سيناريوهات العلاقات الروسية ـ الأمريكية تسويات أم حروب؟

سيناريوهات العلاقات الروسية ـ الأمريكية تسويات أم حروب؟

تحليل وآراء

السبت، ١٨ فبراير ٢٠١٧

علي مخلوف
ببرودة أعصاب سيبيرية يرتشف الروسي قدحاً من الفودكا، يزم شفتيه ثم يشرع في الكلام، ببساطة إن موسكو ليست مسكونة بأوهام علاقة عاطفية مع واشنطن، فالأخيرة كانت عدواً تقليدياً للروس وهي الآن خصم مرغم على الاعتراف بعودة الدب الروسي من سبات عميق.

الأروقة القيصرية في موسكو تحولت إلى مطابخ سياسية وأمنية وعسكرية واقتصادية، لمواجهة أي تطورات مفاجئة مع الولايات المتحدة، صحيح أن روسيا تبدي كل المرونة اللازمة وتؤكد مراراً على تعاون مع أمريكا لكنها في ذات الوقت تعلم بأن معركة النفس الطويل لا يمكن أن تكون عبر تصريحات عدائية تجر المنطقة والعالم إلى معركة دينونة لا تبقي ولا تذر.
السكرتير الصحفي للرئيس الروسي دميتري بيسكوف أعلن أنه لا توجد لدى الكرملين أية أوهام بخصوص تحسن العلاقات الروسية الأمريكية، معتبراً أنه من السابق لأوانه الخروج بأي استنتاجات للعلاقات مع أمريكا حالياً، الرجل أكد بأن مسؤولي بلاده لم يرتدوا نظارات وردية للنظر إلى العلاقات مع واشنطن، لكن العبارة الأكثر لفتاً للنظر هي "لن نشعر بخيبة أمل" .
الرد الرسمي الدبلوماسي كان رسالة مباشرة بطريقة أو بأخرى لواشنطن، فراعي البقر أعلن رغبته بإقامة علاقة عاطفية مع الخانم التركية، وعدها بأنها ستكون المسؤولة عن مناطق آمنة في الشمال السوري وطمأنها بعدم حماسه لإشراك المقاتلين الأكراد في أية معارك مصيرية، كذلك فإن واشنطن ترمب التي اعتبرت أنظمة الخليج مجرد بقرة حلوب وأنه عليها أن تدفع مقابل الحماية الأمريكية لها سارعت بطريقة لافتة للتقارب مع أنظمة الخليج، تلك الأنظمة فهمت الرسالة وفتحت كل مغرياتها المالية والاستمثارية لترمب مقابل حل ملفين ترى فيهما الرياض كابوساً، ألا وهما الملف الإيراني والملف السوري.
بالتالي فإن هناك يقيناً لدى الروس أن المرحلة المقبلة لن تكون وردية فيما يتعلق بالتعاطي مع واشنطن، هناك احتمالات تأخذها روسيا بعين الاعتبار، منها تردي العلاقات مع واشنطن، على الرغم من أن كلا الطرفين حريصان على عدم الوصول إلى حالة العداء المطلق كونهما قوتين تسعيان لحل ملفات مشتركة في العالم.
ومن الاحتمالات الأخرى أن تعود تركيا للانقلاب على روسيا بعد اعتمادها كوكيل حصري للشرق الأوسط بالنسبة للأمريكي، وقد يعمد الأخير على تلبية طلبات أردوغان مقابل أن يعلن الرجل الحالم بنظام رئاسي عداوته مجدداً لموسكو.
أيضاً هناك احتمالات تتعلق بالشأن الميداني السوري، كتكثيف جبهة الجنوب من جهة الأردن، بالتزامن مع اندلاع معارك الشمال التي تشرف عليها تركيا، فيما تُعلن معركة الشرق السوري في الرقة من قبل التحالف الدولي بقيادة واشنطن، بهذه الثلاثية قد يطمح دونالد ترمب لتسجيل هاتريك في مرمى الروسي وإظهار نفسه على أنه رجل حديدي استطاع حسم نتيجة معارك عدة جبهات، ولذلك فإن الروس ينظمون قواتهم ويستهدفون تنظيم "داعش" في الشرق السوري مع تعزيز التواجد العسكري في الساحل وتأمين محيط مدينة دمشق وغوطتها وهنا يكثر الحديث عن خيراين يقدمهما الجيش العربي السوري للجماعات المسلحة إما المصالحة أو الباصات الخضر أو الموت.
بالنتيجة فإن الوقت مبكر للاستنتاج والتحليل السياسي التفاؤلي، في أية لحظة قد تشتعل المجريات السياسية والعسكرية، وفي المقابل قد تكون هناك بارقة أمل لحلول سياسية بالنسبة لبعض الملفات، لكن الأكيد هو أن كلاً من المعسكرين (الأمريكي، الغربي، التركي، الخليجي) و (الروسي، السوري، الإيراني، العراقي) يعيدان ترتيب أولوياتهما ويضعان الخطط البديلة لأية تطورات مفاجئة.
عاجل الاخبارية