ماذا يعني لإسرائيل امتناع أوباما عن التصويت؟؟..بقلم: تحسين الحلبي

ماذا يعني لإسرائيل امتناع أوباما عن التصويت؟؟..بقلم: تحسين الحلبي

تحليل وآراء

الأحد، ١ يناير ٢٠١٧

من الطبيعي أن تغضب إسرائيل كلها بقيادتها السياسية والعسكرية والحزبية على القرار الذي اتخذه أوباما بالامتناع عن التصويت على قرار صدّق عليه مجلس الأمن الدولي برقم 2334 يدين الاستيطان في الأراضي المحتلة في الضفة الغربية ويعده غير شرعي.
فنتنياهو ووزراؤه لم يتوقعوا أن ينفذ أوباما إجراءه بالامتناع عن التصويت بعد نجاح إسرائيل في تأجيل عرض هذا المشروع في المرحلة الأولى ولذلك أجمعت كل الأحزاب الإسرائيلية على التنديد بأوباما وبالقرار رغم معرفتهم بأنه يطالبهم بالكف عن الاستيطان مقابل مطالبة القرار للسلطة الفلسطينية بشروط ومطالب أخرى وربط العملية كلها بالمفاوضات وموافقة الطرفين. فإسرائيل لم تكن تتصور أن ترفض الإدارة الأميركية طلبها باستخدام حق النقض «فيتو» الأميركي ضد هذا القرار وهنا يكمن جوهر القلق الإسرائيلي ولذلك يعلق مدير مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي الجنرال المتقاعد (عاموس يادلين) رئيس المخابرات العسكرية السابق قائلاً: «إن خطورة ما فعله أوباما يكمن في عدد من المضاعفات التي حملها لإسرائيل وأهمها أنه ألحق الضرر بقدرة الردع الإسرائيلي التي يعد جزء كبير منها قائماً على التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة ودعمها لإسرائيل» ويرى يادلين أن إسرائيل تستطيع التغلب على مطالب القرار الأخرى بطرقها الخاصة للقرارات الدولية حين ترغب.
فدول النظام الرسمي العربي المتحالفة والخاضعة للسياسة الأميركية كانت تفضل ألا يحرجها أحد بالضغط على الإدارات الأميركية لمصلحة فلسطين أو العرب وهي تبرر ذلك بأن «واشنطن مظلومة لأن إسرائيل هي التي تفرض عليها سياساتها» ويتبين الآن باعتراف يادلين ونتنياهو أن واشنطن كانت قادرة منذ زمن طويل على اتخاذ مثل هذه المواقف المناقضة لسياسة إسرائيل لكنها لم تكن ترغب لأن سياسة إسرائيل تخدم الإستراتيجية الأميركية في المنطقة والعالم.
ولذلك كان قرار أوباما الأخير في مجلس الأمن الدولي محاولة لإنقاذ إسرائيل من غطرستها الاستيطانية وهو يدرك أن هذا القرار لن يوقف الاستيطان، ونص القرار في مسألة نزع المستوطنات أو رسم حدود الدولة الفلسطينية يفرض أن يكون نتيجة لاتفاق بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني وليس نتيجة لقرار يفرضه القانون الدولي أو مجلس الأمن بانسحاب إسرائيل إلى حدود الرابع من حزيران.. والسؤال الذي يطرح نفسه بعد صدور القرار 2334: هل ستقوم دول النظام الرسمي العربي الآن بدعم الفلسطينيين في تطبيقه لمصلحة الدولة الفلسطينية، على كامل الأراضي المحتلة منذ عام 1967 ونزع المستوطنات واستعادة القدس؟!
أم إنها ستتمسك بخطابها القائل إن إسرائيل تحكم الولايات المتحدة وتفرض سياستها عليها؟!
إن قرار مجلس الأمن الدولي الأخير يحتاج إلى رافعة كبيرة إن لم يكن عدد من الرافعات لنقله إلى حيز التنفيذ بما يخدم الحقوق الفلسطينية ولم يعد لدى الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة والخاضعة لسياستها أي مبرر يمنعها عن ممارسة الضغوط على الإدارات الأميركية التي تشكل العنوان الأول والداعم لغطرسة إسرائيل وتهربها من تنفيذ قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي، وفي النهاية لا يمكن للرئيس المنتخب ترامب أن يتخلى عن المصالح الاستراتيجية الأميركية إذا تعارضت مع مصلحة إسرائيل وهذا ما يحذر منه عاموس يادلين رئيس مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) في آخر تحليل له حول قرار مجلس الأمن الدولي 2334.