المنطقة والعالم في مرحلة سنوات ما بعد داعش.. بقلم: تحسين الحلبي

المنطقة والعالم في مرحلة سنوات ما بعد داعش.. بقلم: تحسين الحلبي

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٦ ديسمبر ٢٠١٦

إذا كانت الإدارات الأميركية هي التي تبنت في الثمانينيات جميع المجموعات الإرهابية الإسلامية في أفغانستان للوقوف ضد الحكم الوطني الأفغاني العلماني ثم وجدت أن إرهاب (القاعدة وطالبان) انتقل عام 2001 إلى نيويورك وواشنطن في أكثر العمليات الوحشية ضد المدنيين فإن فرنسا وبريطانيا وألمانيا لم تتعظ وراهنت على أن دعم المجموعات المسلحة في سورية سيحقق لهم السيطرة عليها.
ورفضت الإصغاء للتحذيرات التي صدرت عن القيادة السورية بأن هؤلاء الإرهابيين سينتقلون إلى كل من وظفهم وسخرهم ضد سورية.. وها نحن اليوم بعد أقل من ست سنوات على سياسة هذه الدول نجد أن الإرهاب انتقل إلى فرنسا وألمانيا وبلجيكا بصور لا تقل بشاعة عنه ضد سورية والعراق ولبنان ومصر.. كانت حكومات هذه الدول تسير خلف سياسة أوباما التي ساهمت في نشر إرهاب منظمة القاعدة ثم ابتكرت منظمة داعش وجبهة النصرة وما شابهها من منظمات أساءت لكل المسلمين وللإسلام.
وبالمقابل بدأ عدد من الأحزاب الحاكمة في باريس ولندن وبرلين يشعر أن الجمهور الأوروبي والرأي العام فيه لم يعد يصدق الخطاب السياسي والإعلامي الذي تتبناه هذه الأحزاب تجاه سورية وإيران والمنطقة كما أدرك قادة هذه الأحزاب وخصوصاً في فرنسا وألمانيا أن سياسة أوباما التي تبنوها ستتعرض للانتهاء في أعقاب انتخاب ترامب وتصريحاته عن ضرورة تغيير سياسة إدارة أوباما تجاه قضايا السياسة الخارجية في المنطقة وفي العالم وأن هذا التغيير سيكشف أوراقاً كثيرة من سياساتهم التضليلية أمام الرأي العام. ففي فرنسا أجبر هولاند على الامتناع عن ترشيح نفسه لدورة رئاسية أخرى بعد أن وصلت شعبيته إلى الحضيض وفي ألمانيا بدأ الجمهور الألماني يحمل (ميركل) رئيسة الحكومة المسؤولية عن انتقال الإرهاب إلى العاصمة برلين بعد باريس وبروكسل وتدهورت علاقات التحالف الأميركي- الأوروبي والأوروبي- التركي التي كانت إدارة أوباما تستند إليها من أجل فرض أهدافها في تفتيت دول المنطقة وفي مقدمها سورية والعراق.. ولذلك يقول أحد الكتاب السياسيين في المجلة الإلكترونية واشنطن بلوغ (washingtonblog.com) أن الإدارات الأميركية استثمرت منظمة طالبان والقاعدة في كل الاتجاهات التي تخدم المصالح الأميركية ثم بقيت القاعدة قابلة للاستثمار حتى الآن على حين أن استثمار وتوظيف (داعش) منذ عام 2014 سينتهي لأن قوة تحالف أخرى تصدت بقيادة روسيا وإيران والصين وسورية وحزب الله لمجموعات داعش بكل قدراتها وحينئذ ستفقد الإدارة الأميركية فرصة استغلال هذا الاتجاه في سياسة منافستها وعدائها لدول كثيرة.
ولعل هذا ما جعل بعض مراكز الأبحاث الإسرائيلية تحذر من انتهاء «شعار حرب السنة على الشيعة» الذي أصبح على أولويات جدول عمل عدد من الدول العربية المتحالفة مع واشنطن المستفيد الأهم من نتائج هذا الشعار الذي راهنت عليه إدارة أوباما في تفتيت الدول المناهضة لسياستها.
فغياب جدول عمل من هذا القبيل خلال السنوات القليلة المقبلة سينقل المنطقة وعلاقاتها إلى مرحلة «ما بعد التخلص من داعش» وشعارات الزرقاوي والظواهري ويفتح بوابة واسعة لإعادة الإعمار والتنافس الاقتصادي إلى جانب التعاون الاقتصادي بين الدول التي تصدت للإرهاب التكفيري وتخلصت من أدواته.. ويبدو أن اختيار الرئيس الأميركي المنتخب ترامب لوزير خارجية من كبار رجال الأعمال في ساحة النفط والغاز سيوفر فرصة تركز فيها واشنطن على تحقيق مصالحها بناء على أولويات تجارية نفطية وخصوصاً أنها تحولت إلى دولة تنتج نفطاً صخرياً بمعدل طاقة تصدير 9 ملايين براميل يومياً وإذا ما صحت هذه الافتراضات فإن تراجعاً كبيراً سيطرأ على دور الشعارات القديمة الجديدة في عالم الإرهاب والانتقال إلى قواعد لعبة جديدة أهم ما فيها مشاركة أطراف كثيرة في ساحة العمل الإقليمي والدولي.