الإبداع السوري..  بقلم: سامر يحيى

الإبداع السوري.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

السبت، ٢٥ مارس ٢٠١٧

لم يعد شيئاً مخفياً، فالمعلومة تنتشر مثل الهشيم، ولم يعد أحداً جاهلاً، فالتاريخ قدّم لنا العبر،  ويجب ألا نسير مكتوفي الأيدي، فلدينا من التجارب ما يكفي للاستفادة منها سلباً وإيجاباً.
   لا أحد ينكر دور المسلسلات بإبراز الإشكاليات وتوضيح الكثير من المسائل وساهمت باستنباط الحلول للكثير من مسائل الفساد وتغيير آليات التعامل لدى المؤسسات الحكومية ومكافحة الفساد والجريمة، والتي أوضحت لنا دور أعداء الوطن وأعداء التقدّم بتدمير كل نجاح، لا سيّما مسلسلات البيئة الشامية، التي تتحدّث عن مرحلة الاستعمار الفرنسي، التي أظهرت لنا دور الاستعمار في بث الفتنة بين أبناء الشعب تحت "شعارات جذابة واستنهاض العواطف" لتفتيت أبناء الشعب الواحد وتدميرهم بيدهم ومنعهم من التكامل والتضامن والتعاون، عدا عن عبارات كثيرة نسمعها من التاريخ لا سيما التي للأسف استخدمناها بشكلٍ سلبي ولم نستفد منها، وباستقطاب هذه الخبرات والإمكانيات والقدرات لتطوير وطننا، لا سيّما مقالة تنقل على لسان الرئيس شكري القوتلي، للرئيس جمال عبد الناصر ـ بغض النظر عن صياغتها ومصداقيتها ـ "الشعب السوري نصفه زعماء والنصف الآخر أنبياء"، وقصص النجاح لأبناء سوريتنا في كل بلدان العالم، الذين أثبتوا وجودهم وتفّوقوا حتى على أقرانهم من أبناء البلد الأصليين، وقدرتهم على العطاء والإبداع والإنتاج، والحفاظ على أصولهم السورية مع اندماجهم بالمجتمع الجديد، وهي سمة لدى السوري تميّزه عن الآخرين، ودليل قدرته على العطاء في أحلك الظروف، وسر صموده في وجه أكبر حربٍ إرهابية تستخدم فيها شتّى أنواع الأسلحة المادية والمعنوية تشنّ ضد دولة في العالم.  
كل ذلك يدعونا للتفكير ملياً، دون استثناء أحد كل حسب إمكانياته ومكانته، لمنع تسلل الأعداء واستقطاب بعض أبناء النسيج السوري، كما حصل فيما يسمى زوراً وبهتاناً "الربيع العربي" لعرّابه الصهيوني الفرنسي برنار هنري ليفي، الهادف لتدمير الشعب العربي بيديه، بما فيها قلب العروبة النابض دمشق، تحت شعار الحرية والديمقراطية واستغلال العاطفة الجياشة والغريزة الدينية.
فالتاريخ العريق، والحضارات المتعاقبة، والتجارب السلبية والإيجابية، التي مررنا بها، والنجاحات التي حققتها سوريتنا، وإثباتها لمكانتها الدولية والإقليمية رغم كل محاولات استنزافها وحصارها وتدميرها، لأن الشعب السوري شعبٌ حي قادر على العطاء والإبداع والانتصار، ولا بد أن يعي من ضل الطريق العودة إلى طريق الحق والصواب، والإيمان بوطنه وبنائه، والعمل على استثمار ثرواته اعتماداً على قدرات أبنائه وموارده بعيداً عن الاعتماد على الآخر، مستفيدين من الإيجابيات، وباحثين عن الحلول للسلبيات، وتغيير الآليات التي ساهمت في تأثر البعض بآلة التضليل الإعلامية والمادية.
يجب علينا تحمّل المسؤولية والبدء الآن وليس غداً لتطوير ذاتنا وبناء الإنسان والحجر على حدّ سواء، لا سيّما المؤسسات موجودة، والمبادئ والقيم الثابتة، وما نحتاجه هو التفعيل الجدي، واستنهاض الهمم، وعدم لوم الماضي بل مستفيدين منه للانطلاق بقوةٍ للمستقبل ضمن إمكانيات وظروف الحاضر، فلولا الإيجابيات الكثيرة في مؤسساتنا، لما استطاعت الصمود في وجه الفساد والإرهاب بآنٍ معاً، وعلينا عدم تحميل المسؤولية لمن ضلّ الطريق، متجاهلين دور كل منا باستقطاب الجميع للعمل لصالح وطنهم، بحكمة وحنكة لا تقديمهم لقمةً سائغة لأعداء الوطن ليستخدموهم ضدّه تحت شعارات زائفة.
بكل تأكيد السوري مبدع أينما حل وارتحل، وليس بعاجز عن تغيير آليات التعامل وابتكار السبل الأفضل للخروج مما يمرّ به ويكون أكثر قوة وقدرةً على بناء نفسه وتطوير ذاته، فلدينا من الإمكانيات والقدرات ستجعلنا ننهض أقوى، ولن تسمح لأحد باستنزافنا رغم كل التضحيات الجسام، وستفشل كل المحاولات، ولكن نحتاج لتسريع هذه الخطوات، للنهوض أسرع، والتقليل من حجم الخسائر سواءً في الوقت والجهد والمال والروح الإنسانية، وأهم ما يجب تغيير النظرة إليه:   
لا دخان بلا نار، ولذا علينا البحث عن مصادر الدخان للعمل على إطفائه قبل انتشاره، ولنساهم بإصلاح الأداة التي ساهمت بإشعال النار وتقويمها بشكلٍ إيجابي، لكي لا تنعكس سلباً على من حولها، سواءً بإهمالها أو بسوء مكافحتها.
ربط الأرقام والتنظير بالعمل على الواقع والنتائج الفورية لها، لأّن التذرع بالوقت والظروف والإمكانيات غير مبرّر في زمن السرعة وضرورة التطبيق الفوري ليلمس المواطن نتيجة ما تقوم به المؤسسة في عصر سمته السرعة، لا التسرّع.
التأكيد على استبدال مصطلح "ضغط النفقات ومنع الهدر" بعبارة "تفعيل الاستثمار وتطوير الإنتاج وتنشيط جهود كاّفة العاملين بالمؤسسة"، فنحن لسنا بحاجة لتشكيل لجان ولا لإحداث مؤسسات، بل لعقد لقاءات ونقاشات بين القائمين بالمؤسسة، بكوادرها العليا والمتوسطة وحتى العاملين، كل ضمن اختصاصه ومجال عمله لتطوير الأداء، لا إلقاء محاضرات وتنظير وهمي.
أن يدرك الموظّف الحكومي أن دوره جزء أساس في بناء وطنه، وعليه اتقان عمله، ووجوده في مؤسسة حكومية يعني قيامه على خدمة المواطن، ودوره استيعاب هذا المواطن ونقل الصورة الإيجابية، فهو الأكثر معرفةً وخبرةً ودوره توعية هذا المواطن بالحكمة والحنكة، وإيصال الصورة الحقيقية له ليكون عنصراً فاعلاً في وطنه.
إن الطريق الأقصر والأسرع لمكافحة الترهّل ومحاربة الفساد، هو الدراسة الجدية للنظام الداخلي لكل مؤسسة، وإعادة هيكليتها ضمن المهام المنوطة بها، بما يساهم بتوزيع العاملين كل ضمن مكانته وقدراته، وانطلاقاً من دراسة إيجابيات وسلبيات ونواقص وتجارب فاشلة وناجحة مرّت بها المؤسسات، يسهّل عملية تقييم وتقويم العاملين، والحاجة الحقيقية للإنشاء والإلغاء والدمج للمؤسسات، بحكمة وحنكة وسرعة بعيداً عن التسرّع، وسنجد أنفسنا وخلال فترةٍ قصيرة تبدأ بثلاثة أشهر، قد حصدنا نتائج يلمسها المواطن العادي بشكلٍ مباشر، ويتم استقطاب المواطن داخل وخارج وطنه، وليكون مساهماً بناءً لصالح الوطن ولن يشّذ إلا قلة قليلة نادرة، ولن يستطيع العدو التسلل بين ثناياها للعودة لتدمير وطننا ثانيةً، وسيحقق اللاهث وراء الربح والمصالح الشخصانية تحقيق مصالحه ضمن إطار مصلحة الوطن لا على حساب الوطن وكرامة أبنائه.