آفاق المواجهة بين مؤتمري طهران وميونيخ..بقلم: عمر معربوني

آفاق المواجهة بين مؤتمري طهران وميونيخ..بقلم: عمر معربوني

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢١ فبراير ٢٠١٧

بيروت برس -

فلسطين هي المحور وهي الهدف، لا شيء تغير، فرغم استلابها من اهلها سنة 1948 لايزال الصراع مستمرًا ولا تزال المواجهة تتصاعد.
مراحل كثيرة مرّ بها الصراع المتواصل المتمحور حول قضية فلسطين، من ثورة الضباط الأحرار التي قادها الرئيس جمال عبد الناصر سنة 1952 وصولًا حتى اللحظة.

إنّ استعراض المراحل السابقة يحتاج الى سرد طويل تراوحت فيه الإصطفافات وتغيرت التموضعات سلبًا وايجابًا، وكانت اتفاقية كامب ديفيد مع السادات واتفاقية وادي عربة مع الملك الأردني واتفاقية اوسلو مع ابو عمار من اسوأ المحطات التي مرّ بها الصراع، في حين كان صمود سوريا وانتصار الثورة الإسلامية في ايران منذ سنة 1979 السبب الرئيسي في استمرار الصراع والمواجهة اقله لجهة حفظ استمرار النضال من اجل تحرير فلسطين.

في تذكير سريع لما أنجزته الثورة الإسلامية في ايران منذ بداية انتصارها أنّ اولى قرارات الجمهورية الإسلامية كانت:
-    إغلاق سفارة الكيان الصهيوني واقامة سفارة فلسطين تزامنًا مع الإعلان المتجدد حول ما تمثله قضية فلسطين من التزام عقائدي للثورة الإسلامية يتجاوز اي التزام سياسي ويصب في خانة تبني القضية الفلسطينية قولًا وفعلًا، وهذا التبني تمت ترجمته بشكل عملي من خلال الثبات على المواقف وتحمل النتائج المتأتية عن هذا التبني.
-    إطلاق يوم القدس الذي مثّل تذكيرًا بقضية فلسطين، تزامن مع إحياء سنوي متجدد للذكرى تقام فيها الإحتفالات والمسيرات ببعد ثوري تربوي يذكّر ويفعّل العمل ويحفظ المسيرة.
-    انشاء المجمع العلمي للتقريب بين المذاهب، وهو مجمع وضع اسس الحوار العلمي بين المذاهب الإسلامية بهدف دفع الأمور نحو التفاهم والتناغم وليس التجاذب والتناحر.
-    اسبوع الوحدة الإسلامية، وقد اقيم بسبب الإختلاف على موعد مولد الرسول واستثمار الخلاف عبر اسبوع للوحدة تقام فيه الإحتفالات والمؤتمرات واللقاءات.
-    دعم المقاومتين اللبنانية والفلسطينية بالمال والسلاح، وهو الأمر الذي ادى الى تنامي قدرات المقاومتين وجعلهما قوة صاعدة قادرة على تعديل ميزان القوى في الصراع القائم لا بل دفع بهذا الميزان الى الإختلال من خلال امتلاك المقاومتين اسلحة وامكانيات احدثت متغيرات في عقيدة العدو القتالية، هي متغيرات ايجابية لصالح المقاومتين وسلبية بالنسبة للعدو.

المواقف الدائمة والثابتة لإيران كانت سببًا منذ بداية انتصار الثورة وحتى اللحظة في نشوء معسكر معادي تتزعمه اميركا وتلعب فيه "إسرائيل" دورًا مركزيًا، بالإضافة الى دول الخليج العربي والتي بدأت تعلن وقوفها العلني الى جانب "إسرائيل" بعد ان كانت العلاقات مبطنة ومخفية، فهذا نتنياهو في جواب على سؤال موجه له حول كيفية تطوير العلاقات مع الدول الخليجية يجيب "ولما التطوير فعلاقاتنا بأحسن احوالها".

ليس جديدًا اقامة مؤتمر ميونيخ حول الأمن، فهو مؤتمر دائم الإنعقاد هدفه مقاربة المخاطر وتوصيفها انطلاقًا من وجهات نظر الدول المشاركة.
وجهات النظر السعودية – الصهيونية هذه المرة في مؤتمر ميونيخ جاءت متطابقة ومتناغمة، وهي هكذا في الأصل لكنها هذه المرّة كانت اكثر حدّة وعلنية، تم توصيف ايران فيها بالعدو وضرورة القيام بما يلزم من اجراءات للحد من قدراته.
في المقابل، عقد في ايران مؤتمر دعم المقاومة تحت عنوان "أبعد من الإنتفاضة"، تم التأكيد فيه على مركزية قضية فلسطين وضرورة تطوير آليات المواجهة في مرحلة شديدة التعقيد والحدّة، هذا المؤتمر تم حشد الكثير من القوى العربية والإسلامية فيه وتأكيد ايران كجهة داعية للمؤتمر ومضيفة له على استعدادها لتوسيع الدعم وشموله اية جهة راغبة في المقاومة بغض النظر عن الأيديولوجيا، وهذا ما سيوسّع نطاق وفعل العمل المقاوم على كل الأصعدة.

إنّ تزامن انعقاد المؤتمرين مع ما تطلقه الإدارة الأميركية الجديدة من مواقف معادية لإيران من شأنه ان يأخذ القوى نحو اصطفافات اكثر وضوحًا ويجعل الأمور تقترب اكثر نحو تصعيد المواجهة، فالخطرالذي تشكله ايران من وجهة نظر اعدائها يتجاوز موضوع دعم المقاومات وقضية فلسطين ليندرج في خانة الوجودية بالنسبة لـ"إسرائيل" وكذلك للنظام السعودي. فالطرفان كيانات وظيفية تعرف تمام المعرفة أنّ ايران القوية ساهمت وستساهم في ازالة "إسرائيل"، وهو المسار الذي لا يمكن لمراقب عاقل ان ينكره بسبب التغير في ميزان القوى، رغم استمرار الهجمة على المنطقة عبر ادوات التكفير الإرهابية صنيعة اميركا و"إسرائيل" وراعيها الفكري السعودية.

اذن، نحن امام تصعيد كبير أعتقد ان ساحته ستكون بشكل اساسي في العراق واليمن، حيث ستتجه الأمور الى مستوى غير مسبوق من الجنون اضافة الى استمرار المواجهة في سوريا، والتي قد يتم اشعال نارها في لبنان كعقاب له على المواقف التي اطلقها الرئيس ميشال عون حول التهديدات الصهيونية، إلّا اذا اختارت قوى الهجمة ابقاء لبنان ساحة عمل استخباراتي كما هو قائم حتى اللحظة، بفارق ان يتم تفعيل العمليات الإرهابية على شاكلة تفجيرات وعمليات تخريب.

هذه الأيام نحن امام تشكل حلف يشبه حلف بغداد في أهدافه، يضم "إسرائيل" والأردن ومصر ودول الخليج، وسيكون تحت عنوان "الحلف الإسرائيلي – السني لمواجهة الخطر الشيعي"، وهو عنوان يدغدغ الملايين الذين خضعوا للتضليل طيلة سنين وشكلوا وقود الحروب المتنقلة. هذا الحلف الذي وضعت أسسه وقواعده ومهماته في لقاء العقبة السري، والذي لم يتم نفيه من احد بما فيها مصر للأسف التي يبدو فيها النظام الحاكم اكثر خضوعًا من اي مرحلة سابقة.