كيف ينظر الإيرانيون إلى ترامب والاتفاق النووي؟.. بقلم: مصطفى اللباد

كيف ينظر الإيرانيون إلى ترامب والاتفاق النووي؟.. بقلم: مصطفى اللباد

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١٣ ديسمبر ٢٠١٦

منذ الإعلان عن فوز المرشح الرئاسي الأميركي دونالد ترامب بالانتخابات وبورصة التكهنات الشرق أوسطية تعمل على قدم وساق. التحليلات كلها تذهب باتجاه الرابحين أو الخاسرين المحتملين من وجوده في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، بناء على مؤشرات الحملة الانتخابية أو طبيعة فريقه الرئاسي. وتصدرت إيران قائمة المترقبين لوصوله الرئاسي وتداعياته، إذ إن الاتفاق النووي بين إيران والقوى الست الكبرى قد مثل ذروة النجاح للديبلوماسية الإيرانية في ضوء موازين القوى بين إيران وأميركا خصوصا. ومن شأن إعادة النظر في الاتفاق النووي أن يفتح الباب على احتمالات خطيرة لإيران، حتى مع التسليم بأن قرارا كهذا لن يكون سهلا على ترامب نظرا للطابع الدولي للاتفاق.
على مدار الأسابيع السابقة رأينا المرشحين لفريق ترامب الرئاسي أن كلهم معادون للنظام الإيراني. اليوم أستعرض معكم آراء إيرانيين غير متخصصين بالشؤون السياسية حول ترامب والاتفاق النووي. في يوم «الطالب الإيراني» قبل أيام قليلة، قام رئيس الجمهورية الإيرانية حسن روحاني بإلقاء محاضرة في جامعة طهران، التي تعد معقلا للحركة الطلابية في إيران ولها تاريخ سياسي في معارضة النظم القائمة من أيام الدكتور محمد مصدق مطلع الخمسينيات من القرن الماضي وحتى الحركة الطلابية المؤيدة للإصلاحيين قبل سنوات قليلة. مغزى اختيار المناسبة والمكان يؤكد على الارتباط الكبير بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية في إيران. شدد روحاني أنه وإدارته وإيران لن يسمحوا لترامب بإلغاء الاتفاق النووي مع طهران، في تصعيد محسوب بدقة ردا على المؤشرات السلبية الواردة من واشنطن. ولا يمكن أيضا استبعاد أن روحاني يستحضر عزم الطلاب لدعمه في الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد خمسة شهور من الآن، خصوصا انه وسطي وليس إصلاحيا كما كثير من الطلاب الإيرانيين.
ومن المعلوم أن انزلاق ترامب وإدارته نحو سيناريو تصعيدي ضد إيران في المرحلة المقبلة، سيضعف فرص روحاني في الانتخابات المقبلة، لأن المطلوب ساعتها سيكون التشدد لمواجهة الضغوط واتخاذ إجراءات تصعيدية. في الأحوال كافة ينشط نواب في البرلمان الإيراني لإعداد مشروع قانون يلزم الحكومة، في حال خرق الاتفاق من جانب ترامب وإدارته، بالعودة إلى تخصيب اليورانيوم بمستويات عالية تصل إلى عشرين في المئة مرة أخرى.
ومع ذلك، فالملاحظ أن إيران لم تغلق الباب أمام ترامب، برغم كل المؤشرات السلبية حتى الآن، في حذّر وبراعة معروفين عنها. لم يصدر بيان رسمي إيراني واحد يهاجم ترامب، بل انتظار وترقب لما سيكون عليه الأمر وكل طرف يحصي خياراته وإمكاناته. تلاحظ ازدحام الفندق الشهير في شمال طهران برجال الأعمال الآسيويين والأوروبيين، مثلما تلاحظ الأجهزة الكهربائية والاستهلاكية الأوروبية عموما والألمانية خصوصا، ما يعني أن العقوبات الاقتصادية التي فرضت على إيران لسنوات طوال بسبب برنامجها النووي قد أصبحت أمرا من الماضي. كذلك إعادة فرض عقوبات اقتصادية من طرف إدارة ترامب سيخلق تململا بين واشنطن وتحالفاتها الدولية، بسبب مصالح الأخيرين الاقتصادية في إيران.
محمد رضا موظف استقبال في الفندق الكبير بطهران يجيد اللغة الإنكليزية، غير متخصص بالسياسة، لكنه واسع الإطلاع على مجرياتها حين يتعلق الأمر بإيران ومستقبل علاقتها مع الغرب. يعتقد محمد رضا أن ترامب سيتوصل في النهاية إلى أن معاداة إيران وإلغاء الاتفاق النووي سيكلفانه ثمنا كبيرا، في حين سيفضي التعاون بين واشنطن وطهران إلى المزيد من الاستقرار في المنطقة. سياماك موظف في محل شهير للحلوى الإيرانية والفواكه المجففة، يعتقد أن الأمور غامضة ولا يمكن توقع ما سيحدث في الأشهر القليلة المقبلة على صعيد العلاقات الإيرانية-الأميركية، لأن مجريات الأحداث تتعلق إلى حد كبير بما يجري داخل واشنطن من صراعات بين جماعات المصالح، وبالتالي فالكرة في الملعب الأميركي.
تحيط بك الثلوج في شمال العاصمة طهران، وهي وإن خففت من التكدس المروري، إلا أنها لم تخفض الحرارة الكامنة في التحليلات السياسية حتى بين غير المتخصصين. تفصلنا ستة أسابيع عن تولي ترامب رسميا مقاليد السلطة في البيت الأبيض، وحتى ذلك الحين سترتفع بورصة التحليلات والتكهنات حتى تنتقل إلى صورة أكثر ثباتا، ما يجعل من عملية التحليل السياسي أمرا أكثر سهولة.