مقوّمات الصمود.. بقلم: سامر يحيى

مقوّمات الصمود.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الاثنين، ١٣ فبراير ٢٠١٧

صمود الشعب العربي السوري ليس اسطورةً، لأنّه شعبٌ عريق تحدّى عبر تاريخه الطويل كل أشكال محاولة تدميره وتفتيه، وهو قادر على الوقوف بحزم وقوة تجاه آفة الإرهاب والفساد التي يعاني منه، تحت شعارات جذابة الشكل مدمّرة بالجوهر، شعارات ترفع حب الوطن وتحقيق حريته، وجوهرها تدمير الوطن وتفتيت أبنائه واستنزاف خيراته بعلم أو دون علم الأدوات التي تعمل لتحقيق هذه الأهداف الدنيئة..
    البعض ينتقد عبارة "المؤامرة"، متناسين أن دائماً يحيك العدو المؤامرات ويحاول ابتلاع الضعيف، وتدمير نظيره بطريقة ما، ليبقى هو الأقوى، فيعمل على ابتكار أفضل السبل لتدمير المجتمعات التي يخشى تطوّرها وتقدّمها، فكيف بشعبٍ جباّر ونشيط وحيوي مثل الشعب السوري، الذي يستطيع العمل في كل الظروف، وتحقيق الإنتاج بدقة وإبداع رغم كل المعوقات والتحديّات وندرة الإمكانيات والماديات، ولكن الانتقاد يجب أن يكون لإهمالنا وتقصيرنا في إيجاد الحلول لمواجهة تلك المؤامرات، وتتحمّل المسؤولية الإهمال المؤسسات كافّة لا سيما الحكومة، باعتبارها المسؤولة عن إدارة موارد البلد، البشرية والمادية، وهي الأقدر على اتخاذ التدابير والاحترازات لإيمانها بأنّه كلما كلما انتصرت سورية سيحاول "الكيان الصهيوني" وأذنابه إيجاد وسيلة جديدة للاستنزاف وتفتيت مقدرات الشعب، مما يتوجّب عليها العمل على البدء من جديد بدراسة كل قراراتها دو استثناء، وإعادة ربط المؤسسات الوطنية بالمجتمع، والبحث بأفضل السبل وأقصرها عن حلول لكل المشاكل التي يعاني منها الوطن، لا وضع الحجج والتذرّع بالإرهاب، فلدى الشعب السوري القدرةً على الإبداع، وهو أثبت ذلك، ويمكن تفعيل دوره بشكلٍ أكبر وضم الكثيرين من أبنائه لا سيما في المغتربات، فقط بإعمال العقل والتفكير الوطني، والتشجيع على العطاء والإبداع، بعيداً عن المصالح الذاتية الآنية السلبية.
نحتاج البحث عن الحلول الحقيقية لصالح الوطن والمواطن، بتفعيل دور كل مواطن في مكانه، لا تحميل المسؤولية للآخر، وعدم الاكتفاء بالتبريرات والحجج والتنظير المعسول المسموم، بل البحث عن وسائل فعالة على أرض الواقع، قابلة للتطبيق، وتلاحظ نتائجها بشكلٍ فوري، لكسر الفجوة بين المؤسسات والمواطن، ودور المسؤولين تحدّي كل هذه المعوقات وآلة الإرهاب وأدواته الداخلية والخارجية، ونحن دولة مؤسسات، وواجب كل مؤسسة أن تقوم بدورها ومسؤوليتها على أكمل وجه، وأن تشجع بل تعقد اللقاءات والاجتماعات والنقاشات مع المؤسسات الأخرى بما يساهم بتطوير العمل الإداري والتنموي والخدمي والانتاجي في البلد، سواءً كانت متشابهة أو متشابكة أو حتى متناقضة، المهم أن تجد صلة للتواصل سواءً بمكتب متابعة أو علاقات عامة.
الأجدر بكل مؤسساتنا تغيير آليات عملها لنستطيع السمو بوطننا بوتيرة أسرع، وتحمّل كل منا مسؤولياته، سواء السلطة التشريعية كمجلس الشعب الواجب عقد لقاءاته مع كافة المؤسسات الحكومية وأعضاء المكاتب التنفيذية في المحافظات، كل باختصاصه، لتحقيق النقاش والحوار الفعّال والإيجابي والمنتج، بالإضافة للنقاش والحوار والتساؤلات للسادة الوزراء، وقد يقول قائل بأن هذا غير قانوني ولا يمكن أن يحصل، والجواب إن بلدنا يتعرّض لحربٍ إرهابية مدمّرة، تتطلب منا كسر كل القيود والعقبات وفتح الباب أمام الجميع لتحقيق الهدف الأسمى المنشود، ويجب أن يتشارك الجميع بالبحث والنقاش والحوار للوصول للحل الأمثل، بعيداً عن الروتين والإهمال والتكاسل والتسويف والتأجيل، فمن المعيب جداً، بل من المسيء للوطن، أن تستمع من مسؤول بأن لا يمكن له القيام بذلك لأن لا مسموح له، وآخر يقول لك بأنّه يشتري الماء من السوق السوداء ليؤمن المادة لمنزله، والثالث يقول لك نعاني من الموضوع الفلاني، وهذه الشكاوى وحدها كفيلة بأن يبحث المسؤول عن حلول لهذا المواطن، فلا يكفي المواطن أن المسؤول يشعر به، فالمواطن يشعر بالوطن وأحياناً كثيرة أكثر من الكثير من المسؤولين، ويعمل لأجل الوطن، على الأقل يكتفي باستنشاق الهواء، ويعمل دؤوباً لسد رمقه، ولا يجلس وراء مكتب ولا يستطيع تأمين أبسط مقوّمات الحياة التي لا يشعر بها هذا المسؤول أو ذاك. عدا عن أن الكثير من المسؤولين أو في سدة المسؤولية يتكلّم بأن من حقه لأنّه يقدم للبلد، ما هي النتيجة التي قدّمتها، ولو كان غيرك كان قدّم، اعطني شيئاً إيجابياً أنت قدّمته للبلد حقّقت من خلاله رقماً حقيقياً على الورق والواقع بآنٍ معاً، يستحق أن يذكر لا عملاً روتينياً يقوم به أبسط الموظفين في مؤسستك، بعيداً عن تنظير الذي بات مقيتاً وملّ الجميع منه بل وعمل على توسيع الفجوة بين المواطن ومؤسسات وطنه.
سوريتنا تحتاج العمل بسرعة دون تسرّع، بحنكة وحكمة دون تهوّر أو تخبّط أو تكاسل، فلنكن على قدر المسؤولية، ولنكن أهل العزيمة والعزم، وأن نكون أوفياء بحق لدماء الشهداء التي روت الأرض لتبقى طاهرة عصية على الإرهاب، فكلنا أبناء الوطن، وكلنا مسؤولون عن حمايته وأمنه واستقراره وازدهاره، وأهم مقوّمات صمود الوطن قيام كل منا بدوره ضمن إمكانياته وقدراته.