موسكو وفك العقد.. بقلم: سامر علي ضاحي

موسكو وفك العقد.. بقلم: سامر علي ضاحي

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٠ ديسمبر ٢٠١٦

يوماً بعد يوم تتزايد الأزمة السورية تعقيداً سواء في شقها السياسي أم شقها العسكري، وقد حملت الأيام الماضية تطورات لافتة أشارت إلى مخاض يتم التحضير له لم يعرف نوع مولوده بعد، ولا سيما مع إعلان الروس عن محادثات جديدة سيتم تنظيمها في الأستانا، وسيتولى الروس والأتراك والإيرانيون التحضير لها، في محاولة من الأطراف التي لها علاقة مباشرة بالحدث السوري لتحقيق نجاح ما أو اختراق جديد لجملة التعقيدات، بعدما فشلت محادثات جنيف بنقل الأطراف من المربع الأول، وفشل منسقها الأممي ستيفان دي ميستورا بنقلها إلى محادثات مباشرة.
وحتى اليوم لم تعرف بعد الأطراف المعارضة التي ستتحادث أو تتفاوض معها الحكومة السورية، وإن كان المتوقع إجراء محادثات مباشرة بين الحكومة ووفد معارضة موحد إلا أنه يظهر جلياً غياب الراعي الأميركي فيما يمكن اعتباره محاولة روسية لاستغلال المرحلة الانتقالية الرئاسية في واشنطن بين الرئيس الحالي باراك أوباما والمقبل دونالد ترامب، من جهة، وكذلك تراجع أهمية الملف السوري أكثر فأكثر على أولويات إدارة أوباما إذا ما لاحظنا غياب الملف اللافت عن المؤتمر الصحفي لمحادثات وزير خارجيته جون كيري مع نظيره السعودي عادل الجبير في السعودية قبل يومين وهما اللذان اعتادا الحديث عن هذا الملف في كل مؤتمراتهم الصحفية.
لكن في المقابل بمقدور الأميركان تعطيل أي اتفاق لا يستجيب لمصالحهم الشرق أوسطية، وإهمالهم الملف اليوم لا يعني تسليمهم بالمعركة الدبلوماسية في سورية ويمكن قراءة بداية تحول في مواقف ترامب فبعدما كان يشدد على ضرورة مكافحة داعش والتعاون في سورية بدأ يغازل الأتراك متحدثاً عن إقامة منطقة آمنة ولو أنه أكد أن تمويلها سيكون من دول الخليج.
وبموازاة ذلك ينسحب تراجع الدور السعودي إلى تراجع دور «الهيئة العليا للمفاوضات» التي بدا أنها لم تدرك التحول الحاصل بعد معركة حلب فواصلت اشتراط الانتقال «حكومة انتقالية» للمشاركة في أستانا وإن كان أحد لم يخطرها بطلب المشاركة أصلاً، في ظل تواصل الانسحابات من «الائتلاف المعارض، لعل بعضها سعي إلى شغور مقعد معارض مستقل في وفد المعارضة الموحد إلى أستانا إن حصل من جهة، ومحاولة الابتعاد عن الخط العام للائتلاف الذي يسير على النهج الإخواني حتى اليوم من جهة ثانية ولا سيما أن التكتل المعارض لم يعتبر جبهة النصرة حتى اليوم تنظيماً إرهابياً، وهو ما يعني إمكانية استبعاده أيضاً عن أستانا.
وعلى وقع الميدان الحلبي حصل توافق في مجلس الأمن لنشر مراقبين دوليين في حلب، وإن كانت موسكو حولت المشروع بنجاح إلى «اقتراح جيد» بعدما قرأت سموماً غربية في المشروع الفرنسي الذي عرض قبله بيوم واحد لنشر مراقبين دوليين في حلب يمكن توسيعه ليشمل باقي مناطق سورية مع ما يحمله ذلك من إمكانية فرض أمر واقع من تعدد مناطق نفوذ وكانتونات بإدارات مختلفة وإن لم ترتق إلى مفهوم «التقسيم».
هذا ويمكن قراءة التصويت الأميركي لمصلحة القرار الأممي أمس وكأنه قبول بالأمر الواقع في حلب التي فرض تقدم الجيش العربي السوري فيها اتفاقاً لإجلاء المسلحين والإرهابيين منها، مقابل إجلاء جرحى الفوعة وكفريا من إدلب، لكن النجاح الروسي في مجلس الأمن إذا ما أضيف إلى إقحام وزراء دفاع روسيا وإيران وتركيا في الاجتماع الثلاثي بين وزراء خارجية تلك الدول في موسكو اليوم يشير بدرجات كبيرة إلى سعي جدي روسي ليخرج «أستانا» بشيء جاد وفعلي على عكس جنيف تماماً.