الإرهاب في رحلة الإياب.. بقلم: رفعت البدوي

الإرهاب في رحلة الإياب.. بقلم: رفعت البدوي

تحليل وآراء

الخميس، ٥ يناير ٢٠١٧

بغض النظر عن التاريخ واليوم والمناسبة فإن ما شهدته تركيا ليلة رأس السنة يعتبر عملاً إرهابياً دامياً حصد العديد من الضحايا العرب والأجانب ممن كانوا في المكان في مشهد أقل ما يقال في وصفه أنه مشهد مؤلم لحفلة إجرام مبرمج ومخطط ومدروس بعناية للوصول إلى القتل بدم بارد..
أمام ما حصل من عمل إجرامي إرهابي وهمجي في إسطنبول لا يسعنا إلا استنكار كل أشكال وأنواع الإرهاب والإجرام المستشري والقتل المتفلت في شتى أرجاء المعمورة لكن ما يجب إدراكه أننا بتنا نعيش في بداية مراحل الهجرة المعاكسة لإرهاب أرادوه أن يتمكن ويسكن في أوطان تناهض سياسات الغرب الداعمة والداعية للاعتراف بإسرائيل والسكوت عن ممارساتها الإجرامية بحق الفلسطينيين تمهيداً لإلغاء كل ما من شأنه المطالبة بحق عودة الفلسطينيين وصولاً إلى طمس القضية الفلسطينية ونسيانها وسلخها من وجدان الأجيال القادمة.
لكن هجرة هذا الإرهاب أتت نتيجة القرار المصيري الذي اتخذه محور الممانعة في سوريه وإيران وروسيا والعراق وحزب الله اللبناني بالصمود والإصرار والتصميم على مواجهة مشاريع أميركا وإسرائيل المعادية لسوريه المدعومة والممولة من بعض الدول الخليجية وكان له الأثر البالغ في إفشال كل ما من شأنه تقسيم وتفتيت سوريه واستطراداً المنطقة العربية برمتها.
وأمام التضحيات الكبرى التي قدمها محور الممانعة الممتد من سوريه إلى روسيا وإيران بالتكافل والتضامن مع حزب الله اللبناني الذي شكل سداً منيعاً بوجه إمكانية تنفيذ مآرب أصحاب وداعمي المخططات التقسيمية على وطننا العربي في كل من العراق وسوريه العروبة، أثمرت في تشكيل وعي حقيقي لأهداف المؤامرة وانكشاف نيات دول استطاعت إيهام الشعوب بربيع مزيف، هذا الوعي عند مختلف شرائح المجتمع العربي بالإضافة إلى صمود الجيش العربي السوري ومحور الممانعة أدى لإنهاء حلم أصحاب ومتعهدي تنفيذ المخطط الذي رسمه الغرب الأميركي والأوروبي بالاشتراك مع تركيا رجب أردوغان وأحمد داوود أوغلو بتمويل خليجي عربي من السعودبة وقطر.
تمكن محور المانعة من تحرير كامل مدينة حلب من المجموعات الإرهابية واستعادتها إلى حضن الدولة المركزية السورية وشكل عنصراً أساسياً في كسر شوكة المؤامرة الهادفة إلى تفتيت سوريه وفدرلتها والسعي إلى فرط عقد كل مقومات الدولة المركزية السورية ونشر الفوضى فيها.
تحرير حلب أدى إلى تغيير الكثير من الحسابات والتحالفات الإقليمية والدولية والدخول في منعطف أساسي وسلوك درب الحل السياسي والتوصل إلى وقف لإطلاق النار واتخاذ قرار البدء بالتفاوض بين المكونات السورية في (اسيتانا) كازاخستان خصوصاً بعد نتائج إيجابية للمروحة الواسعة من الاتصالات والاجتماعات الدولية والإقليمية التي كان من نتائجها الاجتماع الثلاثي الروسي التركي والإيراني الذي أفضى إلى إعادة تموضع سياسي ميداني بالغ الأهمية من أردوغان شخصياً الخائف من ارتدادات الانقلاب الفاشل في تركيا وابتعاده عن الإدارة الأميركية وحلف الناتو، والسير في اتجاه التحول التدريجي نحو روسيا والاحتماء بها تحت عنوان محاربة الإرهاب.
هذا الأمر دفع ممولي الإرهاب وداعميه للاعتراف بخسارة الحليف الأهم في تنفيذ مخططات الغرب والخليج وراعي وحاضن الإرهاب ضد سوريه والعراق ألا وهو «رجب طيب أردوغان» الذي سار بدوره بطريق محاربة الإرهاب والتخلي عنه وتركه يواجه المصير المحتوم نزولا عند رغبة الروسي والإيراني تحسباً من ارتداد هجرة الإرهاب المعاكسة عن سوريه بعدما سكن أجزاء من سوريه لخمسة أعوام متتالية استطاع الجيش العربي السوري مع قوى الممانعة وروسيا طرده في العديد من المناطق التي كان يحتلها ليقفل الإرهاب عائداً في رحلة الإياب المتجهة صوب المزارع التي تغذى منها والأراضي والأوطان التي ترعرع فيها أي نحو منبته الفكري والعقائدي الأساسي ليزور في طريق الإياب كلاً من تركيا وأميركا وأوروبا والأردن والسعودية وقطر وكل دولة شاركت بالمؤامرة على سوريه، لم يكن ليكتب النجاح للعملية الإرهابية التي حصلت في إسطنبول ليلة رأس السنة لولا وجود تواطؤ داخلي وخصوصاً في جسم تركيا الأمني ما يدفعنا للسؤال هل إن تركيا تخلت عن مبادئ العلمانية ليستشري الإسلام المتطرف في جسد الدولة التركية؟
رئيس الوزراء التركي السيد «يلدريم» وفي أحدث تصريح له قال إن تركيا لن تنعم الهدوء والاستقرار ما لم تنعم به كل من سوريه والعراق.
تركيا استقبلت الدفعة الأولى من الإرهاب في رحلة الإياب أما باقي الدول فإنها تتهيأ لاستقبال مماثل للاستقبال التركي.