"وهم المعرفة" بقلم: يامن ديب

"وهم المعرفة" بقلم: يامن ديب

تحليل وآراء

الأحد، ٢٢ يناير ٢٠١٧

لدى البعض منا رغبةُ إستعراض تمّيزهِ المعرفي و التباهي بما قد لا يعلمه غيره و ما يظن أنه يعلمُه هو. وحين يصادف من يفوقه علماً،يعارضهُ وينتقدُ أفكاره و لو كانت صحيحة. هو اذا شعوٌر غيُر واعٍ بأنه على قّدر كبير من المعرفة و الذكاء. ….
أما الذي لا يعلم و هو يحسب نفسه عالما، تراه قد خرج من عباءة التواضع و الحياء، لغرور وهمه المعرفي.. فهذا من أصابه «وهم المعرفة» و ظّن أنه وصلَ إلى علم اليقين وصح فيه القول: ان كنت لا تدري فتلك مصيبة .. وإن كنت واهم أنك تدري فالمصيبة أعظم..!! يقول البعض .. نحن لا نعلم شيء.. وربما نعلم «مجازا». و علمُنا علمٌ نسبي. و عندما ننسب العلم لأنفسنا فإنها بلاغةٌ وصفيةٌ ليس إلا.. و ليس وصفا دقيقا لحالتنا.
ويظن البعض أن مجرد تصفح الكتب والصحف او متابعة المواقع الإلكترونية والبرامج الوثائقية تضع الانسان بين عليّة المثقفين، متجاهلين الحقيقة المجردة وضرورة التمعن والتبصر بعقل غير انفعالي ودون احكام مسبقه..!!
هذا ان كان الشخص يقرأ ليثقف نفسه لا ليشغلها وليملأ فراغها. تأتي المعرفة او الثقافة من تراكمات القراءة والمتابعة والتحليل عبر سنين ، فمجردُ رصد العناوين ومختصرِ الأخبار كما هو سائدٌ قد تساهم في تعزيز وعّي المثقف بشأن موضوع ما ، لكن ينبغي للباحث عن العلم والمعرفة ان يتثبت من مصادره وان يكون على استعداد لتقبل رأي مخالف اذا ما ثبت بالحجة والبرهان مصداقيتُه .
ان ثقافة العناوين لا تصنع مثقفا ولا حكيما ، إذ ثمة من يقتطفون قدرا من المعرفه لتصّدر المجالس والتفاخر بما كسبت أنفسهم، وثمة من يتحولون في ظروف الحروب والازمات الى جنرالات حرب يتبارون بالحديث عن افضل الطرق لكسب المعركه. وفي أيامنا هذه حدث ولا حرج .. الكل ينظّر والكل يتبجح والكل عارفٌ بخبايا الامور ... إنه يا سادة «وهم المعرفة» في كل مكان و عبر كل الزمان فالذي لا يعلم، ستبهره هذه المعرفة الوهمية و سينساق للإعتقاد أن هؤلاء الناس فعلا يعلمون. و لكن الحقيقة هي أن التنظير في بعض الأمور و على الرغم من سهولة التبرير و لكنه يبقى تبريرا إحتماليا غيرُ صحيح.
لسنا هنا بصدد التنظير ولا تقديم النصح.. إننا وبكل بساطة نستعرضُ ظاهرةً باتت تؤرق مجتمعنا وتقّض مضجع معرفتنا لذواتنا.. فلا يسعنا إلا أن نستشهد بقول ستيفن هوكنغ "إن أعظم عدو للمعرفة ليس الجهل، بل وهم المعرفة"