جنيف.. هل من جدولة جديدة؟.. بقلم: مازن جبور

جنيف.. هل من جدولة جديدة؟.. بقلم: مازن جبور

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٢ مارس ٢٠١٧

جولة جديدة من المحادثات السورية السورية تنطلق اليوم في جنيف السويسرية ووقائع الميدان تسير بما لا تشتهي سفن المعارضة ورعاتها وممولوها في الإقليم خصوصاً وفي الغرب عموماً، وإن أقدمت أدوات تلك المعارضة وهؤلاء الرعاة والممولون على ما شهدته وتشهده أطراف العاصمة الشرقية من أعمال إرهابية والتي تتعدى حدود البالونات الإعلامية، ليبقى وفد الجمهورية العربية السورية متسلحاً في جولة «جنيف 5» بالانتصارات التي حققها الجيش وتثبت حقيقة أن لا خيار أمام تلك المعارضات سوى محاربة الإرهاب أو الانضمام إليه.
محاولات «جبهة النصرة» المدرجة على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية وميليشيات «فيلق الرحمن» و«حركة أحرار الشام الإسلامية» لاختراق أسوار دمشق من الجبهة الشرقية وفي ريف حماة الشمالي في هذا التوقيت بالذات تهدف بما لا يدع مجالاً للشك إلى سحب ورقة انتصارات الميدان من جعبة الوفد الحكومي في جنيف، إلا أن الجيش لن يسمح بذلك حالياً وخصوصاً أنه لم يسمح بذلك قبل عدة سنوات عندما كان دعم داعمي المعارضة لها في أوجه فكيف سيكون الأمر حالياً.
عدا عن ذلك فإن كل الحملات العسكرية شرق دمشق وريف حماة الشمالي تتم بقيادة «النصرة» المدرجة على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية والمستثناة من اتفاق وقف إطلاق النار، وبالتالي فإن دمشق وموسكو سيردان وبقوة لا بل سيسحقانها وفي وقت قصير، خصوصاً في ظل التقارب الروسي التركي الذي ساهم في تقليص الدعم عن التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة في غوطة دمشق الشرقية، إضافة إلى إغلاق غرفة «الموك» الأميركية الأردنية التركية وبالتالي قطع الإمداد عن تلك التنظيمات القادم من الجنوب أيضاً.
وعليه فإن الوفد الحكومي السوري في «جنيف5» سيكون متسلحاً بجملة من المتغيرات الميدانية والسياسية في سورية في مقدمتها تحرير الجزء الأكبر من ريف حمص الشرقي من تنظيم داعش الإرهابي، وما تبعه من اتفاق مصالحة في حي الوعر لتعود بذلك «عاصمة الثورة» كاملة إلى سيطرة الدولة، والتقدم الكبير الذي حققه الجيش في ريف حلب الشرقي والجنوبي ودخوله إلى منبج الذي قطع الطريق أمام الغزو التركي.
التطورات الميدانية السابقة ترافقت مع جملة من التطورات السياسية وعلى رأسها الحديث عن عودة سورية إلى الجامعة العربية بعد سنوات من الفصل، بالإضافة إلى موجة من زيارات تقوم بها وفود برلمانية أوروبية وعربية إلى سورية تعلن خلالها تضامنها وتضامن الشعوب التي تمثلها مع سورية قيادة وجيشاً وشعباً في محاربة الإرهاب، الأمر الذي إن دل على شيء إنما يدل على مراجعة للذات لدى العديد من الدول إزاء مواقفها مما يجري في سورية.
إن مجموعة التطورات الميدانية والسياسية السابقة التي جرت بين جولتي جنيف السابقة والحالية تمكن الوفد الحكومي المفاوض من فرض رؤيته بما يتناسب مع التقدم الذي يحرزه الجيش وطبيعة التعاطي الدولي السياسي الجديد مع سورية.
في جولة جنيف السابقة تم الاتفاق على جدول أعمال تضمن أربع سلال هي: الحكم، الدستور، الانتخابات، ومكافحة الإرهاب، ستتم مناقشتها بشكل متزامن، والأخيرة تم فرضها بقوة دبلوماسية الوفد الحكومي بعد أن سعى المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا إلى التملص منها وإحالتها إلى اجتماعات أستانا، أما الآن فإن الوفد الحكومي قادر أكثر على أن يفرض رؤيته على أولويات المناقشة بما يتناسب والمعطيات السياسية والميدانية الجديدة بحيث تكون مناقشة سلة مكافحة الإرهاب أولوية في أي محادثات سورية سورية، بعد ما افتعلته النصرة في شرق العاصمة.