المشكلجي أردوغان والعنترية الدبلوماسية.. بقلم: إيفين دوبا

المشكلجي أردوغان والعنترية الدبلوماسية.. بقلم: إيفين دوبا

تحليل وآراء

الأحد، ١٩ مارس ٢٠١٧

 صارت لافتة للغاية كثرة تلك المشكلات التي يفتعلها نظام أنقرة، أو حجمها مع الدول الأوروبية خصوصاً، رغم أن الرئيس التركي ليس زاهداً على الإطلاق بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الذي ما زال يسعى للوصول للجلوس على أحد مقاعده، الالتفات إلى هذه الحالة التي لم تعد صحية أبداً بمشاهدة تلك العنترية التي تزاولها الدبلوماسية التركية في التعبير عن مواقفها يطرح التساؤلات من جنس عمل النظام التركي.

لكن لا يمكن دائماً التفسير على أن النظام التركي لا يدرك ما يفعل، هو يتعاطى مع الأمور من حيث يقع في الحفرة نفسها عشرات المرات، بمعنى أوضح، فإن نظام أردوغان لم يعد يملك الكثير في الملف السوري، على العكس هو مجبر على التعاطي مع نياته التي كانت في وقت سابق طموحات كبرى، على أنها أضغاث أحلام ينبغي عليه النهوض منها فوراً وإلّا فإنه سيتداعى إلى مصير مجهول فيما يخص هذا الملف، ها هو ينكفئ مرة تلو الأخرى عن كل العتبات التي كان سابقاً يعاند لتجاوزها مهما كلف الأمر.
السبب الثاني، الذي يعد رئيسياً أيضاً، فإن الصفة العنترية أصبحت تصبغ كاريزما أردوغان بحيث أنه لم يعد بمقدوره التخلي عنها، وإلّا فإنه سيفقد تأييد الشارع الإخواني والمتشدد، اليد الملوية لأوروبا التي تمسكها أنقرة حتى هذه الأثناء، وخلف هذا «الكاركتر» يحاول أردوغان اللعب بدهاء البدويين لتمرير صيغ مشروعاته على مستوى الداخل التركي، المهدد حقيقة بلسع العقارب المتطرفة التي أنشأها أردوغان ودللها على حساب الأمن الوطني لبلاده، إن أي تغيير دستوري أو في بروتوكولات النظام التركي أصبح أمراً مملاً لاكتظاظ هذه الأجندات على الحياة الداخلية في تركيا، هناك أمور ملحة بشكل أكبر لا يعيرها أردوغان كل تلك العناية، ولأجل أن يحظى بدعم لتمرير مثل تلك الأمور السطحية، إذا ما قورنت بمتطلبات الأمن الوطني في تركيا، فلا بد من افتعال مشكلة وجعلها قضية رأي عام.
بهذه الطريقة بدأ ينحو أردوغان لحكم بلاده، تخشب في الخطاب والترديد قدر الإمكان، ثم الاتجاه إلى التحشيد، ولو على حساب علاقات بلاده الدولية التي لا يمكن بأي مكان اعتبارها شأناً شخصياً للرئيس التركي ويمكن أن تجر فيما بعد وبشكل حتمي، تداعيات ليست جيدة على حالة تركيا الدولية.
يريد أردوغان أن يمشي بالعرض، لكن على طريق أخرى غير تلك التي سلكها عبر السنوات الماضية، وإلّا فإنه لن يستطيع العبور إلّا لبضعة أمتار والعودة وحيداً وهذا هو الهاجس المرعب الذي يسيطر على عقلية النظام في أنقرة، لاسيما، أن الكثير من المشاهد قد شارفت على الانتهاء، ليس هناك أمر يحفز أردوغان على هذه الطريقة، خصوصاً اعوجاج قدرته على الاستدارة بعد كل مرة يقع فيها بالحفرة نفسها، إنه يهدد كينونة الدولة في تركيا دونما رقيب، وهذه هي الأزمة الحقيقية التي تواجهها أنقرة ولا يمكن تقدير الثمن الذي ستدفعه جراء هذه السياسة.
عاجل الاخبارية