أردوغان وسيطاً بين بوتين وترامب.. بقلم: أنس وهيب الكردي

أردوغان وسيطاً بين بوتين وترامب.. بقلم: أنس وهيب الكردي

تحليل وآراء

السبت، ٢٢ أبريل ٢٠١٧

استشعر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحسن موقع بلاده الإقليمي في اللعبة الدولية الدائرة في المنطقة. يأتي ذلك جراء قلب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب سياسة سلفه باراك أوباما حيال الشرق الأوسط، من جهة، وحرص روسيا على إبقاء خط الحوار مع أنقرة مفتوحاً بشأن تسوية الأزمة السورية عبر عملية أستانا، من جهة أخرى.
هذا الشعور ربما يغري «السلطان»، الذي دعم وضعيته الداخلية بفوز معتبر بالاستفتاء على الدستور الجديد، بطرح نفسه وسيطاً بين موسكو وواشنطن.
وبعد فوزه بنتائج الاستفتاء، حرص أردوغان على تركيز انتقاداته فيما يتعلق بالأزمة السورية على إيران متهماً إياها بتبني «سياسة توسع فارسية ومذهبية». وعلى الرغم من تكاثر نقاط التوتر بين روسيا وتركيا مؤخراً في سورية، فإن أردوغان لم يشر إليها، كذلك لم يتطرق إلى دعم واشنطن المتزايد لـ«قوات سورية الديمقراطية- قسد» التي تقودها «وحدات حماية الشعب» الكردية لطرد تنظيم داعش الإرهابي من محافظة الرقة. روسياً، أشاع وزير الدفاع التركي فكري أيشيق أجواء من التفاؤل بقرب التوصل إلى اتفاق بين بلاده وروسيا تزود بموجبه الأخيرة، الأولى، بمنظومات «إس 400» المضادة للصواريخ، في خطوة من شأنها التأثير على روابط تركيا بحلف شمال الأطلسي «الناتو».
وبينما لم يخف أردوغان عزمه تكرار عملية «درع الفرات» من دون أن يحدد وجهتها فيما إذا كانت شمال سورية أو شمال العراق، فإن ذلك سيتطلب ضوءاً أخضر أميركياً وروسياً. وهذا سبب آخر يدفع الرئيس التركي إلى إبقاء صلاته قائمة مع كل من روسيا والولايات المتحدة. يضاف إلى ذلك أن زعيمي هاتين الدولتين كانا من أوائل مهنئي أردوغان بنتائج الاستفتاء الذي شهدته تركيا الأسبوع الماضي.
وبات ضرورياً من منظور واشنطن بل وحتى أنقرة، إجراء لقاء بين زعيمي الدولتين، خصوصاً في ضوء التأييد الذي عبر عنه أردوغان للعدوان الأميركي على مطار الشعيرات، واتفاقه مع الرئيس ترامب على ضرورة محاسبة المسؤولين السوريين عن استهداف مدينة خان شيخون بمحافظة إدلب بحسب مزاعم أميركية دحضتها دمشق وموسكو. ويبدو أن أردوغان الذي جعل بلاده طرفاً في عملية أستانا، لا يريد خسارة هذا الموقع المتقدم ولذلك حرص على حجز موعد لنفسه مع سيد الكرملين قبل أسبوعين من لقائه سيد البيت الأبيض.
والأسبوع الماضي أوضح أردوغان في حديث لشبكة «سي. إن. إن» الأميركية للأخبار، أن الاتصال الهاتفي الذي تلقاه من نظيره الأميركي عقب صدور نتائج الاستفتاء في تركيا، كان «مثمراً وبناء»، مبيناً أنهما اتفقا على ضرورة عقد لقاء ثنائي في أقرب وقت ممكن لبحث العديد من القضايا الإقليمية والثنائية، لافتاً إلى أنه بحث مع ترامب الأزمة السورية والسبل الكفيلة بحلها. وألمح الرئيس التركي إلى تغيير محتمل في الموقف الأميركي من مشاركة «وحدات حماية الشعب» في عملية الرقة عندما قال: «أبلغني ترامب بأنه من غير الممكن التغلب على داعش بجهود تنظيم إرهابي آخر»، وهي مقولة يرددها المسؤولون الأتراك في إشارة إلى حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وذراعه العسكرية «حماية الشعب».
وسبق للرئيس التركي أن حدد مطالب تركيا من واشنطن بالتأكيد على أنها تريد «إنشاء منطقة آمنة محظورة الطيران شمالي سورية وتجهيز جيش وطني ليحميها»، إضافة إلى استغناء واشنطن عن مشاركة «الوحدات» في عملية الرقة، وأن تجري الحملة من خلال القوات التركية والأميركية وباقي قوات دول التحالف الدولي، بالتعاون مع «المجموعات المعتدلة غير الإرهابية»، وأخيراً الوفاء بوعد انسحاب عناصر حماية الشعب من مدينة منبج بريف حلب الشمالي الشرقي.
وسعت واشنطن إلى طمأنة أنقرة إلى نواياها في شمال سورية. جاء ذلك عبر زجها بقوات «النخبة السورية» في عملية الرقة وهي ميليشيا يغلب عليها الطابع العشائري العربي. كما حسمت واشنطن أمر عملية الطبقة مستبعدةً عنها قوات الجيش السوري على الرغم من وصول قوات الأخير إلى دير حافر واقترابه من الضفة الغربية لنهر الفرات. كما دخل العسكر الأميركيون على خط التوتر في منطقة إعزاز مقترحين تسليم مناطق سبق أن تقدمت إليها «وحدات حماية الشعب» تحت غطاء روسي إلى مسلحي فصيل محسوب على واشنطن في حل وسط بين الأتراك وأكراد الوحدات.
وتقدمت المفاوضات الجارية بين «قوات سورية الديمقراطية– قسد» وميليشيا «لواء المعتصم» من أجل التوصل إلى اتفاق بين الجانبين بخصوص تسليم القوات لمدينة تل رفعت ومحيطها من القرى إلى مسلحي اللواء. وأشارت مصادر معارضة إلى أن المفاوضات تتم بوساطة وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).
وتجري هذه المفاوضات على وقع تسخين عسكري متبادل حيث تقصف الطائرات التركية مواقع «الديمقراطية» قرب مدينة إعزاز، في حين رد عناصر الأخيرة بشن هجمات على مواقع المسلحين في قرى مرغناز، سيجراز، كفر خاشر، وكلجبرين.