لنبدأ الآن.. بقلم: سامر يحيى

لنبدأ الآن.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الاثنين، ٢ يناير ٢٠١٧

الشغل الشاغل للمسؤول وأصحاب القرار قبل المواطن، والنقاش الدائر، هو الفساد ومكافحته وتطهير المؤسسات، أو تبرير الأخطاء وإيجاد الأعذار لبعض الفاسدين، ونحمل المسؤولية، متناسين البدء بالعمل وتطوير الأداء وتلاقي الأفكار للوصول للهدف المنشود للجميع.
إن ما كتب عن الفساد والإفساد لا تكفيه مجلّدات، ولكن ما زلنا في إطار التنظير بعيداً عن التنفيذ، وأكثرنا قدرةً على نقد الفساد، أكثرنا فساداً وقدرة على تبرير الأخطاء التي تتعرّض لها مؤسسته، فالمؤسسة الحكومية تحمّل أخطاءها لموظّفيها، والمسؤول يحمل المسؤولية للموظّف الأدنى رتبةً، أو لعوامل خارجية (افترضها)، والموظف يحمّل المسؤولية للأعلى منه رتبةً، والمواطن يحمّل المسؤولية للموظف، وانتشر باب جديد بأن يعترف المسؤول بأنّ هناك تقصيراً، متجاهلاً دوره في معالجة هذا التقصير والبدء بمعالجته، مستغلين التوجيهات بعناوين بعيداً عن التنفيذ، وكذلك وسائل الإعلام ضائعةٌ في دورها ساعيةً وراء تحقيق ربحٍ مادي، محمّلة خطأها لمديح وهمي، أو خوفٍ ضمني، والآخر، والآخر المفترض، أو الغرور السلبي، والغوص في مصطلحات بعيداً عن مضمونها الجدي، (تنموي، استقصائي، نقد وجرأة، تجريح وتضليل)، لدرجة يعمل ضد مموّله، بتناقضه مع ذاته، قصداً أو من دون قصد، مهملين التفكير الجدي للوصول لحلول إيجابية بناءة، والنظر بآلية لتفادي الأخطاء.
التساؤل المطروح، هل سنغيّر في العام الجديد ما بأنفسنا للأفضل؟! هل سنراجع حساباتنا؟! هل سنتخلى عن شعارات تحمل السمّ بالدسم، وننتقل لمرحلة العمل الحقيقي الجدي الملموس على أرض الواقع؟! هل سنؤدي للشهداء جزءاً من تضحياتهم، بعيداً عن استغلالها وادعاء الوفاء لها....؟! وهل سنعمل بجزءٍ بسيط موازٍ لأداء أبطالنا المنتشرين في الصحارى والجبال والوديان لدحر الإرهاب العسكري، أم سنستمر باستغلال جهدهم وعرقهم في التهرّب من مسؤولياتنا متسترين بخطاب وشعارات الوفاء لهم؟! هل سننهي مأساة المواطن العادي، والظروف السلبية التي يمرّ بها، ونقدّر صموده ونضع يداً بيدٍ لنكون العنصر الفعّال في بناء الوطن من دون استثناء أحد (إلا من استثنى نفسه وخان وطنه)، أم سنستمر في البيع والشراء باسمه؟!.
     هذه الأيام أحوج ما نكون بها لجردة حساب، والابتعاد عن التنظير وتحميل المسؤولية للماضي، والبدء من جديد، والانتقال من مرحلة "الرجولة والشهامة" عبر الشبكة العنكبوتية خلف شاشة الهاتف النقال والحاسب المحمول وفي الفنادق والمطاعم... إلخ، إلى ميادين العمل السياسي والعسكري والثقافي والاجتماعي والإنتاجي والزراعي والصحي والخدمي والمكتبي....... إلخ، ليلمس المواطن العادي ثمار هذا العمل لا التنظير الوهمي عن الصبر والصمود بعيداً عن دعم مقوّماته.
 هل سنشهد لقاءات بين المؤسسات المتشابهة والمتشابكة والمتقاربة والمتوازية والمتناقضة، للبحث والنقاش والحوار في آليات العمل ودور كل منها، لتخفيف الهدر وكسب الوقت، وادخار الجهد، ولا سيّما إزالة الأنقاض، وإعادة ترميم الشبكة الكهربائية والمائية والصرف الصحي والهاتف، إلى ما هنالك.. لتنمية الاحتياطي وتجهيز البنى التحتية وفق آلية عمل تنموية مستدامة؟!   
هل ستعتمد كل مؤسسة حكومية اعتماداً على ذاتها، في الترميم واستثمار مواردها وموجوداتها، والاستعداد للظروف الطارئة، بتعظيم دورها وإنتاجها، وابتكار أفضل الطرق والأساليب للوصول للهدف المنشود في بناء المؤسسة والوطن، مستفيدين من التجارب السابقة والظروف التي مررنا بها، والأخطاء لتقويمها، والإيجابيات لتطويرها.
هل ستشهد الأيام الأولى من العام الجديد اجتماعات نقاشية بين العاملين في المؤسسة، حول الموازنة ونقاط الضعف والقوة، والتوفير والادخار، والاستثمار والإنتاج، ليقوم كل شخصٍ بدوره ضمن إمكانياته والمهام المنوطة به؟!.
     هل سنشهد متابعةً جديةً وتقييماً دورياً للأداء والنتائج والإيجابيات والسلبيات، بدلاً من الاعتماد على أرقامٍ خلّبية كما اعتدنا في منتصف العام ونهايته، لنتمكن من تعديل بنود وإضافة وإلغاء بما يتناسب مع التطوّر وعمل كلّ مؤسسة.
          هل سنقوم بدراسة المراسيم والنظام الداخلي والقرارات والقوانين والتعاميم والتشابكات والتعقيدات مع المؤسسات الأخرى، لتفعيل عمل المؤسسة للحد الأقصى، لتسهيل صدور أي قرار أو النقاش فيه، أو أي عملية دمج أو فصل أو إنشاء، مرفقاً بالأسباب الموجبة والتعليمات التنفيذية والتعقيدات والتحديات والعقبات التي قد تواجهها مستقبلاً..
بكل تأكيد الفساد خطير جداً، ولكن الأخطر منه عدم الاستفادة من الفشل بمحاربة جدية للفساد باستمرار العزف على أسطوانته، بعيداً عن القيام بدور كل منا لبناء الوطن، لحشر الفاسد في الزاوية، وتفعيل العمل الجماعي هو أساس القضاء على الفساد والإفساد، وإن أي اتهام بحق مؤسسة أو موظّف بالفساد، دليل على سوء أداء المؤسسة، فعند قيام الموظف الحكومي بدوره كاملاً، لن نحتاج إلى واسطة ولا رشاوى، ونقضي على كل الأبواب الالتفافية، حتى في عملية التوظيف والتعيين عند استثمار القدرات والموارد، لن يكون هناك عاطل عن العمل، ولا باحث عنه حتى....!!، وعندها يشارك الجميع بعملية البناء والإعمار، ويكون فاعلاً في بناء الوطن وتنمية موارده وتطوير أدائه كل من مكانه وقدراته، أما الإحساس بعدم المسؤولية وتحميل الأخطاء للآخر، والاعتراف بالخطأ من دون القيام بإيجاد الحلول له، ما هو إلا جزء رئيس من المؤامرة ضد الوطن ومؤسساته وأبنائه.
لنكن جميعاً يداً واحداً في البدء والنهوض ببناء وطننا، لنكون سداً منيعاً في وجه الفساد والإرهاب بكلّ أشكاله وأنواعه.