الليدي الإنكليزيّة والشرق الأوسط.. بقلم: نبيه البرجي

الليدي الإنكليزيّة والشرق الأوسط.. بقلم: نبيه البرجي

تحليل وآراء

الأربعاء، ١ فبراير ٢٠١٧

نبيه البرجي
ما قاله فينا المستشرق الشهير لوي ماسينيون «يتناثرون كما حبات الرمل». لم يقل كما حبات اللؤلؤ. هكذا تذرونا الرياح، وسواء هبت من الشرق ام من الغرب، في كل اصقاع الدنيا...
قبائل فوق صفيح ساخن ام قبائل فوق رقعة الشطرنج؟ مقاربة قبلية للقرن ولمفاهيم القرن ولاستراتيجيات القرن. مستشارو دونالد ترامب لا يرون فينا سوى كائنات متحجرة....
ديبلوماسياً قيل لنا ان الرئيس الاميركي اصغى بدقة لرؤية زائرته تيريزا ماي التي نصبناها ولية على امرنا وامورنا. وقيل لنا ان الدور الانكليزي سيكون اكثر تأثيراً في المرحلة المقبلة.
كل هذا بتكليف من دونالد ترامب الذي لا ندري، ويدري معه العرب، ان هذا العام يصادف مئوية وعد بلفور الذي رأت فيه ماي، صديقتنا وولية امرنا، احدى المآثر الكبرى في تاريخ الديبلوماسية البريطانية.
حبات الرمل وتذروها الرياح لكأن توماس هوبز قال «العربي ذئب العربي». هل حقاً ان فلاديمير بوتين، بحنكة رجل الاستخبارات المحترف، جمع الفصائل المسلحة في ريف ادلب، وقد تحول الى مستودع للحى، كي تأكل الذئاب بعضها البعض...
ويحدثونك عن الهمجية التي ظهرت اثناء المعارك بين مقاتلي «فتح الشام» والمقاتلين الاخرين.
تلك اللحظات الهائلة وبالسلاح الابيض... استخبارات البنتاغون هي من تحدثت عن 1200 فصيل مسلح سوري. كل هذه الفصائل لم تستطع ان «تخترع» قائداً واحداً على غرار هوشي منه، او الجنرال جياب، او فيديل كاسترو. الثورة الحقيقية هي ثورة الحفاة، والمحطمين، والذين يقاتلون بعظامهم، لا ثورة ذاك الذي كان يبيع الحلوى على دراجته الهوائية وفجأة وجد نفسه وراء مقود سيارة فارهة قال انه سيصل بها الى القصر الجمهوري في دمشق..
عجائب وغرائب احدثتها مليارات الدولارات في سوريا. من دمر الثورة الفلسطينية في لبنان وغير لبنان سوى مليارات ياسر عرفات؟ اسألوا هوشي منه الذي كان يفاخر بامه وهي تحمل القش على ظهرها، وقد عمل حمالاً في باريس ليتعلم كيف تثور الامم وكيف تتقدم.
اليس الزعيم الفيتنامي النحيل هو من وحّد الـ13 فصيلاً ثائراً ضد الاحتلال الاميركي تحت اسم الفيتكونغ، وكان على الجنرال نورشاد ان يقول «انهم يحاربوننا بعيونهم».
اذا كان لتيريزا ماي ان تتولى ادارة الخيوط في المنطقة، لحساب دونالد ترامب، علينا ان نتوقع سنوات اخرى من ذلك المسار التراجيدي، وبعدما لاحظنا كيف ان خبر توجه وزير الخارجية الكويتي صباح خالد الصباح الى طهران، وقد ذهب الى هناك للبحث في العلاقات الخليجية - الايرانية، انتقل من الكادر الفسيح والبارز في الصفحات الاولى من الجرائد السعودية الى خبر شاحب في الصفحات الداخلية...
لا مناص من التساؤل، وقد سقطت من المداولات حول الدستور السوري كلمة «علمانية» وابدلت بعبارة «غير طائفية»، اي فارق في الرؤية الايديولوجية بين «جبهة فتح الشام» و«حركة احرار الشام الاسلامية»؟
لا شيء على الاطلاق، المقاربة القبلية اياها للنص الالهي. افكار احرار الشام اكثر سوءاً من افكار جماعة «الاخوان المسلمين، التي ينظر دونالد ترامب في تصنيفها منظمة ارهابية، وقد تكون هذه مأثرته الوحيدة، لكن المعلومات الديبلوماسية تقول ان تيريزا ماي تمنت عليه التريث في اتخاذ هذه الخطوة لتذكرنا بالدور الانكليزي في صناعة تلك الجماعة.
احرار الشام يقولون بدولة اسلامية. وهذا ما يدفع باتجاهه، ولاغراض استراتيجية، رجب طيب اردوغان علينا ان نتصور ما اذا كان بامكان هؤلاء ان يتعايشوا تحت سقف واحد مع اهل النظام او مع اي جهة او شخصية ترفض دولة تورا بورا...
طريق الجلجلة لا يزال طويلاً. اخيراً، كلنا على تلك الخشبة!
الديار