الخلاف القطري السعودي وقواعد اللعبة الأميركية.. بقلم: تحسين الحلبي

الخلاف القطري السعودي وقواعد اللعبة الأميركية.. بقلم: تحسين الحلبي

تحليل وآراء

الاثنين، ٥ يونيو ٢٠١٧

بعد مغادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للرياض وانتهاء مهرجان الاجتماعات التي عقدها، بدأت «بالونات» العائلة المالكة السعودية تفرغ من الهواء وتطير دون اتجاه، لتؤكد أن ما تخفيه كل دولة من دول النظام الرسمي العربي في الخليج عن الدولة الأخرى سرعان ما يظهر، وهذا ما حدث خلال الأيام الستة الماضية بين حكام الدوحة وحكام الرياض من نزاع وتبادل اتهامات تثير علامات استفهام كثيرة حول إذا ما كان للدوحة أو للرياض، استقلالية عن السياسة الأميركية لكي تكون لكل عاصمة مصالح متناقضة مع المصالح الأميركية.
الكل يعرف بأن سجل دول الخليج يدل على أن الإدارات الأميركية هي من تحدد قواعد اللعبة بين هذه الدول، وهي من تدير عن بعد، ومن خلال القواعد العسكرية الأميركية، سياسة جميع دول النظام الرسمي الخليجية، لكن هذه الإدارات الأميركية تسمح بوجود اختلاف بين هذا الحاكم أو ذاك، داخل البيت الواحد، كما يدرك كل حاكم من هذه الدول، حدود اختلافه مع الحاكم الآخر، فلا يتجاوز هذه الحدود.
وبات معلوماً أن هذه الدول تناصب بعدائها سورية والعراق واليمن وإيران وحزب الله وتشن من خلال حملاتها الإعلامية، حرباً علنية تقسم فيها المنطقة إلى سنة وشيعة ومذاهب وطوائف، وهي السياسة الأميركية نفسها، بل هي جزء من الإستراتيجية الأميركية الإسرائيلية لتفتيت الهوية الوطنية والقومية لكل دول المنطقة من أجل استبدالها بهوية مذهبية طائفية تقسم الجميع وتزرع كل أشكال العداء لمصلحة واشنطن وربيبتها الإسرائيلية.
لقد كانت مهمة حكام قطر والسعودية، بموجب التعليمات الأميركية، تقديم المال وشراء السلاح لجميع المجموعات الإسلامية سواء أكانت من الإخوان المسلمين أم من القاعدة وجبهة النصرة، ما دام شعار هذه التيارات الإرهابية هو شن الحرب، كما قالوا بألسنتهم، على الشيعة والنصارى، فهذا ما أعلنه الزرقاوي وهذا ما أعلنه زعيم القاعدة اسامة بن لادن قبل ذلك، وهذا ما يعلنه زعيم داعش أبو بكر البغدادي.
يبدو أن الخلاف بين حكام قطر والسعودية يكمن بعض أسبابه، في التنافس فيمن يقدم خدمات أكبر للولايات المتحدة، ففي أعقاب زيارة ترامب وما قدمته الرياض له من أموال خيالية لأميركا التي تعد أغنى دول في العالم، شعرت العائلة المالكة أن واشنطن ستقف إلى جانب الرياض ضد حكام قطر وخصوصاً بعد أن أقنعت الرياض البحرين والإمارات ومصر بقطع العلاقات كافة مع قطر، وكان الخلاف بين حكام الدولتين قد بدأ منذ شهر تقريباً، ومن المعتقد أن الرياض كانت تنتظر الوقت المناسب لتصعيد ردها وتأمين وقوف دول أخرى إلى جانبها.
وإذا كان البعض يعتقد أن مؤشرات التقارب القطري مع إيران بموجب تهنئة أمير قطر للرئيس حسن روحاني كانت سبباً رئيساً، فإن تجربة قطر في الوقوف إلى جانب حزب الله بعد انتصاره على العدوان الإسرائيلي في حرب تموز 2006 وتقديم المال لإعادة الإعمار، تقلل من أهمية هذا السبب، لأن قطر خالفت كل مواقف السعودية المعادية لحزب الله في ذلك الوقت، ولم يعاقبها أحد على ذلك الدعم.
ربما يمكن القول إن قطع العلاقات السعودية مع إيران وإعلان الحرب عليها، ومبادرة قطر بتهنئة الرئيس روحاني، ستصبح أحد أهم أسباب هذا الهجوم السعودي على قطر، لكن عدم تجاوب الكويت وسلطنة عمان حتى الآن مع الموقف السعودي واحتمال ابتعاد المملكة الأردنية عن الانخراط في هذا الهجوم سيحمل في النهاية نتيجة واضحة وهي انقسام دول النظام الرسمي العربي الصديقة والمتحالفة مع الولايات المتحدة إلى قسمين: أحدهما بقيادة السعودية والآخر من دون قيادة أي دولة من دوله، لكن هناك من يرى أن السعودية قدمت قطر «كبش فداء» في محاولة لإزاحة تهمة دعم الإرهابيين عنها حين بدأت تدين قطر بدعم الإرهاب وتعد هذه الإدانة تبرئة لها، على حين إن الرياض والدوحة كانتا أول وأهم من عمل معاً في دعم الإرهابيين في كل مكان.
السؤال المطروح الآن هو: ماذا ستفعل أنقرة الحليف الأساسي لقطر تجاه هذا الانقسام؟
يبدو أن واشنطن وأنقرة والكويت ستبدأ الآن بذل الجهود لاحتواء الأزمة المتصاعدة بين حلفائهما!