إطفاء النور.. بقلم: سامر بكور

إطفاء النور.. بقلم: سامر بكور

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١٧ يناير ٢٠١٧

    نبحث عن بصيص نور عند حلول الظلام، لا نعمل على إطفائه، ونتحمّل المسؤولية لا نتهرب منها، كل يجب أن يكون جندياً في ميدان عمله لننير الطريق ولا نسمح للظلام بالسيطرة علينا، لكي نفي بجزءٍ من صمود شعبنا، وتضحيات جيشنا وانتصاراته، ودور القيادة السياسية على الساحة الدولية رغم الحصار.
     ويكاد لا يغفل عاقل أو مفكّر أو مثقف، أنه بعد فشل الاستعمار في استمرار احتلاله المباشر للأقطار العربية، رغم تفتيتها لدويلات متداخلة متنازعة، وزرع الكيان الصهيوني في قلب المنطقة العربية، اضطرّ للبحث عن وسائل جديدة لمنع تجمّع الشعب العربي وبناء ذاته بإمكانياته وقدارته والاستفادة من ثرواته، فوجد الحل الأمثل "بالتدمير الذاتي" للقدرات العربية، من خلال إثارة الصراعات والفتن الوهمية، مستغلاً العواطف الإنسانية وبعض السلبيات الموجودة على أرض الواقع، لتضخيمها وتهويلها، مستفيداً من ضعف الإعلام الوطني، وتقاعسه عن أداء مهامه بالشكل الأمثل، وتحميل المواطن المسؤولية للآخر، ولاسيما الحكومة، والاستسلام للتكاسل والتسلية والترفيه بعيداً عن تطوير الذات، والإعجاب بالغرب الذي استقطب الكفاءات والمؤهلات العالية لإفراغ بلادنا من الأدمغة، الذي أفسح المجال لوصول فئة من الانتهازيين والمنافقين الذي يريد كلّ منهم الصعود على كتف الآخر بعيداً عن النهوض معاً، وتحوّل الصراع على تدمير المؤسسات بدلاً من التعاون والتعاضد لتطويرها واحترام قدسيتها، أصبحنا نتحدّث على بعضنا، بدلاً من النقاش والحوار مع بعضنا.
وإن كان كل منا يتحمّل المسؤولية، لكن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق القطاع الإعلامي، الذي فشل في النهوض بمهامه وتخلّيه عن القيام بمسؤولياته، لاعتباره الإعلام مورداً للمال، ووسيلة للشهرة لتحقيق الطموح الشخصي، لا رسالةً ومسؤولية وطنية، يعمل ضمن الحدود الدنيا المطلوبة، وينظّر متجاوزاً الحدود العليا التنظيرية، مطالباً بالهامش، ولا يستخدم جزءاً من المهام الملقاة على عاتقه، متناسياً أنّه إعلامي وعند تطوير أدائه والقيام بدوره ستنجح مؤسسته، وتلقائياً سيحصل على شهرة كبيرة، وعائداً مادياً إيجابياً.
     إن من الخطورة بمكان استغلال شعار "ضغط النفقات ومكافحة الهدر والقضاء على الفساد" لتدمير مؤسسات الوطن، مستندين لمحاسبة خلّبية وهمية، متجاهلين أن تطوير الأداء والاستفادة من الطاقات البشرية والمادية الموجودة لتفعيل عملية الإنتاج وتطوير الموارد المؤسساتية، هو الأساس لمكافحة ضغط النفقات ومكافحة الهدر والقضاء على الفساد". يصدر القرار بإغلاق مؤسسة أو دمجها، متجاهلين أن تأسيسها لم يولد من فراغ، ما يتطلّب من القائمين عليها، دراسة إمكانية تطويرها للقيام بالدور المنوطة به، وتفعيل دور إدارتها للنهوض بها بقوة، لا وبذلك نكون قد عالجنا جذر المشكلة لا ردمنا الجمر بالرماد، وتلقائياً لن نضطر لإنشاء مؤسسة لا هدف لها، ولا لإلغاء مؤسسة قائمةً بدورها فنحن دولة مؤسسات، يجب علينا تطويرها لتفعيل عجلة الإنتاج، استناداً لعملية تراكمية نستفيد من فشلها ونجاحها، وتفعيل دور كل العاملين فيها، حتى الفاشل بإمكاننا تأهيله، لأنّه على الأقل صار لديه الإلمام بالحقل العامل له، ولاسيّما معاهد التأهيل والتدريب والتطوير، ومنها المعهد الإعلامي المفترض أن يقدّم الدراسات والأبحاث والتدريب للكوادر والأطر في جميع الوسائل الإعلامية كافة من دون استثناء.
 إننا وإذ نفتخر بصمود الإعلام السوري في وجه  الهجمة الإعلامية الشرسة، الذي هو جزء من صمود المؤسسات الوطنية السورية، الذي يجب أن يستفيد من النقد الموجّه له، سواءً المحقّ أو المجحف، لتطوير ذاته وقدرته على الوصل لكل شرائح المجتمع، وإيصال صوت الوطن للخارج، وآمل أن تساهم هذه الأفكار في إضافتها لما يتم دراسته من تطويرٍ للإعلام السوري وإعادة هيكلته:
- تفعيل دائرة العلاقات العامة بالمؤسسات الإعلامية، لتكون صلة الوصل بين المؤسسة الإعلامية وجمهورها، وبين المؤسسة الإعلامية وموظفيها، وبين المؤسسة الإعلامية ونظيراتها، لكسب أكبر قدر ممكن من المتابعين، واكتسابها المصداقية "بجرأةٍ بعيدةٍ عن الوقاحة، ووطنية بعيدةٍ عن النفاق والانتهازية"، استناداً للمبادئ والأسس الوطنية الثابتة، والانتقاء الجدّي للضيوف والمشاركين في الحوارات والندوات، لأن الإعلام الوطني متكامل متعاضد لا متنافس متناقض.
- إعادة بث القناة الأولى الأم لبرامجها التي تهتم بالداخل السوري، ولاسيّما بث ملخّصات ما يجري في مجلس الشعب ومجلس الوزراء ومجالس المحافظات، وما تقوم به المؤسسات الوطنية، كل في مجالها، ليكون المواطن السوري مطّلعاً على ما يجري في وطنه، من خلال برامج تثقيفية تنموية توعوية، تشعره بدوره في المجتمع والوطن.
- القناة الفضائية، صوت سوريتنا في الخارج، لتحقيق التواصل بين المغترب والوطن الأم، ومرآة القطر للآخرين، وتكون لقاءاتها السياسية والحوارية وبرامجها التنموية التوعية التي توضح المواقف الوطنية السورية وما تقوم به من جهود، ودراسة السبل الأنسب للخروج بأداء إعلامي يواجه الآلة الإعلامية التضليلية، لأن المؤامرات مستمرة، لأن الشعب السوري حي وقادر على أن ينهض من جديد وبقوة.
- التزام القناة الإخبارية السورية بدورها ببث نشرات إخبارية ولقاءات سياسية وندوات وحوارات تناقش الوضع السياسي بالأسلوب الأمثل والقادر للوصول للجميع، لنقل وجهة نظر سورية.
 - إعادة تفعيل قناة تلاقي، لتختص ببث البرامج والنقاشات واللقاءات والندوات الحوارية عن النسيج المجتمعي وأهميته وتعريف أبناء الوطن بتراثهم وأبناء مناطقهم، والعمل على التلاقي فيما بينهم، ومشاركتهم في بناء وطنهم، استناداً لتاريخ سوريتنا العريق، ونسيجها الاجتماعي المتماسك، لنكون يداً واحدةً في البناء والإعمار.
- أن تهتم قناة سورية دراما ببث الأغاني والمسلسلات والأفلام والمسرح السوري، القديم منه والحديث، وتكون برامجها هادفة لتطوير الأداء الفني والمسرحي السوري.
- تخصص قنوات "التربوية، ونور الشام" بدورها المنوط به ضمن اختصاصها، وعدم تدخّلها باختصاصات القنوات الأخرى.
- إضافة الشريط الإخباري الأساسي والخبر العاجل من وكالة سانا، إلى وسائل الإعلام كافة، إضافة للشريط الإعلامي الخاص بكل قناة، فنحن إعلام متكامل لا متنافس.
- العمل على البث الأرضي بالتوازي مع البث الفضائي لكل القنوات.
     إنّها مجرّد أفكار مختصرة لأفكار كثيرة، لمؤسسة بحجم الإعلام الوطني، فنحن أحوج ما نكون للقضاء على البطالة المقنّعة عبر تفعيل دور كلٍّ منا، فمن غير المنطقي أن نطفئ نور الغرفة الذي يضيء لنا، ونبقي نور الغرف المغلقة مضاءً، بحجّة التوفير وضغط النفقات.
       إننا أحوج ما نكون للبحث عن أفضل السبل لتطوير الأداء ومضاعفة الإنتاج، لا تحميل فشل وأخطاء بعض الأشخاص للمؤسسة بكاملها، ولا للعاملين فيها، ولا للظروف التي تمرّ بها سوريتنا، فما دام الشعب العربي السوري قادراً على الإنتاج والإبداع والتطوّر، فإن المؤامرات لن تتوّقف.