جواسيس أردوغان في اوروبا.. يئمّون المساجد لإرسال الوثائق!.. بقلم: عباس الزين

جواسيس أردوغان في اوروبا.. يئمّون المساجد لإرسال الوثائق!.. بقلم: عباس الزين

تحليل وآراء

الأحد، ٢ أبريل ٢٠١٧

 تُظهر التطورات السياسية والدبلوماسية بين تركيا واوروبا، حجم المأزق الذي وضع الرئيس التركي رجب الطيب اردوغان نفسه به، عندما شنَّ حرب تصريحاتٍ على بعض الدول الاوروبية، وصلت الى حد اتهامه لها بـ"النازية". ففي الوقت الذي يكتفي فيه اردوغان بالتصريحات، من دون اي ردٍّ عملي، ذهبت الدول الاوروبية الى كشف العديد من الوثائق التي تُثبت تورط الرئيس التركي بأنشطة تجسسية على المعارضين الاتراك المتواجدين خارج تركيا، ما يُعتبر انتهاكًا واضحًا لسيادة تلك الدول.

وفي هذا السياق، أظهرت وثائق نشرها عضو البرلمان النمساوي، بيتر بليتز، أن سفارات تركيا في أربع قارات قدمت تقارير عن خصوم مزعومين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الخارج، خلال أسبوع من تلقيها طلب من أنقرة في أيلول الماضي. وتشير الوثائق التي نشرها بليتز، وهو سياسي معارض ينتمي إلى "حزب الخضر"، إلى "وجود شبكة استخبارات أوسع مما كشفت عنه حتى الآن السلطات التي تحقق في مزاعم تجسس تركيا على مغتربين أتراك في ثلاث دول أوروبية". وأضاف بليتز للصحافيين، انه "من الواضح أن هناك شبكة مخبرين عالمية. لا نستطيع أن نحدد الوقت الذي استغرقه بناء تلك الشبكة".

ومن بين الوثائق التي كشف عنها بليتز، طلب مكتوب مؤرخ في 20 أيلول باستخدام رسائل تحمل شعار مكتب رئيس الوزراء وهيئة الشؤون الدينية التركية لجمع معلومات عن مؤيدي فتح غولن عدو أردوغان اللدود، والذي تتهمه تركيا بتدبير محاولة انقلاب عسكري فاشلة في تموز الماضي. وأظهرت الوثائق، التي قال بليتز أنه حصل عليها من مصدر تركي، أن سفارات في أكثر من 30 دولة في أنحاء أوروبا وأفريقيا وأستراليا وآسيا أرسلت تقارير إلى هيئة الشؤون الدينية التركية عن أشخاص يشتبه بأنهم مؤيدون لغولن، وقدّم غالبيتها ملحقون دينيون في السفارات أو القنصليات التركية. وأدرجت التقارير أسماء وعناوين من قالت إنهم من أتباع غولن، إضافة إلى دور نشر ومجموعات إعلامية ومراكز تعليمية ومدارس قيل أنها مؤيدة لرجل الدين الذي يعيش في المنفى. وتضمنت بعض التقارير معلومات عن أفراد الأسرة والخلفية التعليمية لشخصيات بعينها.

الجدير بالذكر، ان حال التوتر بين النمسا وتركيا، تعود الى ايلول الماضي، عندما كشفت النمسا عن صورة وثيقة صادرة عن الهيئة الدينية التركية، موجهة إلى الروابط والجمعيات الدينية التركية فى الخارج ومن بينها النمسا تطالب منها إعداد تقارير تفصيلية عن منظمات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية والروابط القريبة من رجل الدين فتح الله غولن، في إشارة الى تجنيد النظام التركي المؤسسة الدينية التركية في الخارج، لمراقبة المعارضة. وحول ذلك، قال الملحق الديني بسفارة تركيا في النمسا مبررًا لصحيفة محلية، إنّ الجماعات القائمة على إدارة المساجد من واجبها التحقق مما إذا كان أشخاص من أصول تركية في النمسا "اتجهوا إلى التطرف" على يد أتباع غولن، زاعمًا أن تقديم تقارير عن مثل هؤلاء الأشخاص تصرف مشروع.

في موازاة ذلك، كشفت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" ومحطتان ألمانيتان، أن ممثلين للادعاء الألماني يحققون في أنشطة رئيس المديرية العامة للعلاقات الخارجية في رئاسة الشؤون الدينية التركية "خليفة كيسكن". ولفتت وسائل الإعلام الألمانية، الى أن "المحققين لديهم وثيقة يأمر فيها كيسكن بنفسه بالقيام بعملية مراقبة عالمية وطلب إرسال أي تقارير إليه". يأتي ذلك في وقتٍ داهمت السلطات الألمانية منازل 6 أئمة منتمين لهيئة الشؤون الدينية التركية، بينهم 4 أئمة مساجد داخل ألمانيا على خليفة اتهامات بالتجسس على أنصار غولن لصالح الحكومة التركية، وتمت مصادرة وسائط تخزين بيانات ووسائل اتصال ووثائق من منازلهم، قبل أن تقدم أنقرة على استدعاء الأئمة فى محاولة للتستر على الفضيحة. وفي تعليقه على الواقعة، نفى مدير الهيئة الدينية التركية محمد جورماز، تهم التجسس مكتفيًا بالقول بأن الهيئة تتعرض لـ"حملة تشويه" على حد قوله، إلا أن وسائل إعلام ألمانية نقلت عن جورماز اعترافه، بأن "هؤلاء الأئمة نقلوا لتركيا معلومات عن أشخاص يشتبه فى موالاتهم لحركة الداعية الإسلامي التركي فتح الله جولن في ألمانيا". وتابع: "كل من نقلوا في خطاباتهم معلومات عن هؤلاء الأفراد تمت إعادتهم فورًا إلى مراكزهم الأصلية كإشارة على حسن النية"، مؤكدًا أن ما تم لا يندرج تحت بند "أنشطة التجسس".

بناءً عليه، فإنّ الأنشطة التجسسية للسلطات التركية في اوروبا، سيكون لها انعكاسًا سلبيًا على استفتاء التعديلات الدستورية في 16 نيسان الجاري، بما ان تلك التعديلات تعتبر الحدث الأبرز الذي يعوّل عليه اردوغان. ويشكّل كشف بعض الدول الاوروبية لتلك الوثائق، عامل ضغطٍ على الحملة الانتخابية لحزب "العدالة والتنمية" داخل تركيا وخارجها، يمكن ان تستفيد منه الأحزاب المعارضة للتعديلات، مدعومةً من الدول الأوروبية، التي فتحت معركة سياسية ودبلوماسية مع تركيا لن تنتهي في حال مرّت التعديلات، او فشل اردوغان في تمريرها.

بيروت برس