المدينة ،وتعاملت بحرفية وحنكة مع معظم العمليات السابقة التي تم صدها وإسقاطها بالتضحيات الجسام، لقد كانت معركة مدينة درعا«مصيرية» بكل معنى الكلمة، نظراً إلى المكانة الاستراتيجية للمدينة بشكل عام بخريطة العمليات العسكرية، وقد نجح الجيش العربي السوري بإسقاط أهداف  هذه الغزوة  للمجاميع المسلحة المتطرفة ، ولم تنجح هذه الجماعات المدعومة من واشنطن والرياض بتحقيق أي إنجاز على الأرض، والسبب بذلك يعود إلى الحرفية والحنكة التي تعامل بها الجيش العربي السوري مع موجات هذه العملية وعلى كل الجبهات .

ومع فشل عملية المجاميع المسلحة في تحقيق أي انتصار فعلي على أرض الواقع، مازالت تضغط واشنطن  والرياض باتجاه تشكيل قوة أكبر وأكثر تسليحاً لقيادة عمليات مدينة درعا ،وهذا  ما انتج غرفة عمليات تضم عدد اكبر من الميليشيات المسلحة وبتسليح نوعي إلى حدما “وخصوصاً مع  السعي الأمريكي – السعودي – الصهيوني لأقامة مناطق أمنة في عمق الجنوب السوري “، ومن هذا المنطلق فهذه التطورات بمجموعها دفعت الجيش العربي السوري والحلفاء ،لأتخاذ قرار للرد على ما يخطط له الأمريكي ومن معه انطلاقاً من درعا المدينة ، وقد تم بالفعل الحشد والبدء بمعركة كبرى “لتحرير درعا المدينة ولإسقاط المشروع الأمريكي “

ختاماً، الجيش العربي السوري ووحداته القتالية ما زال مستمر بعمليته بدرعا المدينة  ويقدم تضحيات جسام ويستمر تقدمه على محاور  عدة بالمدينة وريفها ، مع عدم إنكار خطورة وحجم العمليات المستقبلية المتوقعة للميلشيات المتطرفة المسلحة في المحافظة .