نتائجها السورية مستبعدة مرحلياً … لعبة عض الأصابع بين «السلطان أردوغان» وأوروبا «اليمينية»

نتائجها السورية مستبعدة مرحلياً … لعبة عض الأصابع بين «السلطان أردوغان» وأوروبا «اليمينية»

تحليل وآراء

الاثنين، ١٣ مارس ٢٠١٧

سامر ضاحي
تدخل تركيا التي يسعى رئيسها رجب طيب أردوغان إلى تعزيز صلاحياته بما يتيح له الوصول إلى ما يحلو للبعض تسميته «السلطان أردوغان» في لعبة عض الأصابع مع القوى الأوروبية في قارة يبدو يمينها المتطرف يتجه مسرعاً للقبض عليها بقوة.
ولم يجد أردوغان سوى ملف اللاجئين وأغلبهم سوريون ليهدد فيه أوروبا محولاً كل ما كان يزعمه سابقاً من احتضان بلاده لسوريين هجرتهم الحرب الدائرة في بلادهم إلى وقود يشعل عبره نار أزماته مع الأوروبيين الذين يواجهون ملفات انتخابية حاسمه خلال الأيام المقبلة قد تطيح بآمالهم التاريخية فيما يسمى «الوحدة الأوروبية».
ولا يمكن فهم كيف لدولة مثل تركيا أن تقدم على خطوة تعتبرها «ديمقراطية» من قبيل الترويج لانتخابات داخلية في دول أخرى رغم علمها أن ما تروج له لا يعدو كونه «أكثر ديكتاتورية»، متناسية أن في ذلك انتهاكاً لسيادة الدول اللهم إلا إن كان «السلطان أردوغان» اعتبر أن استغلاله الأزمة السورية لتمرير تدخل بلاده سياسياً وعسكرياً داخل سورية يمكن استنساخه أوروبياً في دولة تنعم بالاستقرار كهولندا، فما كان من الأوروبيين إلا أن اتخذوا إجراءات حظر التجمعات السياسية التركية ووصل الحظر إلى هولندا التي رفضت استقبال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو وترحيل وزيرة الأسرة التركية فاطمة بتول صيان قايا أيضاً بعد قطع الطريق على موكبها، لتندلع حرب التصريحات من الجانبين في أنقرة وأمستردام، في مواجهة هي الأشرس بين تركيا ودول أوروبا منذ أن بدأت سلسلة الحظر الأوروبية للتجمعات التركية المؤيدة للتعديلات الدستورية التي وصفت بالموسعة لصلاحيات أردوغان، حيث يعيش في أوروبا ملايين الأتراك، ويتمتعون بحق التصويت في الانتخابات، ولاسيما أن إجراءات الحظر انطلقت من ألمانيا حين ألغت برلين 4 تجمعات داعمة لتعديلات أردوغان.
الحكومة التركية وبدل أن تعمد إلى التهدئة سعت إلى التصعيد ووصل الأمر بأردوغان إلى وصف ألمانيا ومن بعدها هولندا بعبارات «النازية والفاشية» متوعداً هولندا «بدفع الثمن»، ولعل التصعيد بات سمة لسياسة أردوغان الذي خرج أبرز المنتصرين من واقعة الانقلاب الفاشل ضده في 15 تموز العام الماضي.
ويبدو أن أردوغان لم ينس الصمت الأوروبي عن إدانة محاولة الانقلاب الفاشلة، وكذلك تعثر مفاوضات انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، فلوح بإلغاء اتفاقية اللاجئين المبرمة مع «الاتحاد» إذ يرى أنه قادر على فتح الحدود التركية أمام اللاجئين صوب أوروبا، ومن المؤكد أن السوريين يشكلون أغلبية ساحقة من هؤلاء.
وفيما يمكن تسميته «سقطة الدبلوماسية التركية» تجاهلت أنقرة أن ما قام به أردوغان ووزراؤه قد يكون قدم على طبق ساخن أوراق اعتماد لليمين الهولندي المتصاعد تمهيداً للانتخابات التشريعية المقررة يوم الأربعاء المقبل حيث يمكن لحزب «الحرية» المعادي للإسلام والمشكك بجدوى الوحدة الأوروبية بقيادة النائب غيرت فيلدرز، الذي حل في الطليعة في استطلاعات الرأي لأشهر، أن يسجل أفضل نتائج منذ تأسيسه عام 2006.
كما تشير استطلاعات الرأي في فرنسا إلى أن زعيمة حزب الجبهة الوطنية «مارين لوبن» ستحصل على ربع الأصوات، وهي تركز في حملتها على الدعوة للخروج من منطقة اليورو وإعادة الحدود الوطنية وخصوصاً إغلاق الأبواب في وجه المهاجرين، ولعل هذا ما دفع سلطات باريس المعادية لليمين إلى استقبال الوزير التركي المستبعد من هولندا.
أما ألمانيا التي تشهد انتخابات تشريعية في 24 أيلول المقبل، فإن مستشارتها أنجيلا ميركل تواجه معارضة حتى داخل حزبها «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» لأنها فتحت البلاد لاستقبال أكثر من مليون لاجئ عام 2015. ولمحاولة طمأنة ناخبيها، تبنت في الأشهر الأخيرة مواقف أكثر تشدداً في سياستها لاستقبال اللاجئين، وباتت ميركل في موقف صعب مع عودة الاشتراكيين الديمقراطيين بقوة معززين بشعبية مارتن شولتز الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي.
في مقابل ما سبق قد يكون أردوغان سعى للتصعيد لدفع حزبه العدالة والتنمية قدماً في الانتخابات المقبلة ولكن حسابات الحقل قد لا تنطبق هذه المرة على حسابات البيدر رغم أنه من المستبعد أن تحدث الأزمة الدبلوماسية الحالية اختراقة نوعية في التصويت على التعديلات الدستورية التركية في 16 نيسان المقبل.
وإذا ما قسنا التوتر الأوروبي التركي على ترمومتر الأزمة السورية فمن المستبعد أن نشهد تداعيات مرحلية آنية لها على المدى القصير إلا أنه على المدى الطويل ومع احتمال استطالة التوتر أفقياً في أوروبا وعدم حله سريعاً قد نرى الوافدين الجدد وأغلبهم من «اليمين» أو من داعميه في أوروبا يضغطون على أردوغان لتعديل مواقفه في سورية تماشياً مع الضغط الذي مارسه الروس وأسفر عن اتفاق 30 كانون الأول لعام 2016 لوقف إطلاق النار في سورية بعدما باتت أنقرة عضواً أساسياً في الترويكا الثلاثية لحل الأزمة في سورية إلى جانب الروس والإيرانيين، لأن أوروبا تألمت كثيراً من الإرهاب الذي شجعته تركيا في سورية.
الوطن