حقي أن أطمح...؟؟.. بقلم: سامر يحيى

حقي أن أطمح...؟؟.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٧ فبراير ٢٠١٧

لا يمكن لدولةٍ أن تصمد أمام آلة إرهابٍ عالمية، متعدّدة الأشكال والأوجه والجهات والأدوات، إن لم يكن الشعب مؤمناً بانتصار قضيته، ليتمكّن من تحمّل المشقّات والمتاعب الطبيعية والمادية، والشعب السوري يؤمن بقدسية ترابه، وعدالة قضيّته وكرامته وجيشه الذي يدافع عنه مهما تكالب الأعداء، وإن وهن بعض أبنائه وضُلّل البعض الآخر، وسار البعض وراء أضغاث أحلام ممّن كانوا يدّعون المحبّة لهذا الشعب المؤمن بانتمائه وعقيدته.
إنها حرب استنزفت الكثير من خيرات وقدرات وموارد سوريتنا، ومع ذلك ما زالت وستبقى قادرةً على الإبداع والإنتاج والاستثمار الأمثل لكافّة الموارد المتاحة، وعدم السماح بالاستنزاف الذي يجعلها تابعةً أو خاضعةً لأحدٍ، فكل هذه الحرب لأنّها تقول "لا ونعم" في الوقت المناسب، وبما يتناسب بالحفاظ على قدسية ترابها وسيادتها، رغم كل محاولات الاستغلال البائسة والفاشلة، وهذا يتطلّب من المؤسسات الحكومية قبل غيرها القيام بالدور المنوط بها، لتكون سنداً وعوناً لجيشها العربي السوري، وقيادتها الحكيمة المنتمية لشعبها الذي يستحق من كل منا من دون استثناء كل الوقت والجهد والخبرات من أجل إتقان عملنا وتأمين متطلّباته.
ونجد في مؤسساتنا بشكلٍ عام البعض ممن يعمل بكل شرف وإخلاص وأمانة ونزاهة، والبعض الآخر فقط يتحدّث عن الإخلاص والأمانة والنزاهة، والبعض يقوم بدورٍ روتيني يومي يكاد لا يكفي جزءاً يسيراً من المهام الملقاة على عاتقه، وباتت الأغلبية تحمل الظروف التي تمر به بلدنا مسؤولية تقصيره في مهامه، ورمي التهم جزافاً تحت الشعارات الوطنية البرّاقة لتمرير مخطّطات تدميرية، أو مصلحية شخصية على حساب الوطن وقدسية ترابه وكرامة أبنائه، وبات استخدام الثواب والعقاب لأجل تحقيق منافع شخصانية وتشويه وتبييض وجوهٍ، والخلط بين ضغط النفقات ومنع الهدر، وزيادة الإنتاج ومضاعفة العطاء وإتقان العمل، لدرجة صرت تخال أكثر الفاسدين أقدرهم على الحديث عن النزاهة والشرف والوطنية تحت هذه الشعارات.
الوقت ما زال متاحاً رغم تأخرنا كثيراً، ولا بدّ من إعادة نظرة كلٍ منا، وقيامه بالدور المنوط به لبناء المجتمع، وتطوير أدائه، ففي كل مؤسسة من الوطنين ما يكفي لانتصار الوطن على كلّ أعدائه، ومسؤولية عدم معرفة المواطن بما تبذله المؤسسات الحكومية، أو الاستخفاف بعملها وتشويه سمعتها واتهام موظّفيها بالفساد فتتحمّله المؤسسة نفسها، ولاسيّما مكاتب العلاقات العامة والإعلام، التي تحتاج إلى تفعيل دور كل عاملٍ فيها من دون استثناء بدلاً من الدمج والتقزيم والإلغاء والإنشاء تحت شعارات فارغة، مغلّفة بالوطنية والتوفير.
إن المؤسسات الوطنية هي التي تعمل بكل إيمان ووطنية وتفعيل دور الإعلام والعلاقات العامة، بعيداً عن التضخيم التضليلي بحجّة رفع المعنويات التي تدمّر الوطن، أو التجاهل والتعتيم تحت ستار الكتمان سر النجاح، متجاهلين أن الكتمان مع الأخذ بأسباب النجاح سرّ النجاح، وليس إخفاء المعلومة أو تجاهلها، ولا الجرأة التي تصل لدرجة الوقاحة، أو الإطراء الذي يصل لدرجة النفاق والانتهازية، بما يساهم بكسر الفجوة بين المواطن ومؤسساته، ليكون شريكاً في بناء مؤسساته ودعمها وتقديم العون لها، لا عدواً لها، ولاسيّما لدينا وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية وهيئة التخطيط والتعاون الدولي وهيئة التخطيط الإقليمي والمكتب المركزي للإحصاء، عدا مكاتب ومؤسسات تعنى بالتعاون بين المؤسسات والمتابعة لما يجري على أرض الواقع، من أجل الوصول لخلاصة بإيجاد أفضل الحلول وأسرعها لبناء سوريتنا بأقل التكاليف وانطلاقاً من الموارد المتوافرة والإمكانيات المتاحة والظروف المحيطة، فيكفي أن يقوم كل مسؤول أو موظّف في مؤسسة حكومية بدوره المنوط به لما يجده من مشاكل في منطقته لإيجاد حلول لكافّة مناطق القطر من دون استثناء.
الكثير لديه من الأفكار والآراء والخبرات والقدرات والتنظير ومن حق كلّ منا أن يضع أفكاره، ومن واجب الجهات المتخصصة الاستجابة لهؤلاء بدراسة كل الآراء والأفكار للوصول للهدف المنشود، بالتوازي والتوازن مع دورها في الالتزام بالقانون والنظام الداخلي لكل مؤسسة، فالموظّف الحكومي وظيفته ومسؤوليته خدمة مؤسسته بأفضل ما لديه، لا اتهام المواطن بأنّه لا يمكن إرضاؤه، فالمؤسسة الخدمية خاصةً التي تكثر حولها الشكاوى من سوء خدماتها، ولا تستطيع الدفاع عن ذاتها، ولو كانت الكثير من الشكاوى غير دقيقة، فهذا يعني وجود خللٍ يجب أن تتم معالجته من القائمين على المؤسسة، لا اعتبار الجمهور لا يمكن إرضاؤه، فالنفس البشرية دائماً تطمح للأفضل، ومن حق المواطن السوري أياً كان أن يطلب الأفضل، لأن سورية على مدار العصور كانت الأفضل، وفي عام 2010 كان السوري أينما ذهب له مكانة كبيرة في الأغلبية القصوى من دول العالم، وستبقى.
إن تفعيل دور دائرة العلاقات العامّة والمجالس الاستشارية والمكاتب الإعلامية بكل مؤسسة، هي اللبنة الأولى في عمل الإدارة، وصلة الوصل بين المؤسسة وجمهورها الداخلي والخارجي، وبين المؤسسة ونظيراتها، بين المؤسسة ونقيضاتها، لإيجاد الحلول لكافّة المشاكل بما ينطبق على أرض الواقع، لتلبية مصالح الوطن، وبالتالي تلقائياً مصالح أبنائه، عبر تراكم خبرات ومعارف وتجارب ونتائج من سبق، وهذا نلمسه في حال حصلت اجتماعات دورية فعّالة لا محاضرات تنظيرية للمدير العام للمؤسسة، مع معاونيه ومديري الدوائر والإدارات والأقسام، كل حسب اهتمامه واختصاصه وتنوعه لتضم أكبر قدر ممكن من العاملين في كل مؤسسة بغض النظر عن ضخامة العدد أو قلّته، لتقييم وتقويم ما يجري، والبحث في كنه الموضوعات وأسبابها وعلاج جذور المشكلة بشكلٍ مستمر.
إن سوريتنا تتطلب من كل منا عدم تأجيل أي موضوع أو مشكلة تحت ذريعة الظروف فلدينا من المؤسسات ما يكفي لتقوم كل منها بدورها، لا تحميل المسؤولية للمؤسسة العليا بشكلٍ دائم.