كردستان الكبرى.. بقلم: نبيه البرجي

كردستان الكبرى.. بقلم: نبيه البرجي

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٤ أبريل ٢٠١٧

 مشكلتنا الكبرى، نكبتنا الكبرى، اننا في العقل الاميركي سوق العبيد، واننا في العقل الروسي حجارة الشطرنج، واننا في العقل التركي غلمان الحرملك، واننا في العقل الايراني بقايا قبلية، واننا في العقل الاسرائيلي جثث مع وقف التنفيذ..

بعد مائة عام على اندحار السلطنة، لا نزال في الخزانة العثمانية. انظمة من دون افق، دول من دون قضية، مجتمعات من دون رؤية...
غريب. قرن كامل تتغير فيه الدنيا، وتتغير فيه الآلهة، لم يكن كافياً لكي نخرج من ثقافة القبور. الفقهاء خدم للبلاط، اياً كان شكل هذا البلاط، وقد فعلوا بنا اكثر مما فعل حكامنا حين دفعونا، بالتأويل الميكانيكي، او بالتأول المبرمج، للنص الى اسنان العدم...
في الدنيا ثقافة عدمية، في الآخرة ثقافة عدمية، ثم تكتشف ان ما تقوله غالبية فقهائنا، ونقلاً (مباشراً) عن الله، انه القى بنا في هذه الارض لا لنصنع الحياة وانما لنصنع الموت. لا تستخدموا عقولكم، نحن نفكر عنكم ونسوسكم كما تساس الابل. لا اعتراض...
الاميركيون ليسوا اعداءنا، الروس ليسوا اعداءنا، الاتراك ليسوا اعداءنا، الايرانيون ليسوا اعداءنا، الاسرائيليون ليسوا اعداءنا. نحن اعداء بعضنا البعض، ونأكل لحوم بعضنا البعض...
اذا كانت الانظمة هي المسؤولة، بالعصا ام بالايديولوجيا، عن بقائنا خارج القرن، فأين هي المجتمعات، وأين هم ملايين الجامعيين، والآلاف منهم تخرجوا من جامعات كبرى، ويفترض ان يعودوا بالعقل الآخر، وبالمخيلة الأخرى، لا ان يتحولوا الى قهرمانات في يد السلطان...
 بعد 7 عقود من نكبة فلسطين، ماذا فعلنا سوى اننا تواطأنا، وشتتنا فلسطينيي الشتات الذين لم يقيض لهم رجل مثل هو شي منه (وقد عمل حمالاً في باريس ولم يعرف قط مليارات ياسر عرفات) ليجمع الفصائل تحت راية واحدة وفي خندق واحد...

من يعلن الآن انه ضد اسرائيل يلاحق، ويقتل، ويطرد من الهيكل. اذاً، لماذا الاستمرار في النفاق؟ افعلوا علناً، لا خفية، ما فعله انور السادات، وما فعله الملك حسين، لربما حدّ ذلك من عذابات الذين يعيشون في حضرة الذباب، وفي حضرة القهر، وفي حضرة اليأس، في المخيمات او في المعتقلات...

تحية لمروان البرغوتي الذي وراء القضبان، والذي في عيون كل اطفال فلسطين. اين هم العرب، اصدقاء اسرائيل، ليقولوا لبنيامن نتنياهو، اطلق الاسرى الذين هم ابطال القضية، وحماة القضية. لا، لا. محمود عباس يحزم حقائبه من اجل الشكوى لمن؟ لدونالد ترامب وجاريد كوشنير الذي لا يرى في الفلسطينيين سوى الحثالة ويفترض ان ترمى من النافذة...
الذين يعرفون افيغدور ليبرمان من ايام الشباب، يعرفون تماماً رأيه بالعرب، ويعرفون كيف كان يزيّن جدران غرفة نومه بخارطة «اسرائيل الكبرى». الآن، نحن على ابواب كردستان الكبرى...
لا يمكن لأي منا ان يكنّ اي ضغينة للكرد. نحن اشقاء عبر التاريخ. منهم صلاح الدين الايوبي ويوسف العظمة، لكنهم مثلنا الآن، ضحايا لعبة الامم، ويستخدمون لتفجير دول المنطقة، من سوريا والعراق الى تركيا وايران، فيما دول ما تبقى من العالم تبني المنظمات، والمنظومات، الاقليمية ليكون لها دور في صناعة الازمة لا ان تبقى على قارعة الازمنة...
أمن اجل اسرائيل الكبرى وكردستان الكبرى يساق العرب، ببنادق العرب، الى المقابر؟
 نعلم ان السلطان العثماني الذي يغازل الآن الاكراد في ديار بكر لا يحلم بالموصل وحدها. يريد ضم كركوك الى السلطنة. احد مستشاري عبد الله اوج آلان قال لنا «الى اين يجر رجب طيب اردوغان مسعود البرزاني؟».
راية الاكراد ليست عدوة قطعاً، ولكن ان ترتفع فوق كركوك هنا المسألة. وحين ينسحب النواب الاكراد جميعاً من جلسة البرلمان ويحدد حزب مسعود برزاني وحزب جلال طالباني موعداً للاستفتاء على الانفصال خلال العام، فهذا يكشف المزيد من حلقات السيناريو الذي حلقته الاخيرة اقتربت. دولة كردية في شمال العراق، ومعها كركوك، مدينة الخمسة آلاف عام، والحاضرة النفطية الكبرى، التي تعايشت فيها القوميات، والثقافات، على مر القرون...
الغرابة هنا ان الانظمة العربية، ووسائل اعلام الانظمة، تعاملت مع القضية كما لو انها تحدث في بلاد البطريق لا داخل الجرح العربي الذي ينزف في كل الاتجاهات. ماذا اذا خسر العراق، واذا خسر العرب، كركوك؟...
لا شيء. التاريخ حارس مقبرة، المستقبل مزرعة الغيب، المجتمعات تستهلك احاديث الآخرة (وما هو لون عيون الحوريات؟). مبروك الاخوة الاكراد....
الديار