في عصر المفاجآت.. بقلم: رفعت البدوي

في عصر المفاجآت.. بقلم: رفعت البدوي

تحليل وآراء

الاثنين، ٢ يناير ٢٠١٧

ها نحن استقبلنا اليوم الأول من العام الجديد 2017 ووطننا العربي مثقل بالجراح والفوضى والقتل والتشرد والتهجير والتفلت غير المسبوق وفي مختلف المجالات الأخلاقية والإنسانية والإعلامية والعسكرية والسياسية غير المطمئنة الناتجة عن العوامل العديدة التي شكلت وضعا ضبابياً ودخاناً كثيفاً سبب بحجب الرؤية الصحيحة إثر الغشاوة التي أطلقتها القنوات الإعلامية والدعائية المروجة للتقارير الكاذبة والأخبار الملفقة أثرت في ضعفاء الفكر والإيمان بالانتماء الوطني وأسهم البعض منهم في لعب دور بارز في ترويج مؤامرات رسمت في مطابخ الشر لتنفذ في منطقتنا العربية.
وعلى الرغم من تلك الصورة القاتمة التي أرادها أعداء الأمة في كل من سوريه والعراق واليمن وليبيا ومجمل الوطن العربي، بيد أن أحداثاً كثيرةً ومتغيرات دراماتيكية متسارعة ايجابية طرأت على المشهد العام ترافقت مع انتهاء الانتخابات الأميركية والإعلان عن فوز المرشح «دونالد ترامب» تزامناً مع اندحار القوى الإرهابية عن العديد من المناطق التي كانت تحت سيطرتها، إضافة إلى تحرير كامل مدينة حلب الشهباء الحدث المفاجأة على الصعيد الميداني الذي غير مسار الإرهاب وكسر رأس حربة المؤامرة على سورية، مغيراً مسار الزمن ليصبح الزمن مجرد تاريخ أظهر الصورة القاتمة لينقشع معها الضباب كاشفاً النقاب عن أسس ومنابع الإرهاب في العالم وفي سوريه العروبة على وجه الخصوص ليصبح المجتمع السوري ومعه المجتمع العربي أكثر صفاء مع وضوح الرؤية السليمة التي بدأنا نتلمس مفاعيلها، وتأتي أكلها على الصعيدين السياسي والميداني بدعم روسي إستراتيجي مباشر، وتسجيل نجاح باهر للدبلوماسية الروسية على الصعيد الدولي وعلى صعيد وضع أسس خريطة طريق الحل السياسي في سوريه ما أدى إلى سحب السجادة من تحت أقدام أميركا وقطر والسعودية وتركيا، وأسهم في قطع دابر المؤامرة التي استمرت أكثر من خمسة أعوام متتالية لنشهد على سلوك درب الحلول التفاوضية بين الأطراف السورية، ما أصاب إدارة أوباما الراحلة بصدمة وفشل مزدوج في الميدان وفي الدبلوماسية معاً ما حدا بتلك الإدارة الأميركية الراحلة لاتخاذ تدابير تعسفية بحق 35 من الجهاز الدبلوماسي العامل في الولايات المتحدة الأميركية قضى بطردهم وحرمانهم من الاحتفال بقدوم العام الجديد والعودة إلى موسكو انتقاماً لفشلها.
ورغم الإجراء الذي اتخذته إدارة أوباما تجاه موسكو مؤخراً المتمثّل بطرد عدد من الدبلوماسيين الروس من الولايات المتحدة إضافة إلى فرض عقوبات اقتصادية على شخصيات اقتصادية وعسكرية ومراكز أبحاث روسية تحت عنوان التجسس واختراق حساب المعلومات السرية للمرشحة هيلاري كلينتون، ما ساعد في كشف الحقيقة الكامنة في تبني بعض أجهزة المخابرات الأميركية وكلينتون شخصياً في دعم وتسليح التنظيمات الإرهابية وافتعال الفوضى في بلادنا العربية وبخاصة سوريه والعراق وليبيا.. انكشاف تلك المعلومات الغاية في السرية والحساسة أدى إلى انكشاف الدور السيئ والخطر الذي قامت به الإدارة الأميركية الراحلة كما أدى إلى إزاحة الستار عن المستور ما أسهم في تغيير مسار الانتخابات الأميركية لمصلحة «دونالد ترامب» وفي سقوط مدو للمرشحة الديمقراطية.. (حسب ادعاءات إدارة أوباما).
هذا الإجراء الأرعن والمتسرع لإدارة أوباما قابلته مفاجأة دبلوماسية روسية من العيار الثقيل تمثلت بقرار رئاسي روسي بشخص الرئيس «فلاديمير بوتين» حين رفض توصية من الخارجية الروسية للمعاملة بالمثل.
موقف الرئيس الروسي الذي وصفه الرئيس الأميركي المنتخب «دونالد ترمب» بالقرار الحكيم والذكي جداً الآتي من صاحب الرؤية الثاقبة لم ينته برفض المعاملة بالمثل فقط بل إن الرئيس الروسي أعطى أوامره بدعوة الدبلوماسيين الأميركيين وعائلاتهم إلى الكرملين لمشاركتهم احتفال استقبال العام الجديد مرتقياً لمستوى السمو في العلاقة الإنسانية واحترام الإنسان احتراماً حقيقياً بعيداً عن التزييف كما اعتادت الإدارات الأميركية المتعاقبة على احتقار العقل والفكر الإنساني.
موسكو سجلت انتصاراً دبلوماسياً غير مسبوق إضافة إلى تفويت فرصة تخريب العلاقة بين موسكو والإدارة الأميركية القادمة إلى البيت الأبيض برئاسة «دونالد ترامب» ووزير خارجيته «ريكس تيليرسون» وفي كسب ثقة الإدارة الأميركية والعالم لنشهد نظاماً عالمياً جديداً قائماً على احترام الشعوب وإرادتها
نحن في عصر المفاجآت التي من شأنها كشف المستور وتساقط أحجار الدومينو للدول المشاركة في كذبة تحقيق الديمقراطية في الوطن العربي على حين أن روسيا عملت بنجاح على إعادة التوازن للنظام العالمي واحترام الإنسانية وخصوصاً في المحافل الدولية.
لا غلو في القول إن المفاجأة الكبرى تمثلت في صمود سوريه الأسطوري الذي غير وجه العالم.